جنود من الجيش العراقي

ألقت الأزمة السورية بظلالها على الجانب العراقي لتفجر الخلافات بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان الى توتر عسكري كاد يتسبب بقتال بينهما.


أمستردام: كاد تحرك قوات اتحادية عراقية نحو الحدود السورية قرب محافظة دهوك الكردية، يتسبب باندلاع قتال بين القوات العراقية وقوات البيشمركا (حرس إقليم كردستان العراق) المنتشرة قرب الحدود السورية شمالا.
وتضاربت الأنباء منذ مساء أمس الجمعة ونهار اليوم السبت، بين نفي كردي وتأكيد حكومي عراقي، حيث أصدر الجانبان بيانين حول ما جرى قبالة الحدود السورية مع العراق.

ففي وقت قال بيان لمكتب القائد العام للقوات المسلحة في بغداد quot;إن قرار نشر قوات الجيش والشرطة الإتحادية علی مسافة 600 کيلو متر علی الحدود المشترکة بين العراق وسوريا جاء لمنع التداعيات السلبية لما يجري في سوريا علی الأوضاع الأمنية في العراق، ولم يکن هدفه إقليم کردستانquot;.
لكن وكيل وزارة البيشمركة اللواء أنور الحاج عثمان أعلن أن لواءين من الجيش العراقي هاجما قوات اللواء الثامن التابع لوزارة البيشمركة التي تتمركز في مناطق خابور وزمار على الحدود العراقية السورية.

وتشهد العلاقات بين الاقليم الكردي العراقي والحكومة المركزية في بغداد خلافات متواصلة بينها وضع حرس الاقليم (البيشمرغا) واجورهم الشهرية ومناطق تواجدهم، حيث يتهمها المركز بتجاوز حدود الاقليم في محافظات نينوى وديالى وكركوك. وهو ما تنفيه حكومة الاقليم.
غير أن وزارة البيشمركة في إقليم كردستان العراق نفت الأنباء التي تحدثت عن اشتباك مع الجيش العراقي في مناطق حدودية مع سوريا، لكنها أكدت أن قواتها منعت قوات الجيش من التمركز في تلك المناطق وفق تصريحات الأمين العام لوزارة البيشمركة جبار ياور في حديث لـوكالة quot;السومرية نيوزquot; المحلية، مبينا أن quot;قوات من اللواء الثامن التابع لوزارة البيشمركة المتمركزة في مناطق خابور وزمار على الحدود العراقية السورية منعت قوات من الجيش العراقي من التمركز في هذه المنطقة، من دون حدوث أي اشتباك بين القوتينquot;.

وترى بغداد quot;أن الحفاظ علی سيادة البلاد وحماية الحدود هي مسؤولية الحکومة الإتحادية حصريا وليست من صلاحية الإقليم أو المحافظة ، وان تقدير الموقف هو من اختصاص القائد العام للقوات المسلحة ومجلس الأمن الوطني الذي وجد أن الأوضاع علی الحدود المشترکة مع سوريا بحاجة إلی مزيد من الإجراءات الإحتياطيةquot;.
ويتحاجج الجانبان بالدستور في أماكن تواجدهما إذ ترى بغداد أن quot; تصرفات قوات الإقليم تعد مخالفة للدستور ، وکادت تؤدي إلی حدوث نزاع مع القوات المسلحة ، کما ان عبور قوات الإقليم إلی حدود محافظة نينوی والسيطرة عليها وعلی مفاصل إدارية فيها وإشهار السلاح والتهديد به من قبل قوات البيشمرکة يمثل ظاهرة خطيرة لا تحمد عقباهاquot;.

وقد حذر رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني في منتصف الشهر الحالي من وجود تحركات عسكرية لوحدات من الجيش العراقي تجاه مدن إقليم كردستان.
واتهمت لجنة البيشمركة في برلمان إقليم كردستان في الثاني والعشرين من تموز الحالي الحكومة الاتحادية بـquot;التنصل من تسليح قوات حرس الإقليم لأسباب سياسيةquot;، معتبرة أنها تهربت من التزاماتها الدستورية تجاه قوة وطنية ساهمت مساهمة فاعلة في إسقاط الدكتاتورية.

ويرى رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي أن quot;سيادة البلاد وحماية الحدود هي مسؤولية الحکومة الإتحادية حصريا وليست من صلاحية الإقليم أو المحافظةquot;.
وكان رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني شنّ في العشرينمن شهر آذار الماضي عشية احتفال الشعب الكردي بعيد نوروز، هجوما عنيفا ضد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اتهمه بالتمسك بالسلطة وتهميش الشركاء والدكتاتورية.

متخوفا مما أسماه quot;تشكيل جيش مليوني في البلاد quot;يدين بالولاء لشخص واحد جمع السلطة بيديهquot;، قائلا quot;كفى لذلك الشخص الذي يحمل صفة القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات وغيرها من المناصب. ورأى البارزاني أن العراق يتجه نحو quot;الهاوية بسبب تمسك فئة بالسلطة تريد جرّه إلى الدكتاتوريةquot;. وهدّد بارزاني بانفصال الاقليم فيما لو بقي المالكي في السلطة.
واعقب ذلك الانتقاد دخول البلاد في أزمة سياسية حيث طالبت أطراف في القائمة العراقية والتيار الصدري والتحالف الكردستاني بسحب الثقة من المالكي قبل أن يتراجع عدد من نواب الكتل ذاتها عن مطلب سحب الثقة ويبدله بطلب الاصلاح الذي لما يزل يشهد لقاءات وخلافات واتفاقات بشأنه.

وتنص المادة 116 من الدستور العراقي على أن يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمةٍ واقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ وإداراتٍ محلية.
فيما تنص المادة 117 منه على أن: أولاً :ـ يقر هذا الدستور، عند نفاذه، اقليم كردستان وسلطاته القائمة، اقليماً اتحادياً.

ثانياً :ـ يقر هذا الدستور، الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لاحكامه.
لكن حلم انفصال الكرد عن العراق في دولة لما يزل لدى جميع الكرد العراقيين، رغم ما نص عليه الدستور العراقي الذي يعترض عليه اليوم حتى الذين شاركوا في كتابته على عجل.
ويرى عدد من الساسة العراقيين أن الاقليم بات عبئاً على الدولة المركزية مالياً وسياسياً وأمنياً، من خلال نسبة الـ 17% من الميزانية وعدد الوزراء الكرد في الحكومة العراقية الذين يرى بعضهم أنهم يعملون لصالح الإقليم اكثر من بقية المحافظات إضافة الى جيش البيشمركة الذي هو جيش خاص بالاقليم الذي يرغبون في انفصاله في واقعه الحالي.

يذكر أن العراق يشهد خلافات منذ تشكيل الحكومة العراقية التي جاءت بعد مخاض عسير دام نحو تسعة أشهر على خلفية خلافات بين الكتل على تشكيلها، لكنها بقيت من دون الوزارات الأمنية الداخلية والدفاع والمخابرات التي توزّعت بين المكونات الرئيسة في العراق الشيعة والسنة والكرد. لكنها بقيت تدار حتى اليوم بالوكالة وبإشراف رئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، الامر الذي جعل بقية الكتل تتهمه بالتفرد والدكتاتورية وعدم إشراك بقية الكتل في القرارات السياسية، وهو ما ينفيه ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الحكومة نوري المالكي.
إضافة إلى الخلافات المالية بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان بسبب عقود النفط ورواتب حرس الاقليم (البيشمركة).