يسيطر العلويون على الجيش السوري

حوّل انشقاق الكثير من أبناء الطائفة السنية عن الجيش السوري وانضمامهم إلى صفوف المعارضة، قوات الرئيس بشار الأسد إلى ما يشبه quot;ميليشيا عسكريةquot; تسيطر عليها الطائفة العلوية التيما زالت تؤكد دعمها للأسد.


بعد أن بات من المعتاد بصورة يومية أن يتم تشييع جثامين جنود تابعين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد من المستشفى العسكري في اللاذقية، واستقبال ذويهم لهم على أنهم quot;شهداءquot;، بدأ يتزايد التركيز على تلك الطائفة التي ينتمي لها كثير من هؤلاء الجنود، وهي الطائفة العلوية، التي تشكل ما نسبته 12 % فقط من سكان البلاد الذين يقدر عددهم بـ 22.5 مليون نسمة، حيث يلعب العلويون، مع اشتداد الحرب المستعرة، دوراً حاسماً ومثيراً للجدل في الدفاع عن نظام الأسد.

ويرى كثير من العلويين أنهم خط الدفاع الأول والأخير لبلدهم، وأنهم قد يكونون على صواب، خاصة بعد انضمام باقي الجماعات الطائفية، التي من بينها كثير من السنة والأكراد، إلى صفوف المعارضة، أو انسحابهم من الدوائر الحكومية بصورة تامة.

ونقلت في هذا السياق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن جوشوا لانديس، وهو خبير في الشأن السوري لدى جامعة أوكلاهوما، قوله :quot; يتحول الجيش السوري الآن إلى ميليشيا علوية. ومع انشقاق السنة، يتم استقدام المزيد والمزيد من العلويينquot;.

لكن الصحيفة أوضحت أن العلويين بدأوا يجدون أنفسهم يدافعون عن نظام، لاقت هجماته العنيفة التي بدأت أولاً ضد المتظاهرين ثم المعارضين المسلحين، تنديداً دولياً. وقال ناشطون إن المدنيين العزل يتم قتلهم بشكل وحشي، في الوقت الذي تتعامل فيه الحكومة مع المعارضة على أنها quot;عصابات مسلحةquot; أو quot;جماعات إرهابية مرتزقةquot;.

ثم نوهت الصحيفة بأنه لم تتح أي معلومات حتى الآن تبين ما إن كان العلويون قد تورطوا في تلك العملية العسكرية التي راح ضحيتها الأسبوع الماضي المئات من السوريين في إحدى ضواحي العاصمة دمشق، وتلك العملية، كما وصفها ناشطون، هي واحدة من أكثر الهجمات عنفاً منذ بدء الانتفاضة قبل 18 شهراً، حيث كان الجنود يطلقون النيران على الرجال والسيدات والأطفال بينما كانوا يلوذون بالفرار.

بيد أن خبراء معنيين بشؤون الجيش السوري أوضحوا أن جنودا وضباط أمن من الطائفة العلوية قادوا حملات قمعية عنيفة أخرى ضد المعارضة. فيما أكد محللون أن تلك الهجمات تركت بوضوح الطائفة تواجه خطر التعرض للانتقام حال سقوط الحكومة.

وقال فريق من المحللين وشخصيات في المعارضة إن مسؤولي النظام يُحضِّرون في تلك الأثناء خطة بديلة للانسحاب إلى الحصون الجبلية بطول ساحل سوريا، ربما رفقة مخبأ الأسلحة الكيميائية، وذلك في حالة خسارتهم المعركة في المدينتين الرئيستين، حلب ودمشق، حيث تتواصل عمليات القتال هناك في غضون ذلك بشكل يومي.

ثم تحدثت الصحيفة عن وجود جزء من أكبر تجمعات العلويين في العالم في محافظة اللاذقية، خصوصاً في القرى الموجودة في التلال المحيطة، مضيفةً أن والد الرئيس، حافظ الأسد، نشأ من إحدى تلك القرى القاحلة لكي يصبح رئيساً للبلاد عام 1971، وقد اعتمد بشكل كبير على رفاقه من العلويين ليشغلوا أرفع المناصب في الجيش والمخابرات.

فيما أكد معظم العلويين اليوم أن دعمهم للنظام أمر ثابت، مؤكدين أن بلادهم تواجه مؤامرة إرهابية خارجية عازمة على تدمير سوريا. وقال رامي محفوظ، 29 عاماً، وهو علوي من قرية قريبة من اللاذقية :quot; نحن موالون للرئيس ليس لشخصه، وإنما لكونه رمزًا للدولةquot;. ومع هذا، فإن هناك من العلويين من يرفضون الأسد، ويكفي أنهم يقولون في ما بينهم quot; نحصل على الأكفان، وأنتم تحصلون على القصورquot;، وذلك بعدما بدأوا يسأمون مقتل العشرات من الجنود العلويين بصورة يومية.

أما الباقون فيرون أن هؤلاء الجنود quot;شهداءquot;، ويتعاملون على الجنازات على أنها احتفالات، نظراً لوفاة هؤلاء الأشخاص وهم يدافعون عن وطنهم. إلى ذلك، مضت الصحيفة تنوه بأن ثروات العلويين بدأت تتزايد في العصر الحديث وتحديداً في أواخر ستينات القرن الماضي، فضلاً عن الوضعية الخاصة التي بدأوا يكتسبونها في عصر عائلة الأسد، بصورة لم تحدث من قبل إلا في مراحل زمنية قليلة طوال تاريخهم.

ومع ذلك، أكدت ستريت جورنال أن تلك الانتفاضة التي تشهدها البلاد حالياً جاءت لتشكل ضغوطاً غير مسبوقة على طائفة العلويين، لافتةً إلى أن التساؤل الذي يفرض نفسه الآن هو عن الطريقة التي سيتعامل من خلالها العلويون مع الاضطرابات المتنامية في البلاد، معتبرةً ذلك الأمر من العوامل الحاسمة التي ستحدد ما إن كانت البلاد ستدخل في حرب أهلية شاملة أم ستنجح في تجاوز الفتن الطائفية.
وختاماً، نقلت الصحيفة عن محللين وناشطين علويين محليين تساؤلهم عما إن كانت ستؤدي المجاهرة بتقديم الدعم المتشدد للنظام إلى تمزيق الطائفة العلوية في نهاية المطاف إذا كان النظام ماضيًا في طريقه لفقدان السيطرة على جزء كبير من البلاد.