نقاش حول شرعية الحكومة والمجلس التأسيسي في تونس

يدور نقاش في تونس حول شرعية الحكومة والمجلس التأسيسي، حيث تعتبر الأولى متهمة بتأخير كتابة الدستور للبقاء في الحكم مدة أطول، في وقت ترتفع الأصوات مطالبة بانجاز الدستور بأسرع وقت ممكن، واعتبار الحكومة والمجلس التأسيسي فاقدين للشرعية بعد تاريخ 23 تشرين الأول.


جاء في الرائد الرسمي بتاريخ 09 أغسطس 2011 ضمن الأمر المتعلق بدعوة الناخبين لإنتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011، وفي الفصل السادس ما يلي: quot;يجتمع المجلس الوطني التأسيسي بعد تصريح الهيئة المركزية العليا المستقلة للإنتخابات بالنتائج النهائية للإقتراع، ويتولى إعداد دستور للبلاد في أجل أقصاه سنة من تاريخ انتخابه .quot;

كما أن الأمر الصادر في أيار (مايو) 2011 حدّد مدة المجلس بسنة واحدة، ولكن المقرر العام للدستور الحبيب خذر، أكد منذ أيام أنّ الدستور لن يكون جاهزًا قبل نهاية شباط (فبراير) 2013، وهو ما جعل بعض الأصوات تتعالى في الفترة الأخيرة متهمة الحكومة بتعمد تأخير كتابة الدستور للبقاء أكثر وقت ممكن في الحكم والتغلغل في دواليب الدولة، ومنادية في الوقت ذاتهبضرورة إنهاء إعداد الدستور حتى 23 أكتوبر 2012، واعتبار الحكومة فاقدة للشرعية بعد هذا التاريخ .

الحكومة وعدد من الأحزاب السياسية إلى جانب خبراء في القانون أكدوا أنّه لا يمكن تحديد مدة شرعية الحكومة بعام واحد بناء على ما جاء في الفصل السادس من أمر 09 آب (أغسطس) 2011 و انتظار الإنتهاء من إعداد الدستور وإجراء الإنتخابات.
وقد تصاعد الجدل حول تحديد الفترة الزمنية للمجلس التأسيسي وشرعية الحكومة، بعد تأكيد رئيس حركة نداء تونس ورئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي على أنّ شرعيتي المجلس التأسيسي والحكومة تنتهيان في 23 أكتوبر 2012 .

المجلس سيّد نفسه

أكدت النائبة الأولى لرئيس المجلس التأسيسي وعضو حركة النهضة محرزية العبيدي: quot;ما من أحد يحقّ له تحديد فترة محددة بعينها لعمل المجلس الوطني التأسيسي وهو السلطة العليا في البلادquot;، مشيرة إلى أنّ: quot;شرعية المجلس التأسيسي يحددها بنفسه من خلال اتفاق النواب على تواريخ محددة لكتابة الدستورquot;.
وأفادت محرزية العبيدي أنّ: quot;المجلس التأسيسي لا يهتم بالضغوط الخارجية ولا يقبلها، لأنه سيّد نفسه من خلال شرعيته الإنتخابية وتكليف الشعب له بكتابة الدستور، وبالتالي هو الذي يحدد أعماله وفق روزنامة محددةquot; .

من ناحيته، أكد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة نجيب الغربي أنه يستغرب الحديث عن تأخير في كتابة الدستور لأن الوقت الذي تم استهلاكه كان للنقاش في عديد الجوانب الهامة سواء ما يتعلق بالدستور أو كذلك بمعاملات أخرى كمناقشة الميزانية وبعض القوانين .
وأضاف الغربي في تصريح لـquot;إيلافquot;: quot;لقد التزم رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر بكتابة الدستور قبل 23 تشرين الأول (أكتوبر) القادم، وبالتالي فإنّ النواب سيعملون جاهدين من أجل الإنتهاء من إعدادهquot;.

وأشارت عضو المجلس التأسيسي عن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، لبنى الجريبي، في تصريح لـquot;إيلاف quot;، الى أنّ الدستور يمكن أن يكون جاهزاً في التاريخ الذي حدده رئيس المجلس مصطفى بن جعفر .
وأضافت الجريبي أن الشرعية التي يتحدثون عنها مستمدة أساسًا من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، وهي في الواقع شرعية توافقية، والتي لا يمكن اعتبارها أمام الشرعية الإنتخابية للمجلس التأسيسي الذي خوّل له الشعب كتابة الدستور، وأعربت في الوقت ذاتهعن تخوّفها من الدعوات إلى نزع الشرعية عن المجلس التأسيسي والحكومة لأن ذلك سيؤدي بنا إلى المصير المجهول.

وقالت الجريبي: quot;لا بأس من إضافة مدة أخرى من أجل كتابة دستور يعبر عن جميع أفراد الشعب التونسي لأن ذلك يتطلب المزيد من التشاور والمفاوضات والنقاشات وبالتالي المزيد من الوقتquot;.
وقال مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي خلال افتتاح مؤتمر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية: quot;الحديث عن فقدان المجلس التأسيسي لشرعيته بعد 23 أكتوبر القادم لا يستند إلى أي مؤيدات قانونية، لأن المجلس يعتبر سيّد نفسه و شرعيته لن تنتهي يوم 23 أكتوبر وواهم من يعتقد ذلكquot;.

شرعية توافقية

رضا بلحاج الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس أكد أن quot;شرعية الحكومة والمجلس التأسيسي تنتهي فعلاً في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2012quot; معتمدًا على الوثيقة التي كان أمضاها قادة الأحزاب ومن بينهم حركة النهضة وحزب التكتل، ضلعا الإئتلاف الحاكم في 15 أيلول (سبتمبر) 2011 وفيها تم التنصيص على أنّ مهمة المجلس التأسيسي لا يمكن أن تتجاوز مدة السنة من تاريخ انتخابه، وبالتالي فإنّ quot;الشرعية الإنتخابية ستنتهي في مدة السنة أي يوم 23 أكتوبر 2012 quot; .

وأضاف رضا بلحاج في تصريح لـquot;إيلافquot;: quot;بعد تاريخ 23 أكتوبر 2012 سيفقد كل من المجلس التأسيسي والحكومة شرعيته، وحتى لا تدخل البلاد في أزمة حول الشرعية، تصبح شرعية التوافق هي القائمة، وبالتالي يجب الإقرار بالشرعية التوافقية بين كل الفرقاء السياسيين والمجتمع المدنيquot;.
وبيّن الناطق الرسمي باسم حركة نداء تونس أنّ الشرعية التوافقية تقتضي الإتفاق على برنامج وطني يتضمن تحديد جدولة المواعيد الإنتخابية وبرنامج لمختلف الإستحقاقات ومن ضمنها الإنتهاء من إعداد الدستورquot; .

فيما استنكر الناطق الرسمي باسم حركة وفاء، فتحي الجربي التقدم البطيء داخل المجلس التأسيسي من أجل استكمال إعداد دستور للبلاد، وهو العمل الرئيسي الذي انتخب من أجله، ولكن رغم مرور نحو عشرة أشهر مازال الدستور يراوح مكانه .
وأضاف الجربي في تصريح لـquot; إيلافquot; :quot; أمام هذا التباطؤ من غير الممكن أن يجهز الدستور قبل موعد 23 أكتوبر القادم، بسبب النقاشات الجانبية والعقيمة التي ميزت جلسات المجلس، وبالتالي لا بد من تحديد مواعيد واضحة لبقية الإستحقاقاتquot; .

خطر على الدولة

أوضح الخبير في القانون الدستوري قيس سعيد في تصريح لـquot;إيلافquot; ليس من حقّ أحد تحديد فترة شرعية المجلس التأسيسي والحكومة، أو اعتبار بداية الشرعية ونهايتها، فعدم الإعتراف بالحكومة والمجلس التأسيسي يمثل quot;خطرًا على الدولة quot; ويكون له تأثير مباشر على استقرار البلاد .
وأضاف قيس سعيد: quot;يعتبر المجلس الوطني التأسيسي السلطة العليا في البلاد، وبالتالي لا أحد، شخصًا أو مؤسسة، يمكنه تحديد مدة عمله بناء على الأمر 1086 لسنة 2011، والذي أصدره رئيس الجمهورية السابق في 03 آب (أغسطس) 2011 .quot;

وأكد سعيد: quot;قانونيًا ليس بمقدور أي سلطة موقتة أن تحدد اختصاص ومدة عمل السلطة الأصلية التأسيسية، وهي الأعلى مرتبة في الدولة، وفي هذه الحالة، هي المجلس الوطني التأسيسيquot; .
وأشار الخبير القانوني إلى أنّه على المجلس التأسيسي، كسلطة عليا، أن يحدّد فترة عمله لإعداد الدستور .
وقال: quot;بعيدًا عن أية وثيقة أو أمر سابق على غرار الأمر الذي أصدره رئيس الجمهورية السابق، فإن المجلس الـتأسيسي مطالب بتحديد مدة إعداد الدستور ومواعيد الإنتخابات القادمة وإعلان ذلك للشعب حتى يكون الجميع على بيّنة من ذلكquot;.