يدعو الثوار في سوريا إلى تدخل أكثر قوة واثقين من أن انهيار نظام الأسد بات وشيكًا. وتعتقد المعارضة أن الدعم الأميركي قادم إلا انه لا يوجد أي دليل على أن إدارة أوباما، أو أيًا من القوى الأخرى مستعدة للمخاطرة والتدخل في سوريا مهما ارتفع عدد الضحايا.


ذكرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي أن ما لا يقل عن 60 ألف سوري قتلوا في الحرب الأهلية التي تستعر في سوريا منذ آذار (مارس) عام 2011.

ورغم أن بيلاي وصفت هذا العدد بأنه quot;صادم حقاًquot;، حذّر مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي الأسبوع الماضي من أن الصراع الطائفي على نحو متزايد يمكن أن يحصد 100 ألف قتيل آخر العام، من دون أن تنتج بالضرورة عن نتائج حاسمة.

أمراء الحرب

وأشار الإبراهيمي إلى أن الحرب quot;تمثل خطراً كبيراً ليس فقط للشعب السوري، ولكن على دول الجوار والعالمquot;، متوقعاً أن عدم وجود حلول سيؤدي إلى تحويل سوريا الى صومال آخر - دولة فاشلة مقسمة الى اقطاعيات يديرها أمراء الحرب المحليون.

ومن الواضح أن المقصود من هذه التقييمات القاتمة التي يعبر عنها مسؤولون في الأمم المتحدة، تهدف إلى تشجيع أصحاب المصلحة الدوليين للعمل على نحو أكثر إلحاحا لإنهاء الصراع.

ويبدو أن الأمور تتجه نحو المزيد من التأزم ولا سيما أن الابراهيمي قال إن quot;الخيار هو بين التوصل إلى حل سياسي أو الانهيار الكامل للدولة السوريةquot;، مضيفاً أنه quot;إذا كان البديل الوحيد هو الجحيم أو العملية السياسية، فعلى كل واحد منا أن يعمل بلا كلل من أجل العملية السياسيةquot;.

ويبذل الإبراهيمي جهده من أجل التوصل إلى حل سياسي، لكنه يواجه المشاكل نفسها التي عرقلت جهود سلفه السابق الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان، الذي استقال من منصب كمبعوث سلام إلى سوريا العام الماضي بعد أن رفض زعماء سوريا وحلفاؤهم الخارجيون تقديم التنازلات اللازمة لوقف الحرب.

الحل السياسي يعني التفاوض مع الأسد

الحل السياسي لإنهاء الحرب في هذه المرحلة، حتى لو كان ينطوي على انتخابات ديمقراطية تؤدي بالتأكيد إلى إزاحة الأسد عن السلطة، سوف يتطلب من المعارضة التفاوض مع الأسد ونظامه للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق.

الحال الراهن سيبقى كما هو عليه إلى أن يتغير المد العسكري بشكل حاسم ضد النظام، أو أن يواجه خطر الانهيار الداخلي تحت وطأة الضغط العسكري والاقتصادي. لكن تحالف المعارضة الوطنية الذي تشكل في تشرين الثاني (نوفمبر) بدعم غربي وعربي يرفض إجراء محادثات مع الاسد، مصراً على الإطاحة به كشرط مسبق للمفاوضات.

انهيار وشيك

ويدعو الثوار والمحللون إلى تدخل أكثر قوة في سوريا، واثقين من أن انهيار نظام الأسد بات وشيكاً، ويشككون في المطالبات والدعوات إلى التفاوض.

quot;يبدو أن النظام السوري لديه أسابيع معدودة قبل أن ينهارquot;، قال جيفري وايت، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في أواخر كانون الاول (ديسمبر)، مضيفاً: quot;وبما أن النهاية تقترب، سيطلق حلفاء الأسد نداءات يائسة لوقف إطلاق النار بوساطة الامم المتحدة، لكن الثوار لا يرون أي فائدة من هذا النهجquot;.

على الرغم من جهود الإبراهيمي - وأيضاً تعاطف القوى مثل روسيا والصين - للترويج لتسوية عن طريق التفاوض، أظهر النظام نفسه ان الانضمام إلى التحول الديمقراطي من شأنه أن يؤدي إلى الإطاحة به، فيما يعتقد قادته انهم يقاتلون الثوار إلى طريق مسدود.

quot;غياب التدخل الخارجي المؤثر يمكن أن يسمح للأسد بالبقاء في السلطة حتى العام 2014quot;، يقول جوشوا لانديس الخبير في الشؤون السورية في جامعة أوكلاهوما لصحيفة الـ quot;تايمquot;.

الأسد يتحصّن في المدن الكبرى

ويشير لانديس إلى أنه quot;لا يوجد شيء واضح في الدينامية الحالية ليدل على أنه سيرغم على التنحي، لا سيما وأنه يتحصن في المدن الكبرى مع أعداد كبيرة من الأمن، ويستخدم السلاح الجوي والمدفعية لتدمير تلك الأحياء. بعد ما يقرب من عامين على الانتفاضة، لم تستطع المعارضة السيطرة بشكل كامل على مدينة كبرى واحدة. وهذا مؤشر سيئ للثوارquot;.

في حين توقع المحللون أن النظام السوري سينفذ قريباً من المال، تبقى المناطق التي يسيطر عليها الثوار الأكثر تعطشاً للموارد. كما أن النظام الذي لا يزال يحتفظ بميزة التدمير الساحقة، ويوجه هجماته بشكل استراتيجي ليفاقم نقص الغذاء والوقود في تلك المناطق، على افتراض أن الموارد الشحيحة سوف تنفر السكان المدنيين من الثوار الذين يسيطرون على مناطقهم.

العديد من الثوار يعتقدون أن دعم الولايات المتحدة لهم قادم لا محالة، لكن على الرغم من تزايد النداءات في واشنطن للعب دور أكثر قوة في المساعدة على إسقاط الأسد، إلا انه لا يوجد أي دليل على أن إدارة أوباما، أو أيا من القوى الغربية الأخرى، أو الدول المجاورة لها مثل تركيا، مستعدة للمخاطرة والتدخل لكسر الجمود في سوريا مهما ارتفع عدد الضحايا.