حدد نتنياهو الأوفر حظًا للفوز في الانتخابات التشريعية أولويته المتمثلة في quot;وقفquot; البرنامج النووي الإيراني، لكن ذلك قد يكون معقدًا بسبب عزلة دبلوماسية تعانيها إسرائيل بسبب سياساتها الاستيطانية وعلاقات متوترة مع أميركا. وسيعتمد الفلسطينيون على وضعهم الدولي الجديد وجهود المصالحة في مواجهة حكومة نتنياهو المقبلة، التي ستكون على الأرجح أكثر يمينية.


.



القدس: حدد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاوفر حظا للفوز في الانتخابات التشريعية في 22 كانون الثاني/يناير المقبل، أولوية quot;وقفquot; البرنامج النووي الايراني، لكن ذلك قد يكون معقدًا بسبب العزلة الدبلوماسية التي تعانيها إسرائيل بسبب سياساتها الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة والعلاقات المتوترة مع الادارة الاميركية.

وفي السنوات الاربع الماضية، لم تحرز الحكومة اليمينية في اسرائيل أيّ تقدم باتجاه إنهاء الصراع مع الفلسطينيين، بل دفعت باتجاه اعلى رقم في البناء الاستيطاني منذ عشر سنوات، ما أثار غضبا اميركيا واوروبيا. وأدت المواجهة في موضوع البرنامج النووي الايراني الى خلافات كثيرة بين نتنياهو والرئيس الاميركي باراك اوباما، ما ادى الى عزلة متزايدة للدولة العبرية على الساحة الدولية.

يقول ايتان جلبوع الخبير في العلاقات الاميركية الاسرائيلية في جامعة بار ايلان quot;القضية المركزية هي ايران، ولا يوجد أي وقت متبق، ويجب ان يتم اتخاذ القرار بسرعةquot;. ورفضت اسرائيل استبعاد شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الايرانية لمنع ايران من حيازة سلاح نووي، على الرغم من تشكيك المحللين في قدرتها على القيام بضربة عسكرية فاعلة وحدها.

لكن التوترات مع الادارة الاميركية قد تصبح تحديًا للتنسيق القوي بين الحليفين في المستقبل حول ايران وقضايا اخرى، والذي اندلع مرة اخرى هذا الاسبوع، بعد نشر مقال نقل عن اوباما وصفه لنتنياهو quot;بالجبان السياسيquot;.

وكتب الصحافي الاميركي المعروف جيفري غولدبرغ اخيرًا مقالاً نقل فيه تصريحات لاوباما مفادها ان quot;اسرائيل لا تعرف ما هي مصلحتهاquot;، وهي تصريحات ادلى بها في الاسابيع التي تلت حصول فلسطين على صفة دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة في اواخر تشرين الثاني/نوفمبر.

واضاف quot;قد تلاحظ اسرائيل في يوم قريب تحولا كبيرا في ما يتعلق بالحماية الدبلوماسية الاميركية -لدى الاوروبيين، وخاصة في الامم المتحدة-quot;، مشيرا الى ان الولايات المتحدة قد لا تتدخل للحضّ على التصويت ضد القرارات التي تعتبر معادية لاسرائيل، وقد تمتنع حتى عن التصويت.

ورأى جلبوع ان العلاقات المتوترة يمكن ان تتحسن quot;لو كان لدى نتنياهو حزب وسطي واحد على الاقل في ائتلافهquot; وتبعًا لمن يشغل منصبي وزيري الخارجية والدفاع، اضافة الى منصب سفير اسرائيل لدى واشنطن. ورأى مسؤول اسرائيلي انه على الرغم من ان اسرائيل واوروبا تدركان خطر طموحات ايران النووية، الا ان العلاقة بينهما تطغى عليها القضية الفلسطينية.

وقال المسؤول الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس quot;المشكلة انهم يعتقدون ان المستوطنات اهم من كل تلك الامورquot;. وبحسب هذا المسؤول، اذا لم تتخذ اسرائيل مبادرة محاولة اعادة اطلاق محادثات السلام، فان الاوروبيين سيسعون بسرعة quot;إلى اقامة مبادرة جديدة مع الادارة الاميركية الجديدةquot;.

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد قال في تصريحات لصحيفة اسرائيلية هذا الاسبوع ان باريس ستكشف عن مبادرة لإعادة إطلاق محادثات السلام بعد الانتخابات، حيث ينتظر المسؤولون الفرنسيون لرؤية نوع الائتلاف الحكومي الذي سيقوم نتنياهو بتشكيله. وحذر هولاند من أن أي تجميد مستمر لمحادثات السلام قد يؤدي الى تداعيات قاسية من قبل أوروبا.

وقال quot;اذا استمر الركود الذي شهدناه في السنوات الأربع الماضية، فان التعامل مع اي شيء متصل بالمستوطنات قد يكثفquot;، مشيرا الى ان الدول الاوروبية قد تمنع حتى دخول المستوطنين المتطرفين الى اراضيها. وتابع ان quot;اوروبا اعتادت على فرض عقوبات وتعرف كيف يتم ذلك، وان كانت هنالك رغبة سياسية لفرض عقوبات على العناصر الاسرائيلية، فان الاليات قائمة بالفعلquot;.

واعتبر خبير العلاقات الدولية الفرد توفياس ان لدى الاوروبيين quot;مشاكل حقيقيةquot; مع حكومة نتنياهو في ما يتعلق بسياساتها مع الفلسطينيين. وقال لوكالة فرانس برس quot;هم يشعرون بأن عملية السلام معلقة ايضًا بسبب عدم رغبة الحكومة الحالية في التقدمquot;.
واشار الاستاذ في الجامعة العبرية في القدس الى ان quot;الجميع اكتفى من هذا الصراع، ولا احد يفهم لماذا لا تقوم اسرائيل باتخاذ أية تدابير. انهم يعتبرون اسرائيل الطرف القوي والفلسطينيين - حتى حركة حماس- ضعفاءquot;.

واضاف توفياس انه على الرغم من ان الاوروبيين يفضلون quot;الجزر بدلا من العصيquot;، فانه ليس من المستبعد ان يقوموا بفرض quot;عقوبات محدودة على اسرائيل، مثل منتجات المستوطناتquot;. لكن المسؤول الاسرائيلي اكد ان التوتر في العلاقات مع اوروبا حول عملية السلام او النشاط الاستيطاني من غير المرجّح ان يضعف التنسيق مع اسرائيل حول ايران، ولكنه سيستمر على الارجح. واضاف quot;نجحنا مع الاوروبيين في اقامة جدار حماية حول القضيةquot; الايرانية.

وتابع ان quot;الاوروبيين يدركون انه يجب تولي القضية الايرانية، ليس فقط لانهم لا يريدون ان نهجم، بل لأنه بالنسبة إليهم ايضًا، فان ايران نووية ستكون امرًا سيئا للغاية.

وسيعتمد الفلسطينيون، الذين يتوقعون تدهورًا في الوضع بعد الانتخابات الإسرائيلية على وضعهم الدولي الجديد وجهود المصالحة الداخلية في مواجهة حكومة بنيامين نتنياهو المقبلة، والتي ستكون على الأرجح أكثر يمينية.

وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي لوكالة فرانس برس quot;ننتظر تغييرًا نحو الأسوأ ومزيدًا من التطرف الإسرائيلي، خاصة وأن نتنياهو يتحالف الآن مع الأكثر تطرفًا منه، وهذا لا يبشّر بشيء جيدquot;.

يخوض حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو الانتخابات التشريعية الثلاثاء في لائحة مشتركة مع حزب إسرائيل بيتنا القومي المتطرف بزعامة وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان.

وكان ليبرمان قام الاثنين بجولة انتخابية في المستوطنات القريبة من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة وتوجّه إلى زيارة الحرم الابراهيمي الشريف، فيما وصفته السلطة الفلسطينية quot;باستفزازquot;.

وقال المتحدث باسم حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة فوزي برهوم، لوكالة فرانس برس، quot;التنافس الاسرائيلي هو التنافس على الدم الفلسطيني وعلى سفك الدم الفلسطيني وعلى توسيع الاستيطان وعلى التهجيرquot;.

واضاف quot;يجب ان يكون هناك وضع فلسطيني موحد وقوي حتى يواجه هذا التحدي في المستقبل، وبالتالي انجاز الوحدة الوطنية في اطار برنامج وطني يحافظ على الثوابت والحقوق الفلسطينية ويحمي الارض والشعب والمقدساتquot;.

من جهته، رأى مهدي عبد الهادي رئيس الجمعية الفلسطينية الاكاديمية للشؤون الدولية (باسيا) ان الحملة الانتخابية الاسرائيلية فيها quot;جهل تام وانكار لعملية السلام وحل الدولتينquot;. وبحسب آخر استطلاع للرأي لمؤشر السلام، يفضل ستون بالمئة من الاسرائيليين حل الدولتين، لكن غالبيتهم (49.7 بالمئة) تعارض اي تفكيك للمستوطنات في الضفة الغربية. ويفيد الاستطلاع ان 52.6 بالمئة من الاسرائيليين يعارضون نقل الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة الى الدولة الفلسطينية. وهاتان النقطتان من اسس عملية السلام.

يحذر نتنياهو، الذي ينتقد أية محاولة للمصالحة بين حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحماس، من ان حركة حماس يمكن ان تسيطر على السلطة الفلسطينية. وقال نتنياهو في الثالث من كانون الثاني/يناير الماضي ان quot;حماس يمكن ان تسيطر بين يوم وآخر على السلطة الفلسطينيةquot;.

وبحسب عبد الهادي، فان quot;دخول حماس النظام السياسي الفلسطيني عبر المصالحة سيكون رسالة واضحة إلى الاسرائيليين بانه (لا يمكنكم الحصول على كل شيء)quot;. واشار عبد الهادي الى ان منح دولة فلسطين وضع دولة مراقب في الامم المتحدة في 29 من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل سيسمح لهم quot;بالتوجّه الى المجتمع الدولي ومحكمة الجنايات الدولية لمواجهة الاسرائيليين في جبهات اخرىquot;.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس صرّح في التاسع من كانون الثاني/يناير الماضي في القاهرة ان quot;هناك 63 منظمة دولية تابعة للامم المتحدة من حقنا الانضمام اليهاquot;. واضاف عباس، الذي كان يتحدث بعيد لقائه برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، quot;نحن ندرس بعناية ودقة الانضمام إلى هذه المنظماتquot;.

ويأمل المسؤولون الفلسطينيون في تكثيف الضغوط الدولية على الحكومة الاسرائيلية لتفرج عن اموال الضرائب الفلسطينية التي تم تجميد تحويلها للسلطة في كانون الاول/ديسمبر الماضي كعقاب على رفع تمثيل فلسطين في الامم المتحدة