غموض يلف مصير اللاجئين السوريين المشردين على الحدود
تسبب الدعم الذي مازالت تقدمه الحكومة التركية لقوى المعارضة السورية في مدينة أنطاكيا، الواقعة على الحدود التركية - السورية، في إثارة غضب واحتقان المواطنين المحليين الذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد.
ورغم وجود دعم كبير لنظام الأسد العلوي في أنطاكيا، حيث يوجد عدد كبير من العلويين هناك، وتنامي مشاعر العداء تجاه الثوار والمنشقين السوريين الذين اتخذوا من المدينة مقراً مؤقتاً لهم، إلا أن الدعم الواضح الذي تقدمه تركيا هناك لقوى المعارضة السورية جاء ليقلب معايير التوازن العرقي الدقيق القائم في المدينة.
وفي حديث له مع صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية، قال لاجئ سوري يدعى عبد الحفيظ عبد الرحمن، سبق له أن لاذ بالفرار من سوريا، ووصل إلى أنطاكيا قبل عدة أشهر من بدء الانتفاضة المطالبة برحيل الأسد :quot; كان لدي الكثير من الأصدقاء العلويين هنا. وحين أخبرتهم من قبل أني لاجئ، عبروا عن احترامهم وتقديرهم لي. لكنهم لم يعودوا يحيونني في الشارع بعد الآنquot;. وأعقبت الصحيفة بقولها إن الإحباط السائد الآن في أنطاكيا نتيجة سماح الحكومة للمنشقين والمعارضين السوريين بالعمل على الأراضي التركية قد يثير توترات عرقية أكبر في البلاد.
جدير بالذكر أن حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تدعم بقوة المعارضة في سوريا، وسبق لها أن طالبت برحيل نظام الأسد. وقال بولنت علي رضا، مدير برنامج تركيا لدى مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في واشنطن quot; رغم أن تركيا دولة علمانية، إلا أنه ينظر إليها بشكل متزايد باعتبارها طرف سني ( في الصراع السوري ) إلى جانب السعودية وقطر. وهو ما يؤثر حتماً على الجسم السياسيquot;.
واتهم في الـ 26 من الشهر الجاري زعيم حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب المعارضة الأبرز في تركيا، الحكومة في بلاده بتدريب مقاتلين سوريين مناهضين لنظام الأسد، بعد أن مُنِع وفد من حزبه من دخول إحدى مخيمات اللاجئين المقامة بطول الحدود.
وفي مقابل ذلك، أنكرت أنقرة تقديمها الدعم للمعارضة السورية المسلحة، أو سماحها لها بالعمل بحرية من فوق الأراضي التركية. لكن خلال زيارة قام بها يوم أمس مراسل الصحيفة لمعبر ريحانلي الحدودي قرب أنطاكيا، قال احد قادة الثوار الذي كان ينتظر هناك إن السلطات تسمح له بالعبور إلى سوريا رغم عدم امتلاكه جواز سفر.
في غضون ذلك، بدأت تتزايد التوترات في أنطاكيا، حيث تظاهر بعض السكان الأسبوع الماضي للمطالبة بترحيل المواطنين السوريين. في حين قال ناشطون سوريون للصحيفة إنهم دُعوا لحضور اجتماع مع مسؤولين عسكريين وآخرين من البلدية، وأُخبِروا أنه سيتعين عليهم مغادرة المدينة حفاظاً على أمنهم الخاص. وفي مقابل ذلك، نفى مسؤولون أتراك للصحيفة أن يكون اجتماع كهذا قد تم إجرائه من الأساس.
ومضت الصحيفة تنقل عن محمد علي اديبغلو، وهو عضو محلي بالبرلمان عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، قوله :quot; يعيش الناس في هاتاي مع بعضهم البعض منذ آلاف السنين دون النظر إلى العرقية أو إلى الدين. وقد بدأت تتأثر تلك الوحدة نتيجة الحقيقة التي تتحدث عن وجود محاولات لتغيير النظام في سوريا وظهور مخاوف من اندلاع حرب طائفية. والمشكلة ليست متعلقة باللاجئين القادمين لأنطاكيا، وإنما بالمتشددين السوريين الذين تسلحهم الحكومة بغية العودة إلى سورياquot;.
واتهم اديبغلو الحكومة بانتهاجها سياسة خارجية طائفية، مضيفاً quot; الحكومة التركية لا تدعم حركة علمانية، بل تدعم حركة سنية لا يريدها حتى المواطنون السنةquot;.
بينما سبق لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أن أكد مراراً وتكراراً أن معارضته لحكومة الأسد ناتجة عن انتهاكات النظام لحقوق الإنسان وليس لتضامنها مع المعارضة السنية ذات الأغلبية المناهضة للنظام. وختمت الصحيفة بقولها إنه وبغض النظر عن الدوافع التي تقف وراء دعم أنقرة للمعارضة، بدأ يتخوف البعض من أن ترد دمشق على موقف تركيا المتشدد من خلال محاولة إثارة العداوات مع الأقليات التي لطالما سعت تركيا جاهدةً لقمعها، لاسيما مع الأكراد، الذين يقدر عددهم بحوالي 20 مليون في تركيا، ويواجهون اضطهاداً حكومياً منذ عقود.