رغم الاضطرابات الحاصلة في دول عربية مختلفة، تبدو الجزائر أقل توتراً من الناحية السياسية والاقتصادية، الا أن التذمر من الفساد والبيروقراطية يشير الى عدم استمرار هذا الهدوء طويلاً.


القاهرة: في الوقت الذي تعيش فيه أغلب دول المنطقة موجة من الإضطرابات على خلفية الثورات والإحتجاجات الشعبية التي إندلعت اعتراضاً على سياسات وقرارات خاطئة بعد سنوات من الظلم والاستبداد، تبدو الاوضاع في الجزائر أكثر إستقرارًا وهدوءًا. لكن، وعلى ما يبدو، فإن الهدوء هذا لن يستمر طويلاً خصوصًا مع تزايد التذمر من مشاكل عدة في مقدمتها الإتهامات بتزوير نتائج الإنتخابات وإستشراء الفساد وإرتفاع معدل البطالة وإنتشار البيروقراطية.
ولعل السبب الرئيسي الذي حال دون تعرض الجزائر لنفس المصير الذي تعرضت له الجارة تونس قبل عامين، قبل أن تنتشر الحركات الإحتجاجية في العالم العربي، هو تمتع البلاد بثورة نفطية . نظرية يؤمن بها الشاب الجزائري إيت علاوة البالغ 22 عاماً من العمر والذي يدرس ليصبح طبيبًا.

quot;هنا بلاد النفطquot;، يضيف علاوة quot;في كل مرة تشعر الحكومة بسخط وعدم رضى الشعب تبدأ بمنحهم الأموالquot;. يضيف:quot; نحن بحاجة لإقامة انتخابات أكثر وضوحاً، ونحن بحاجة للسماح بظهور جيل جديد من القادة. فإن كانت هناك إدارة جيدة، لما كنا تحدثنا عن البطالةquot;.


وفي تحليل لوضع الجزائر، حذّر موقع بلومبيرغ للأخبار الاقتصادية والبيانات المالية على شبكة الإنترنت من الخطر المحدق بالبلاد التي تبلغ كثافتها السكانية 37 مليونًا، إذ أن قدرة الحكومة على إسكات الاصوات الغاضبة والساخطة بدأت تتراجع .فتوزيع الأموال يمينًا ويسارًا لم يعد بالأمر الهين على حكومة تعاني تضاؤلاً في صادراتها النفطية وتضخمًا ناهيك عن إستحقاق الإنتخابات الرئاسية المقررة عام 2014 وما تتطلبه من ميزانية ضخمة في ظل عدم قدرة الرئيس والمرشح من اللعب على وتر المعركة التي سبق له أن خاضها للحصول على الاستقلال من الفرنسيين.

ويمكن تلمس محاولة الحكومة على التستر على تراجع صادراتها النفطية من خلال التناقص بين الأرقام الصادرة عن مصرف البلاد المركزي وبين ما أعلنته أوبك. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الجزائر أن قيمة صادراتها النفطية للعام 2011 هي 73 مليار دولار، أكدت بيانات منظمة أوبك تراجعها.

وأشارت موقع بلومبيرغ في السياق نفسه إلى أن ذكريات الصراع الذي نشب في تسعينات القرن الماضي بين المسلحين الإسلاميين والجيش منعت الجزائريين من السير على نهج أعمال التمرد التي نشبت في دول مثل ليبيا، وهي دولة أخرى منتجة للنفط، حيث تمت الإطاحة بالزعيم معمر القذافي، ومن ثم قتله في حرب أهلية دموية خلال عام 2011 .

يقول بنيامين ستورا المؤرخ الجزائري الأصل :quot; ما تراه في سوريا اليوم، يشبه ما كان يعانيه أهل الجزائر كل يوم، فما كان يحدث كان مخفياً عن العالم. هذه دولة منهكة تعرضت على مدى عشر سنوات لحرب أهلية ووفاة حوالي 100 ألف شخصquot;.
وبينما سبق للشباب الجزائري الغاضب أن قام بأعمال شغب في كافة أنحاء الجزائر مطلع عام 2011، فقد ردت الحكومة أولاً بشرطة مكافحة الشغب، وحين لم تفلح تلك الطريقة، بدأت تلجأ إلى رفع الرواتب وتقديم المعونات، وهو ما أدى إلى عودة الهدوء وإستقرار الأوضاع بشكل كبير. ومنذ ذلك الحين وجبهة التحرير الوطني الحاكمة تتواجد بثبات في السلطة.


وبعد أن نوّه الموقع بسلسلة التدابير التي لجأت إليها الحكومة بغية إسكات الشباب الغاضب من خلال رفع الرواتب وتقديم المعونات وتعديل الاحكام الخاصة ببناء منازل والطرق، وكذلك دعم السلع الغذائية الأساسية، مضت تنقل عن قادر عبد الرحيم، الباحث بمعهد الدراسات الدولية والإستراتيجية في باريس، قوله quot; شراء سخط الناس ليس بسياسة ناجعة، قد تنجح لفترة محدودة لكنها ستنهار حين يدرك الناس أن أوضاعهم لم تتحسنquot;.
يضيف quot; شراء السلام الاجتماعي أمر غير مستدامٍ لأنه سوف يتراجع مع أسعار النفط. ولن نتمكن حينها من احتواء الضغط الاجتماعيquot;.

وقالت منظمة فريدم هاوس في تقريرها لعام 2012 إن الحكومة الجزائرية تحدد أياً من الأحزاب يمكنها المشاركة في الإنتخابات، بينما يحظى الرئيس بصلاحيات أكثر من البرلمان. كما صنفت المنظمة، التي تراقب الديمقراطية، الجزائر باعتبارها دولة quot;غير نزيهةquot;، على عكس المغرب وتونس التي اعتبرتهما quot;نزيهتين نسبياًquot;.