هناك اتفاق ما بين أنقرة والأكراد بشأن مقتل ثلاث ناشطات كرديات في فرنسا، والتوافق هو أن توقيت الحادث ليس من قبيل الصدفة، في وقت يبدو فيه السلام بين الطرفين ليس نزهة في حديقة.

في وقت بدأ يتهم فيه الأكراد والأتراك بعضهم البعض بخصوص جريمة القتل التي تعرضت لها ثلاث ناشطات كرديات في قلب العاصمة الفرنسية باريس قبل بضعة أيام، فإنهم اتفقوا على نقطة واحدة بهذا الخصوص وهي أن التوقيت لم يكن من قبيل الصدفة.
هذا وقد جاءت تلك الاغتيالات بعد أيام من إعلان تركيا عن محاولة جديدة بغية التوصل إلى حل سياسي لصراعها القائم منذ فترة طويلة مع السكان الأكراد الذين يقيمون بها.
وأوضحت مجلة التايم الأميركية من جهتها أن الرسالة من وراء ذلك هو أن جهود تحقيق السلام لن تكون نزهة في حديقة، وذلك لأن الصراع راسخ للغاية والأطراف معتادة كذلك على العنف، حيث تم قتل ما يقرب من 40 ألف شخص خلال 30 عاماً من التمرد ومكافحة التمرد. وأيضاً نظراً لوصول الأمر إلى العراق وسوريا وإيران، ناهيك عن أوروبا، حيث خرج آلاف الأكراد للشوارع الأسبوع الماضي للاعتراض على ما حدث.
تأثير عاطفي
ومضت المجلة تنقل عن سيزغين تانريكولو، وهو محامٍ كردي تركي معروف متخصص في حقوق الإنسان وعضو في البرلمان، قوله :quot; ما لا شك فيه أن ذلك كان تحذيراً. وهو إذ يبين مدى الصعوبة التي ستكون عليها عملية السلام خلال الفترة المقبلةquot;.
وتابع تانريكولو حديثه بالقول :quot; فأولاً كان اختيار المكان في قلب أوروبا، ثم التوقيت، وأن يكون جميع الضحايا من السيدات، منهن واحدة كانت مثار احترام واسع بين الأكراد ( ويقصد ساكين كانسيز )، فهو الأمر الذي حظي بتأثير عاطفي كبيرquot;.
وكانت الحكومة التركية قد كشفت أوائل الشهر الجاري عن بدء محادثات مع عبد الله أوغلان، زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في سجن موجود في جزيرة. وذكرت وسائل إعلام تركية أن مطالب أوغلان بدت مقصورة على زيادة الحقوق الثقافية وعلى الاعتراف الدستوري والحكم الذاتي الإقليمي.
لا تحدي للدولة
وقال أحمد ترك، وهو سياسي كردي بارز، متحدثاً للصحافيين بعد زيارته أوغلان في محبسه الأسبوع الماضي :quot; مطالب أوغلان لا تشكل تحدياً للدولة. فهذه المطالب يمكن وصفها بالمطالب التي يمكن تحقيقها في أي دولة ديمقراطية حول العالمquot;.
وأضافت التايم أنه ورغم قضاء أوغلان آخر 14 عاماً في عزلة، إلا أنه ما زال يحظى بنفوذ غير عادي على الملايين من الأكراد. وقال بهذا الصدد عالم الأنثروبولوجيا هيسيار أوزسوي الذي يعيش في الولايات المتحدة quot; عليكم أن تدركوا أن أوغلان كالأب بالنسبة للأكراد، وشخصية الأب تحظى بنفوذ قوي في هذا الجزء من العالمquot;.
غير أن المجلة أشارت من جانبها إلى أن مشاركة أوغلان في الحوار ربما لم تعد كافية لضمان الوصول إلى نتيجة إيجابية في الأخير، حيث ستكون هناك ضرورة لإقناع قادة حزب السلام والديمقراطية الكردي وكذلك قادة حزب العمال الكردستاني الموجودين في أوروبا وشمال العراق بقبول البنود المتعلقة بأي حلول وسط أو تسويات.
وقد ظهر أن الأكراد، الذين حُرِموا من حق الحصول على دولة حين رسم البريطانيون والفرنسيون خرائط الشرق الأوسط الحديث عقب الحرب العالمية الأولى، باعتبارهم مستفيدين غير محتملين من حالة الفوضى التي شهدتها المنطقة طوال 10 أعوام.
وقال في هذا الإطار سولي أوزيل وهو أستاذ متخصص في العلاقات الدولية لدى جامعة قادر هاس الموجودة في مدينة اسطنبول :quot; إن التطورات المتعلقة بإقليم كردستان في سوريا والعراق هي التي تجبر تركيا على إنهاء حربها مع حزب العمال، وبخلاف ذلك للسعي في السياق نفسه من أجل التوصل إلى حل لمشكلتها الكرديةquot;.
أخطار تواجه إردوغان
وختمت التايم بلفتها إلى أن جرائم القتل التي تعرضت لها ناشطات سوريا في باريس مؤخراً ربما جاءت لتبرز الأخطار التي قد يتعرض لها رئيس الوزراء التركي إردوغان، حيث يتوقع بشكل كبير أن يترشح لانتخابات الرئاسة المقررة عام 2014، وأن بحثه عن حل للصراع الكردي قد يصبح عنصراً مميزاً لإرثه السياسي، وللمفارقة، نتيجة لذلك، قد يعتمد نجاحه الآن بشكل جزئي على مدى التعاون مع أوغلان.