بارزاني والهاشمي

حذرت رئاسة إقليم كردستان من أن الحكم بالإعدام على نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي سيهيئ لصراع طائفي مرير، ودعت جميع الأطراف إلى العمل على حل هذه المشكلة بحكمة، فيما اتهم قيادي في حزب الرئيس طالباني المالكي باختلاق الأزمات.. في وقت أكد الناطق بإسم الحكومة علي الدباغ أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ الحكم على الهاشمي.


لندن:قال المتحدث الرسمي باسم رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إن استقلال القضاء واحترام قراراته واجب على الجميع، على أن يكون القضاء مستقلاً وغير منحاز. وأضاف في تصريح صحافي مكتوب وزع على الصحافة quot;أن إصدار حكم الإعدام غيابيًا بحق السيد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية في هذه الظروف المتوترة والحساسة التي يمر بها العراق أمر مؤسف، وسيفاقم الأزمة التي اصلاً يعاني منها العراق منذ مدة. وربما يهيئ لصراع طائفي مريرquot;. ودعا quot;كل الأطراف إلى حل هذه المشكلة بحكمة وبعيدًا عن الانفعالات وتصفية الحساباتquot;.

ومن جهته، اتهم آزاد جندياني، المتحدث الرسمي بإسم المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي باختلاق الأزمات التي تعقد من الأوضاع السياسية وانتهاج سياسة دفع الأوضاع باتجاه التعقيد بدل العمل على خلق ظروف أكثر مرونة لبدء الحوار والتوصل إلى رؤية مشتركة بين جميع الكتل لتصحيح مسار العملية السياسية، وتصحيح الأداء الحكومي الذي يعاني من عوامل ومظاهر الفشل في شتى المجالات الحيوية .

واضاف جندياني في تصريح صحافي وزعه مكتب اعلام الاتحاد أنه مع إقتراب موعد عودة الرئيس طالبان من المانيا حيث يقضي فترة علاج فإن الجميع ينتظرون بدء موسم جديد للحوارات السياسية بين القادة والكتل العراقية لايجاد مخرج حقيقي من الأزمة السياسية في البلاد وتبني برنامج إصلاحي لإدارة الدولة التي تعاني من مُشكلات ونواقص بُنيوية حيث سببت كل هذه التناحرات والإنقسامات والمشاحنات.

وقال quot;كان من المفروض أن نعمل جميعاً في هذه المرحلة لخلق أجواء أكثر ملاءمة لبدء حوارات الكتل السياسية، ودفع الأوضاع بإتجاه عقد المؤتمر الوطني المزمع عقده بعد التوصل إلى تفاهمات بين الكتل بشأن مفاهيم و آليات الإصلاح، ولكن نرى عكس ذلك حيث أن رئيس الحكومة العراقية (نور المالكي) يتجه نحو فتح ملفات متأزمة جديدة كتحريك قطاعات الجيش بإتجاه المناطق التي تعاني أصلاً من عدم البت في امرها وفقاً للدستور، كالذي حدث قبل أسابيع في منطقة زمار والقرار الذي أصدره رئيس الحكومة بصفته قائداً عاماً للقوات المسلحة العراقية حول تشكيل قيادة عمليات لكركوك وديإلى، والذي رفضه مجلس محافظة كركوك ورفضته الاحزاب الكردستانية جميعاً مما تسبب في خلق أزمة جديدة بين إقليم كردستان وبغداد. أخيراً وربما ليس آخراً، فإن اصدار حكم الإعدام بحق طارق الهاشمي زاد الطين بلة حيث رفضت أطراف مؤثرة في العملية السياسية إصدار ذلك الحكم وشككت به واعتبرته قراراً سياسياًquot;.

وتساءل جندياني قائلاً quot;لماذا يختار رئيس وزراء العراق سياسة دفع الأوضاع باتجاه التعقيد بدل أن يعمل على خلق ظروف أكثر مرونة لبدء الحوار والتوصل إلى رؤية مشتركة بين جميع الكتل لتصحيح مسار العملية السياسية، وتصحيح الأداء الحكومي الذي يعاني من عوامل ومظاهر الفشل في شتى المجالات الحيويةquot;. واشار إلى أنه quot;بعد غلق ملف سحب الثقة من رئيس الوزراء، والذي تم بصعوبة قصوى، كنا ننتظر منه أن يجنح إلى التهدئة والابتعاد عن إختلاق مشاكل جديدة، ولكن مع الأسف الشديد نرى أنه يجنح إلى التصعيد، رغم معرفته التامة بأن العراق وأصدقاء العراق أيضاً ينتظرون عودة رئيس الجمهورية لبدء حوار وطني شامل ومعمق لإخراج العراق من براثين الازمة التي تتعقد يوماً بعد آخر، و يعتبر الكثيرون هذا التعقيد وليد عدم اكتراث رئيس وزراء العراق بالحوار الوطني وحل الازمة التي أصبحت شبه مستديمةquot;.

وختم المسؤول الكردي متسائلا quot;هل أن اصحاب النزعة التصعيدية مدركون لخطورة نتائج فشل جهود التفاوض والتوافق والإصلاح؟ وهل يسألون انفسهم ماذا بعد السيناريوهات التصعيدية؟quot;.

ومن جهته، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن حكم الإعدام الذي أصدره القضاء العراقي بحق طارق الهاشمي يحتاج إلى أن يأخذ صيغته النهائية عبر مجموعة من الإجراءات القانونية التي تلي أصدار الأحكام مشدداً على أن الحكومة ملتزمة بتنفيذ بما يصدره القضاء من أحكام في اشارة إلى الهاشمي.

وقال الدباغ في تصريح صحافي إن quot;الحكومة ملزمة بتنفيذ ما يصدر عن القضاء بوصفه سلطة مستقلة، بما في ذلك الطلب من الحكومة مفاتحة تركيا لاسترداد الهاشميquot;. واضاف أنه quot;لاتزال هناك فرصة للهاشمي ليدافع عن نفسه إذا كان يريد اثبات براءته مثلما يقول لاسيما وان هناك لجنة من تسعة قضاة بينهم أربعة من محافظة كركوك هم من تولوا التحقيق في قضيتهquot;.

وكان الرئيس العراقي جلال طالباني أكد أمس أن حكم الإعدام الصادر ضد نائبه الهاشمي لن يساعد الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية. وعبّر طالباني في تصريح صحافي وزعه مكتبه الإعلامي عن الأسف لصدور حكم الإعدام مشيرًا إلى أنهquot; يمكن أن يصبح عاملاً لا يساعد بل ربما يعقد الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملةquot;. وأضاف أنه quot;كان مدعاة للأسف أن يصدر في هذا الوقت بالذات قرار قضائي بحقه وهو ما زال رسميًا يشغل منصبه، الأمر الذي يمكن أن يصبح عاملاً لا يساعد بل ربما يعقد الجهود الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملةquot;.

وفي أول رد فعل له على صدور الحكم بإعدامه، أكد الهاشمي أنه لا يعترف بالحكم لأن المحاكمة التي جرت له غيابياً كانت سياسية وليست جنائية متهمًا المالكي بالوقوف وراء الحكم بهدف تمرير مؤامرة طائفية حذر من انها لا تبقي ولا تذر داعيًا العراقيين إلى الوقوف بوجهها.

وقال الهاشمي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة أمس الاثنين، إنه تعرض إلى محاكمة صورية رغم حصانته التي يوفرها له منصبه نائبًا لرئيس الجمهورية، مشددًا على أن هذه المحاكمة لم تكن جنائية وانما سياسية هدفها تصفيات سياسية quot;فهي ظالمة وغير شرعيةquot;. وشدد بالقول quot;أنا لا أعترف بالحكم وهو لا قيمة له لأن المحكمة ليست مختصةquot; ولذلك فإنه لا قيمة لأحكامها وتدلل على الحملة الظالمة التي يقودها ضده رئيس الوزراء نوري المالكي. وأضاف ان حكم الإعدام يضعه وسامًا على صدره لأن المالكي كان وراءه quot;ويشرفني انه من كان وراءه ومن استهدفهquot; quot;لأن quot;هذه شهادة براءة وتزكية والحكم ثمن ادفعه مقابل حبي لبلدي واخلاصي لشعبيquot;.

يذكر أن المحكمة الجنائية العليا أصدرت الأحد قراري إعدام غيابيين شنقاً بحق كل من نائب رئيس الجمهورية العراقية طارق الهاشمي و مدير مكتبه أحمد قحطان. واصدرت المحكمة حكمًا غيابيًا بالإعدام شنقا بحق الهاشمي وصهره مدير مكتبه أحمد قحطان، وقال القاضي حين النطق بالحكم إن quot;الادلة المتحصلة ضد كل من طارق احمد بكر (الهاشمي) واحمد قحطان كافية لتجريمهما عن تهمة قتل المجني عليها المحامية والمجني عليه العميد طالب بلاسم وزوجته سهام اسماعيل، وتحديد عقوبتهما بالإعدام شنقا حتى الموتquot;.
وكان مجلس القضاء الأعلى قرر محاكمة الهاشمي الموجود حاليًا في تركيا غيابيًا بثلاث جرائم قتل تتعلق باغتيال مدير عام في وزارة الأمن الوطني وضابط في وزارة الداخلية ومحامية، لكن القاضي اوضح أن المحكمة اسقطت التهم المتعلقة باغتيال مدير عام في الامن الوطني.

وغادر الهاشمي بغداد في 19 كانون الاول (ديسمبر) الماضي إلى إقليم كردستان حيث مكث هناك بحماية رئيس الإقليم مسعود بارزاني ثم توجه في نيسان ( إبريل) إلى تركيا التي يقيم فيها الآن بحماية الحكومة التركية التي اعلن رئيس وزرائها رجب طيب إردوغان أنها قد دعمته، فيما أكد مسؤولون آخرون أنهم لن يستجيبوا لمذكرة الانتربول باعتقاله ولن يلقوا القبض عليه.

وكانت محاكمة الهاشمي قد بدأت منتصف ايار (مايو) الماضي امام محكمة الجنايات المركزية وعقدت اربع جلسات لحد الان، حيث كان مجلس القضاء الأعلى اصدر في 19 شهر كانون الأول الماضي مذكرة القاء قبض بحق الهاشمي ومنعه من السفر، كما عرضت وزارة الداخلية اعترافات لأفراد من حمايته بتنفيذ سلسلة من العمليات المسلحة استهدفت عناصر أمنية وموظفين حكوميين وزواراً للعتبات المقدسة .