أدرجت حكومة اسرائيل قضية اليهود المتحدرين من دول عربية ضمن أي مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين، لتكون ندًا لحق العودة الفلسطيني، مطالبةً بتعويض quot;اللاجئين اليهودquot; عن ممتلكات تركوها في دولهم العربية الأم بسبب هجرتهم إلى إسرائيل.


المحامي يتسحاق ميلتسر خلال اللقاء

القاهرة: ألقى المحامي الاسرائيلي يتسحاق ميلتسر الضوء على عدد من القضايا ذات الصلة بعودة ترابين، الجاسوس الاسرائيلي المعتقل في مصر، وأكد أن ترابين المعتقل في مصر منذ خمسة عشر عاماً، لم تثبت ضده اية اتهامات بالتجسس، وإنما ألقت سلطات الامن المصرية القبض عليه عندما كان يزور شقيقته في سيناء، بشبهة علاقته بوالده سليمان ترابين، الذي يقيم في مدينة بئر السبع الاسرائيلية، والمتورط بحسب الاتهامات المصرية بإمداد اسرائيل بمعلومات سرية عن الجيش المصري في فترة زمنية معينة.

وفي حوار شامل مع quot;إيلافquot;، تطرق يتسحاق ميلتسر إلى إشكاليات سياسية وأمنية متشعبة، جاء في طليعتها ملف عودة ترابين، ومستقبل العلاقات المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، فضلًا عن نظرة للوراء كشف فيها النقاب عن معطيات غير مسبوقة حول علاقة الرئيس المصري السابق حسني مبارك بإسرائيل.

رسائل بلا تجاوب

هل تختلف زيارتك الحالية الى القاهرة ولقاؤك بالجاسوس عودة ترابين عن المرات السابقة؟

أولًا أتحفظ على اتهام ترابين بالتجسس على مصر لحساب اسرائيل، ولدي من الشواهد والبراهين ما يؤكد ذلك. أما بخصوص زيارتي للقاهرة ولقاء ترابين، فلم تختلف كثيرًا عن سابقتها، وحاولت جاهدًا خلال تلك الزيارة عقد لقاء مع أي مسؤول رسمي مصري، إلا أن محاولاتي باءت بالفشل. أرسلت الرسائل التي ارسلتها لعدد من المنظمات الحقوقية في مصر، فضلاً عن رسالة الكترونية ارسلتها للناشط الحقوقي حافظ ابو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان، من دون أي تجاوب.

ما تحمله رسائلك للمسؤولين المصريين، ولمَ تحاول جاهداً لقاءهم؟

تحمل رسائلي تفنيدًا للاتهامات الموجهة لعودة ترابين بالتجسس لحساب اسرائيل، وتؤكد أن الاتهام الموجه اليه يفتقر إلى دليل دامغ، وأن ما فعلته السلطات الأمنية في مصر هو عقابه بذنب والده سليمان ترابين، الذي تورط في التجسس على مصر. أحاول أن يصل صوتي للرئيس المصري محمد مرسي، حتى يتدخل لإنصاف عودة ترابين وإعادته إلى اهله.

ترابين مقابل ناووسين

قدمت اقتراحًا لحكومة نتنياهو يقضي بإعادة التابوتين الأثريين المصريين المسروقين في اسرائيل مقابل الافراج عن عودة ترابين. ما العلاقة بين المسألتين؟

ميلتسر: هناك فرق بين ترابين وبولارد

المعروف أن الكود السري لاطلاق سراح ترابين هو ابرام صفقة بين حكومتي البلدين. نحاول تفعيل هذه الصفقة، ولا مانع من استخدام كل طرف لما بيديه من أوراق للضغط على الطرف الاخر مقابل تحقيق مكاسب معينة. في ما يتعلق بآثار مصر المنهوبة، فهى منتشرة في معظم دول العالم، وترفض حكومات تلك الدول اعادتها للمصريين. تعلم الحكومة الالمانية أن تمثال نفرتيتي الذي تعرضه في متاحفها أثر مصري سطا عليه لصوص الآثار، لكنها ترفض إعادته الى القاهرة. فلا مانع ان تساوم اسرائيل على تابوتين أثريين مصريين من أجل الافراج عن عودة ترابين.

هل تلقيت ردًا من الحكومة الاسرائيلية على هذا الاقتراح؟

في الحقيقة لم اتلقَ حتى الآن ردًا من حكومة نتنياهو على اقتراحي، لكنني على ثقة بأن الحكومة الاسرائيلية حريصة على اعادة عودة ترابين إلى أهله، وذلك سيحدث قريبًا.

لماذا لا تقدم اقتراحًا مماثلًا للضغط على الادارة الاميركية والافراج عن جوناثان بولارد، الجاسوس الاسرائيلي المعتقل في أميركا؟

الفارق كبير بين عودة ترابين، وجوناثان بولارد. فالأخير تورط في التجسس على الولايات المتحدة لحساب اسرائيل، وثبتت عليه الاتهامات عبر ادلة ادانة واضحة ودامغة، وجرى اعتقاله بعد الاستئناف على الحكم الصادر بحقه، غير أن مصر ترفض السماح لاسرائيل باستئناف حكم المحكمة العسكرية المصرية، على الرغم من أن المشرع المصري قام في العام 2007 بتعديل جهاز المحاكم العسكرية، وانشاء محكمة عليا للاستئناف على قرارات المحاكم العسكرية، وتعترف القاهرة عبر اقرارها الرسمي بأن غياب حق الاستئناف لا يتوافق والمعايير الدولية للمحاكمة النزيهة.

يوميات معتقل

كيف التقيت عودة ترابين خلال زيارتك الاخيرة له في ليمان طرة؟

عودة ترابين معتقل في زنزانة خاصة، يغادرها فى الثامنة من صباح كل يوم حتى الرابعة مساءً بغرض التجول في باحة المعتقل مع عدد من المعتقلين الأمنيين الأجانب، من بينهم معتقل مصري كندي، وآخر أوكراني متورط فى تهريب الأسلحة إلى مصر. يعد ترابين بنفسه معظم الطعام الذي يتناوله، كما يعتمد على كانتين المعتقل لشراء العديد من حاجياته، حيث يصله شهريًا مبلغ قدره ألف شيكل إسرائيلي، تضعه أسرته في حسابه الخاص عبر تنسيق بين الخارجيتين المصرية والإسرائيلية. وتصر سلطات المعتقل على عدم السماح لترابين أو غيره من السجناء الأمنيين بإجراء أية اتصالات من أي نوع مع أية جهة، كما رفضت السلطات طلباً تقدمت به بالتقاط صور له في المعتقل لنقلها إلى ذويه في إسرائيل للاطمئنان عليه. كما لم تسمح إدارة المعتقل، إلا بزيارة شهرية يقوم بها القنصل الإسرائيلي في مصر لترابين.

آراء مصرية

بعيدًا عن قضية عودة ترابين، كيف ترى مصر بعد سقوط نظام مبارك وانتخاب مرشح الاخوان المسلمين رئيساً؟

أعتقد أن مصر دخلت مرحلة جديدة من الديمقراطية، وعرف شعبها للمرة الاولىفي تاريخه ثقافة الممارسة السياسية في اختيار من يمثله. أتصور أن ذلك سيقود مصر إلى مرحلة جديدة من التقدم والازدهار. فالرئيس المصري محمد مرسي، يختلف كثيرًا عن مبارك، ولعل ذلك كان واضحًا عندما التفت في الايام الاولى لحكمه إلى بدو سيناء، ووعوده بإنشاء مشروعات تنموية في شبه الجزيرة تستوعب القوى العاملة فيها. سيساهم ذلك في استقرار الاوضاع الاقتصادية والسياسية وكذلك الامنية في سيناء.

ما تقوله يتعارض وما تنشره العديد من الاقلام الاسرائيلية حول فزاعة وصول الاسلام السياسي وجماعة الاخوان المسلمين إلى السلطة في مصر؟

أنا أتحدث عن وجهة نظري الخاصة، وليست لي علاقة بما تتناقله وسائل الاعلام في اسرائيل. أؤكد أن الجميع كان يتخوف من رئاسة مناحم بيغن، رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق للحكومة، إذ كان محسوباً على التيار اليميني أو معسكر الصقور، الا ان تلك المخاوف تبددت عندما صنع بيغن والسادات السلام بين البلدين، وأبرمت القاهرة وتل أبيب اتفاقية كامب ديفيد التاريخية.

هل تعتقد أن الرئيس المصري محمد مرسي سيزور اسرائيل؟

آمل في أن يقدم الرئيس المصري على تلك الخطوة، خصوصًا أنه تلقى العديد من الدعوات لزيارة الدولة العبرية. وأرى أنه قد يقوم بالزيارة خلافاً للرئيس السابق حسني مبارك.

من هو مبارك؟

ميلستر: مبارك لم يكن صديقاًإلى اسرائيل

هل افتقدت إسرائيل نظام مبارك؟

وماذا قدم نظام مبارك لإسرائيل حتى تفتقده؟ أختلف تمامًا مع من يقول في إسرائيل إن انهيار نظام مبارك قضى على جنة عدن الاسرائيلية في مصر. فمبارك لم يكن صديقًا لإسرائيل، ولم يحب سوى نفسه. صحيح انه حافظ على السلام مع اسرائيل، إلا أنه ظل سلامًا باردًا. المشكلة في الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وتبنيها سياسة المداهنة والنفاق مع الرئيس المصري السابق، فاستغل ذلك ولم يحقق ما تحلم به اسرائيل في علاقاتها مع مصر.

وما الذي تحلم به اسرائيل في علاقاتها مع مصر؟

نود توسيع نطاق دائرة التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات. صحيح أن هناك تعاوناً زراعياً، لكنه لا يرقى إلى المستوى الكافي. لدينا تقنيات زراعية متطورة تحولت بها صحراء النقب إلى جنة لزراعة شجر الزيتون ومختلف المحاصيل الزراعية. ولدينا في اسرائيل طفرة تقنية في مجال الـهاي تك. كما أن إسرائيل قادرة على مساعدة مصر في القضاء على مشكلة القمامة، فقد طورنا آليات تقوم على تدوير القمامة واستخراج غاز الميثان منها. ولدينا مشروعات لتحلية المياه، فضلاً عن مشروعات أخرى تفيد المصريين. وليس سرًا وصول معدل استفادة مصر من اتفاقية الكويز المبرمة بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل إلى مليار دولار.

تستخرجون الغاز من القمامة وتحتاجون للغاز المصري؟

كميات الغاز المستخرجة من القمامة في اسرائيل لا تكفي، ولذلك نحتاج إلى كميات أخرى لتشغيل محطات الكهرباء والعديد من المشروعات.

شغلوا البدو!

ما الذي تقترحه لإعادة الاستقرارين الأمني والاقتصادي في سيناء؟

أولًا يجب عقد المصالحة مع بدو سيناء عن طريق توفير فرص عمل مناسبة لاستيعابهم. فالنظام المصري السابق تجاهل تمامًا وجودهم على خارطة التعداد السكاني، وسار المجلس العسكري الذي قاد البلاد في مرحلة انتقالية على نهج مبارك، ولم يضع حلولًا للأزمة. أقترح أن يتم تشغيل شباب بدو سيناء في المشاريع السياحية المنتشرة جنوب شبه الجزيرة، في شرم الشيخ ونويبع وغيرهما من المدن السياحية. فليس من المعقول أن يعمل فيها شباب مصري من مناطق بعيدة عن سيناء، ويظل بدو سيناء في منأى عن فرص العمل في منطقتهم. لعل ذلك هو سبب حالة الاحتقان والسخط التي باتت تهيمن على البدو في سيناء.