فر اللاجئون السوريون إلى العراق بحثاً عن الحياة الأفضل بعدما باتت بلادهم مسرحاًللمعارك بين الجيش الحر والنظامي،لكن هؤلاء ينتقدون الظروف التي يعيشونها في البلد الشقيق وخاصة أنهجرى تجميع بعضهمفي مخيمات تفتقد للكثير من المقومات الحياتية.


القائم:يبدو احمد صالح حنوش اللاجىء السوري في مدينة القائم العراقية شاحب الوجه في دشداشته البيضاء المتسخة، وهو يروي كيف توفي ابنه امام عينيه بعدما عجز عن ايجاد مستلزمات علاجه اثر اصابته بقصف للقوات النظامية السورية.

العائلات السورية تواصل فرارها الى دول الجوار

ويقول حنوش (53 عامًا) الهارب من مدينة البوكمال الى القائم بعدما فتح العراق ابوابه للاجئين السوريين: quot;اصيب ابني بقذيفة عندما كان في حديقة المنزل يتحدث على الهاتفquot;.

ويضيف الاب لخمسة اولاد وهو يربت على رأسي ابنتيه الجالستين قربه على ارض مدرسة تحتضن مئات اللاجئين السوريين: quot;اصيب في صدره ورجله ويده. نقلته الى مستشفى ميداني لكننا لم نجد هناك حتى ما يعقم جروحه وينظفهاquot;.

ويتوقف لحظة وقد بدت علامات التأثر على وجهه، ثم يتابع: quot;توفي امام عيني. حاولت، لكنني لم استطع أن اقدم له شيئًاquot;.

وحنوش واحد من بين مئات اللاجئين السوريين الذين بدأوا منذ الثلاثاء يتوافدون على القائم (340 كلم غرب بغداد) هربًا من اعمال العنف والحصار المفروض على البوكمال منذ نحو شهرين، بحسب ما يؤكد سكانها.

ويشير مسعف في البوكمال رفض كشف اسمه في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس أن نحو 30 شخصًا قتلوا في الاسبوع الاخير جراء عمليات قصف القوات النظامية على المدينة.

وتقول العراقية السورية ميسم ام خالد (35 سنة) وهي ام لثلاثة اطفال: quot;عشت رعبًا استمر لثلاثة اسابيع، وتحديدًا منذ أن خرج زوجي احمد الى دمشق لتلقي العلاج ولم يعد، فيما هاتفه مغلق منذ ذلك الحينquot;.

وتوضح: quot;لم اكن اعرف ماذا افعل خلال الليل، فالليل هو للقذائف التي تنهمر مثل المطر. جحيم يثور لساعات، ثم يهدأ، ثم يثور من جديدquot;.

وبدأ اللاجئون السوريون بالتوافد الى الحدود اثر قرار الحكومة العراقية الثلاثاء بناء مخيمات لهم عند معبري القائم (البوكمال) في الانبار وربيعة (اليعربية) في محافظة نينوى.

ويخضع معبر البوكمال أو القائم كما يسمى في الجانب العراقي، لسيطرة المعارضة السورية المسلحة منذ الخميس الماضي، بينما يخضع معبر اليعربية، أو ربيعة كما يسمى في العراق، الى سيطرة القوات النظامية السورية.

وتشترك سوريا مع العراق بحدود تمتد لحوالي 600 كلم، يقع اكثر من نصفها تقريبًا في محافظة الانبار.

المعارك مستمرة بين الجيش الحر والنظامي

واعلن المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ في بيان اليوم أنه تقرر تشكيل لجنة اغاثة برئاسة وزير الهجرة والمهجرين وممثلين لوزارات الدفاع والداخلية والنقل والهلال الاحمر العراقي ومحافظتي نينوى والانبار.

وقال مصدر رفيع المستوى في القائم لفرانس برس: quot;عبر حتى الآن حوالي 750 شخصًا من البوكمال، 250 منهم يحملون الجنسية المزدوجة العراقية والسورية، والباقون يحملون الجنسية السورية، وغالبيتهم من النساءquot;.

وذكر الطبيب انس فاضل من مستشفى القائم: quot;تلقينا عشرة جرحى من اللاجئين السوريين وادخلوا الى المستشفى بحماية السلطات كونهم لا يمتلكون الجوازات السورية بل الهويات فقطquot;.

وفي المدرسة حيث يعيش صالح حنوش وعائلته، وهي واحدة من ثلاث مدارس فتحت ابوابها للاجئين بانتظار استكمال بناء المخيمات في منطقة صحراوية تبعد نحو ستة كيلومترات عن شرق القائم، تفترش الامتعة أرض الباحة الرئيسية.

وبين الامتعة ترقد عائلات لا تقوى على فعل شيء الا الانتظار في طقس حار يلامس الخمسين درجة مئوية، فيما تتوزع عائلات أخرى على ثمانية صفوف دراسية تغيب عنها الكهرباء.

وتحرس قوات من الشرطة والجيش مدخل المدرسة هذه والمدرستين الأخريين، ولا تسمح لأحد بالخروج منها، بل تعطي موافقتها على دخول اقرباء للاجئين فقط، علما أن القائم تسكنها عشائر تجمعها علاقات عمومة ومصاهرة مع عشائر أخرى سورية.

ويقول عبد الناصر ابو جمال لفرانس برس: quot;هربنا من العنف الطائفي في حمص الى البوكمال كونها منطقة ريفية وآمنة، وعندما تعرضت للقصف سمعنا بقرار الحكومة العراقية أنها ستدخل اللاجئين، فقررنا المجيء الى هناquot;.

ويضيف: quot;ليتنا لم نأتِ، هذا مكب للنفايات وليس مكانًا للسكنquot;.

وتتصاعد بين الحين والآخر صرخات اشخاص وهم يقولون: quot;الحكومة كذبت علينا، الحكومة كذبت عليناquot;.

ويقول شاب (25 عامًا) رفض كشف اسمه: quot;كنا في سجن كبير، واصبحنا في سجن صغير. هناك يمكن أن نموت في خمس دقائق اذا اصابتنا قذيفة، لكن هنا يبدو اننا سنموت ببطء. اعيدونا الى البوكمالquot;.