طرح القانونيون والسياسيون تساؤلات مهمة حول مصير البلاغات المقدمة إلى النائب العام، والتي تطالب بمحاكمة المشير طنطاوي، ومدى قدرة الرئيس محمد مرسي على اتخاذ قرار بتمرير تلك البلاغات من عدمه.
المشير طنطاوي (يمين) ومحمد مرسي |
أحمد حسن من القاهرة: يرى الخبراء السياسيون والقانونيون أن الرئيس محمد مرسي في مأزق شديد بعد البلاغات المقدمة إلى النائب العام ضد المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة سابقًا، حيث إن الأمر لا يتعلق بالقضاء والنيابة فقط، بل يحتاج قرارًا سياسيًا لتمرير تلك البلاغات، واستدعاء المشير للتحقيق معه، فلا بد للرئيس محمد مرسي من دراسة الموقف القانوني والسياسي جيدًا قبل اتخاذ تلك الخطوة الخطرة، التي قد تكون سببًا لنزول ملايين المواطنين إلى الشارع وميادين مصر؛ اعتراضًا على هذا القرار.
ويرى الدكتور صلاح حسب الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنها ورئيس حزب المواطن المصري، أن الرئيس محمد مرسي سوف يضع نفسه في مأزق، وسيواجه سيناريو الرعب، في حالة سماع كلام مستشاريه والمقرّبين منه بتحويل المشير طنطاوي إلى المحاكمة، بناء على البلاغات المقدمة ضده، وبالتالي صدور حكم بالسجن في حالة إدانته.
ولفت انتباهنا إلى أن هناك البعض من المقرّبين للرئيس يميلون إلى هذا الاتجاه، على رأسهم المستشار أحمد مكي وزير العدل، بعد تلميحه إلى أن قلادة النيل وتعيين المشير مستشارًا للرئيس لا يحميانه من المساءلة أمام النيابة في البلاغات المقدمة ضده، وهو ما أكده أحمد أبو بركة مستشار الإخوان.
وقال لـquot;إيلافquot;: إن قرار محاكمة المشير وتفعيل البلاغات ليس في يد النيابة العامة، ومن بعدها القضاء، فالأمر يحتاج قرارًا سياسيًا أولاً، وهذه المسألة تحتاج حنكة من الرئيس محمد مرسي، حيث يتوقع أن يكون هناك رفض نسبي من الشعب المصري، فلا يمكن تجاهل الـ 12 مليون صوت، إلى جانب الطبقة الصامتة الشعبية، التي ترى أن المجلس العسكري قام بدوره على أكمل وجه خلال إدارته للفترة الانتقالية، بخلاف حمايته للثورة وللثوار من الاغتيال على يد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
حيث ينتظر أن تنزل تلك القوى إلى الشارع؛ اعتراضًا على قرار محاسبة المشير، والوقوف أمام النيابة العامة، ودخول القفص، ولا يستطيع مرسي أوالجماعة مواجهة هذا العدد الكبير، سواء بتنظيم مظاهرات مضادة أو غير ذلك.
وتوقع الدكتور عبد السلام النويري أستاذ العلوم السياسية في جامعة أسيوط تأجيل قرار تمرير البلاغات ضد المشير إلى وقت لاحق، على أن يتم وضعها في الأدراج إلى حين تهيئة الظروف السياسية؛ لاتخاذ مثل هذا القرار الصعب، فالرئيس مرسي لا يريد الدخول في إثارة المشهد الداخلي، في الوقت الذي يبحث فيه عن الاستقرار والتصالح مع جميع فئات المجتمع، بدليل سعيه إلى امتصاص غضب الفنانين، وتقديم اعتذاره عمّا حدث من إهانات ضد بعض الفنانات.
الأمر الآخر، يتابع النويري، هو أن الرئيس يدرك جيدًا أن الجيش حريص على حماية رموزه، والوفاء لهم، وفي حالة رفض الجيش محاسبة المشير، فإن الرئيس لن يستطيع اتخاذ مثل هذا القرار، رغم التغييرات التي حدثت داخل المجلس العسكري، وإقالة أفراد الحرس القديم .
إلا أن وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، من أبناء المشير، والذي يعتبره أستاذه، قال لـquot;إيلافquot;: إن الرئيس قد يكون اضطر لتعيين المشير في منصب المستشار من أجل حمايته من البلاغات المقدمة ضده، ولو بشكل موقت، إلى حين تحسن الظروف السياسية، وبعدها قد يمرر تلك البلاغات تحت إطار أن quot;لا أحد فوق القانونquot;.
مطالبًا الرئيس مرسي بتحمل تداعيات محاكمة المشير في مثل هذا التوقيت تحديدًا، فوحده الذي سيتحمّل المسؤولية في حالة نزول هذه الملايين إلى الشارع منددين بالقرار، وقد يصل الأمر إلى استغلال أنصار الفلول والدولة العميقة للأزمة، والمطالبة بإسقاط الرئيس.
في حين يرى أبو العز الحريري المرشح السابق لرئاسة الجمهورية أن المشير مثل أي مواطن، وطالما أنه كانت هناك دلائل ثابتة على تورطهم - المجلس الأعلى للقوات المسلحة - في قضايا فساد أو أخطاء أثناء توليهم حكم مصر بعد الثورة، وعلى الرئيس تنفيذ تصريحاته بأنه quot;لا أحد فوق القانون حتى أبناء الرئيسquot;، وإذا كان الرئيس قد قام بتعيينهم مستشارين له من أجل ضمان خروجهم الآمن من البلاغات المقدمة ضدهم، فنحن نطالب بمحاكمة مرسي على هذا التصرف، والذي يعيد فكر النظام السابق.
وأكد الحريري لـquot;إيلافquot; أن المشير تم تأمينه بالخروج الآمن في صفقة مع الرئيس لضمان قبوله بقرار التقاعد من منصب وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مما يشير إلى أن تلك البلاغات سوف تدخل الأدراج، وفي الوقت نفسه الإخوان دائمًا يبحثون عن مصالحهم، والغدر بالمشير وارد بشكل كبير، إذا كانت مصلحة الجماعة في تحويل طنطاوي إلى الجنايات وتمرير البلاغات المقدمة ضده، ولكن حتى الآن مصلحتهم في تجنب الحديث عن هذا الملف في الوقت الحالي.
ويرى المستشار سيد حسين رئيس محكمة جنايات القاهرة سابقًا أن المشير طنطاوي ليس شخصية عادية، ولا بد للنائب العام أن يدقق في صحة البلاغات المقدمة ضده قبل الإفصاح عن النتائج أو اتخاذ قرار بالتحقيق مع طنطاوي، الأمر الآخر هو أن هناك بلاغات بلا أي مستند، وليست منطقية، وبالتالي النائب العام يقرر حفظها، فليس معنى أن هناك بلاغات، يعني ذلك توجيه الاتهام مباشرة، بدليل أن هناك شخصيات تحول إلى الجنايات بتهم التربح والفساد، مثل فاروق حسني، رغم مرور أكثر من عام على الثورة وخروجه من السلطة.
وأكد لـquot;إيلافquot; أن الرئيس لا يستطيع حماية أحد من المحاسبة بعد الثورة، وإلا تورط هو فيها، ودخل في اتهامات هو في غنى عنها، مما يشير إلى أن الرئيس لن يحمي أحدًا من أعضاء المجلس العسكري، ولأن الحديث عن الخروج الآمن لهم أصبح غير منطقي، كما أوضح أن قلادة النيل لن تحمي طنطاوي من الوقوف خلف القضبان إذا كان يستحق.
التعليقات