كان هدف الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إشعال الفتنة بين الأقباط والمسلمين في مصر. لكن جرت رياح الوعي المصري بما لا تشتهي سفن أقباط المهجر، وساهم فيلم quot;محاكمة محمد نبي الإسلامquot;، الذي أنتجوه بالإشتراك مع القس الأميركي تيري جونز، في توحيد الأقباط والمسلمين ضد من يسعى إلى تقسيم مصر.
كانت مجموعة من أقباط الولايات المتحدة الأميركية اشتركت مع القس الأميركي تيري جونز في إنتاج فيلم سينمائي يتحدث عن حياة الرسول محمد. فأتى الفيلم قمة في الإساءة للنبي العربي، إذ يصفه بابن الزنى، ويصف القرآن بأنه مجموعة من القصص الخرافية والخزعبلات.
القس تيري جونز والمحامي موريس صادق |
أثار الفيلم غضب المصريين جميعاً، ولا سيما الأقباط الذين اعتبروه يسيء إليهم، ويضعهم في مواجهة من المسلمين، فسارعوا إلى التبرؤ من صناع الفيلم، كما فعل أكثر من 123 منظمة لأقباط أوروبا وأستراليا وكندا، متهمين إياهم بquot;العمالة للمخابرات الأجنبية التي تريد إشعال الفتنة الطائفية في مصرquot;.
رقص على القبور
قرّر ما يعرف بالدولة القبطية في الخارج، بزعامة الناشط القبطي المحامي المصري الأصل موريس صادق والدكتور عصمت زقلمة، عرض فيلم quot;محاكمة نبي الاسلامquot; اليوم، في الذكرى الثانية عشرة لأحداث 11 سبتمبر.
وقال صادق، الصادر ضده حكم قضائي بإسقاط الجنسية المصرية عنه، في بيان تلقت إيلاف نسخة منه، quot;إن الدولة القبطية تؤيد المحاكمة الدولية لمحمد نبي الاسلام في كنيسة خادم الإنجيل البطل الدكتور القس تيري جونز في فلوريدا، في ذكرى هجوم محمد عطا عضو جماعة الإخوان المسلمين على أميركاquot;. وأضاف: quot;تهدي الدولة القبطية أول فيلم عالمي يصور حياة محمد إلى الشهداء والمصابين والمعتقلين الأقباط في سجون الاخوان، وإلى البنات القبطيات القاصرات المسجونات في سجون الأزهرquot;.
وتابع صادق في بيانه: quot;تحتفل الهيئة العليا للدولة القبطية في الولايات المتحدة الأميركية بالذكرى الثانية عشرة لهجمات محمد عطا عضو جماعة الاخوان المسلمين في مصر وأعوانه الاسلاميين الوحشية على أبراج نيويورك، وقتلهم ثلاثة آلاف أميركي، وتدمير أبراج نيويورك عملًا بعقيدة القرآن والاسلام، الذي يعتبر أي دولة لا تدين بعقيدته دار حرب يجب قتال أهلهاquot;، على حد زعمه.
مفاجآت تهز الإسلاميين
وواصل صادق، الذي دعا إسرائيل وأميركا مرات إلى غزو مصر وتخليص الأقباط مع المسلمين الغزاة، إفتراءاته بالقول: quot;نتذكر في هذا اليوم شهداء الاقباط في ماسبيرو والمقطم وكنيسة القديسين ونجع حمادي وديروط وأبو قرقاص والكشح، وغيرهم من المصابين، وشهداء عمرو بن العاص وصلاح الدين الايوبي في أخميم، الذي علق آلاف الشباب القبطي على الاشجار وقطع أعناقهم لرفضهم الاسلام في الصعيد، ولن ننسى محرقة شهداء الفيوم ولا الملايين منذ العصر الاسلامي وحتى اليوم، لن ننسى كنائسنا المغلقة، لن ننسى حرماننا من الكوتة في المناصب وفي المجالس النيابية، لن ننسى بناتنا المخطوفات اللاتي أجبِرن على الاسلام، لن ننسى أولادنا في سجون الاخوان المسلمين. فبينما أفرج مرسي عن الارهابيين والقتلة المسلمين، وضع أبناء الاقباط في السجون بتهمة ازدراء الاسلامquot;.
وتوعد صادق المسلمين في مصر، وتوجّه للأقباط: quot;سنعلن عن مفاجآت قريبًا جدًا ستهز الإسلاميينquot;.
عاصفة من الغضب
أرسل صادق مع بيانه مقتطفين من الفيلم المسيء للرسول محمد، أحدهما إنكليزي والآخر مترجم للغة العربية. وأظهر هذان المقتطفان من الفيلم، الذي شارك في تمثيله ممثلون أميركيون، النبي محمد على أنه ابن زنى، فاشلٌ، شديد الشراهة في تناول الطعام، شديد الادمان على الجنس. كما أظهر الفيلم زوجة الرسول السيدة خديجة رضي الله عنها إمرأة مهووسة بالجنس، أتت براهب ليلقنه القرآن من خلال مجموعة من الخرافات، ونسخ مقتطفة من الإنجيل والتوراة.
وبعيداً عن بيان صادق المتطرف المليء بالإفتراءات والمغالطات التاريخية، فإن فيلم quot;محاكمة محمد رسول الإسلامquot; قد أثار عاصفة من الغضب في أوساط المصريين، مسلمين وأقباطًا. وتقدم محامون ببلاغات للنائب العام المصري تطالب بمحاكمة صادق، بينما أقام آخرون دعاوى قضائية في الولايات المتحدة الأميركية، فيما تبرأ منه أقباط في أوروبا واستراليا وكندا، فضلاً عن تبرؤ كنائس مصر الأرثوذكسية والأنجيلية والكاثوليكية منه.
إدانة قبطية
وفي رد فعل قبطي مصري على الفيلم، قال الأنبا مرقس، عضو المجمع المقدس والمرشح للكرسي البابوي، إن الكنيسة المصرية ترفض أية إساءات للأديان أو الأنبياء أو الرموز الدينية. وأضاف لـ quot;إيلافquot; أن موقف الكنيسة ثابت في هذا الشأن، لافتًا إلى وجود من يحاول صبّ الزيت فوق النار لإشعال فتنة طائفية بين الأقباط والمسلمين.
ووصف الناشط القبطي نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الانسان ومحامي الكنيسة، أقباط المهجر الذين شاركوا القس الاميركي المتطرف تيري جونز إنتاج الفيلم بأنهم quot;لا يمثلون جموع أقباط المهجر أو أقباط الداخلquot;.
وقال جبرائيل لـ quot;إيلافquot; إنه يرفض شخصياً الإساءة للأديان أو الرموز الدينية، ولفت إلى أن القس جونز معروف بعدائه للإسلام، إذ سبق له أن هدد بإحراق المصحف في العام قبل الماضي. ودعا جبرائيل كافة المنظمات الحقوقية ومجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الاوسط والكنائس المصرية إلى إصدار بيان إدانة شديد اللهجة ضد هذا القس ومن يُعاونه.
كذلك عبّر الأنبا باخميوس، القائمقام البطريركي، عن بالغ إدانته لهذا الترويج المسيء للديانة المسيحية قبل الإسلامية.
مخطط الفتنة والتقسيم
واعتبر الناشط القبطي رفيق فاروق، المنسق العام لرابطة أقباط 38، أن لا هدف لأقباط المهجر سوى الإساءة إلى الإسلام ومحاولة تدمير العلاقات بين الأقباط والمسلمين. وقال فاروق لـ quot;إيلافquot;: quot;هناك مخطط تقوده أجهزة إستخباراتية من أجل تقسيم مصر، والفتنة الطائفية هي الثغرة التي يحاولون النفاذ منهاquot;.
وأشار إلى أن بعض أقباط المهجر يتلقون تمويلات من أصحاب هذه المخططات، محذراً الأقباط من الإنسياق وراء من وصفهم بأصحاب أجندات التقسيم. وأعاد التأكيد أن رفض الكنيسة مراقبة الدولة لأموالها وأنشطتها ومشروعاتها الإستثمارية يمثل إنتهاكاً للسيادة المصرية، وبداية لمشروع التقسيم.
كما قال الناشط القبطي إبرام لويس، مؤسس رابطة ضحايا الإختفاء القسري، إن أعضاء الدولة القبطية في الخارج معروفون بالتطرف والإنجذاب لإسرائيل، quot;حتى دعا بعضهم تل أبيب صراحة إلى احتلال مصر لتخليصها من الغزو الإسلاميquot;. وأضاف لـ quot;إيلافquot; أن الرابطة وجموع الأقباط يستنكرون إنتاج هذا الفيلم، ويرفضون الإساءة للرسول محمد نبي الإسلام.
تبرؤ أقباط المهجر
وتبرأ أكثر من 123 منظمة قبطية في دول أوروبية واستراليا وكندا من مشاركة أقباط من المهجر في إنتاج هذا الفيلم، معتبرين أن هؤلاء لا يمثلون الأقباط. من تلك المنظمات، منظمة أقباط متحدون في سويسرا التي تعد أقدم منظمة قبطية في الخارج. فقد دعت إلى محاكمة المتورطين في جريمة الإساءة للرسول محمد، في أسرع وقت ليكونوا عبرة لمن يسيء لأي دين سماوي.
ومنها أيضًا الهيئة القبطية الهولندية، أكبر المنظمات القبطية في أوروبا. وقال بهاء رمزي رئيس الهيئة في بيان له: quot;إننا نتبرأ من صانعي ومنتجي هذا الفيلم، خصوصًا موريس صادق وعصمت زقلمةquot;، مشيراً إلى أن quot;المنظمات القبطية في المهجر أعلنت مقاطعة مصادق وزقلمة بشكل نهائي، والتبرؤ منهما وعدم إشراكهما في أي عمل خاص بالقضية القبطيةquot;.
إستنكار إسلامي
من الناحية الإسلامية، استنكر الدكتور على جمعة، مفتي الديار المصرية، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الاساءة التي يشكّلها الفيلم لرسول الله.
إقرأ أيضًا |
متظاهرون ينزعون العلم من فوق مقر السفارة الأميركية في القاهرة |
واشنطن: متظاهرون اخترقوا سور السفارة الاميركية ونزعوا العلم |
وتابع أبو الحسن قائلاً: quot;كما يصدق فيهم قوله عز وجلّ، quot;إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرونquot;.
التعليقات