ساهمت أزمة الرهائن في الجزائر، بتغيير الاستراتيجية الأميركية التي تسعى ادارة أوباما إليها، من خلال الحصول على دعم الجيش الجزائري للتوصل إلى حلول نهائية للأزمات التي يسببها وجود القاعدة في المنطقة.


القاهرة: تسببت أزمة الرهائن في الجزائر بقلب الإستراتيجية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، للتنسيق بخصوص حملة عسكرية دولية يتم شنها ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا، وهو ما ترك القادة الأوروبيين والأميركيين والأفارقة في خلاف متزايد بشأن الطريقة التي يمكنهم أن يتبعوها من أجل التوصل أخيراً إلى حل لتلك المشكلة.

ويضغط المسؤولون الأميركيون بشكل مكثف على نظرائهم في الجزائر، التي يعد جيشها الأقوى حتى الآن في شمال أفريقيا، للمساعدة في التدخل بالجارة مالي، حيث نجح الجهاديون وغيرهم من المتمردين بتكوين قاعدة عمليات محصنة تحصيناً جيداً.

جهود أميركا لم تتحقق المطلوب

وقامت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ومسؤولون أميركيون كبار آخرون، بزيارات متكررة إلى العاصمة الجزائر في محاولة من جانبهم لإقناع الدولة الغنية بالنفط، بأن تساهم بقوات في القوة العسكرية التي تدعمها الأمم المتحدة في مالي.

لكن قرار الجزائر الفردي الذي اتخذته لمهاجمة الخاطفين بإحدى محطات الغاز الطبيعي، قد أدى إلى تلاشي الآمال الخاصة باحتمالية تعاونها عسكرياً في مالي، وهو ما نقلته في هذا السياق صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مسؤولين أميركيين.

وقد تسببت تلك الأزمة كذلك في توتر العلاقات بين الجزائر وواشنطن، وجاءت لتزيد الشكوك بخصوص ما إن كانت هناك إمكانية للاعتماد على الجزائر فيما يتعلق بالعمل على الصعيد الإقليمي، بغية السعي وراء تفكيك تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا.

وقال جيوف بورتر وهو محلل مستقل متخصص بالشأن الأمني في شمال أفريقيا: quot;وكانت النتيجة هي أن الولايات المتحدة بددت من ستة إلى ثمانية أشهر في الدبلوماسية بخصوص الطريقة التي ترغب في التعامل من خلالها مع الأوضاع في ماليquot;.

وتابع بورتر حديثه بالقول:quot;وقد بددت جهودها في نفس السياق على الأقل من ناحية أن الجزائريين سيزيدون تعنتهم على الأرجح بخصوص المشاركة من جانبهم في مالي. ويمكنني القول إنهم وضعوا أنفسهم بالفعل في دولة أشبه ما تكون بالقلعةquot;.

التعاون الأفريقي مهم

وقال مسؤولو إدارة أوباما إن التدخل العسكري من جانب عدة دول ضروري من أجل بث الاستقرار في مالي، لكن هكذا حملة لابد وأن تقودها بلدان أفريقية، وأنه من غير الوارد أن تنجح إذا لم يكن هناك تعاون في هذا الشأن من جانب الحكومة الجزائرية.

ومن المعروف أن الجيش الجزائري يحظى بوضعية متميزة في المنطقة، فضلاً عن أن الإمكانات الاستخباراتية الجزائرية تحظي بأهمية بخصوص الشبكات الإسلامية الغامضة.

ومعروف كذلك أن الجزائر هي مهد فرع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا quot;القاعدة في المغرب الإسلاميquot;. ورغم امتداد أنشطة التنظيم لما هو أبعد من مالي حيث وصلت إلى مالي وموريتانيا والنيجر، إلا أن الجزائر ترفض محاربة التنظيم خارج حدودها.

وأعقبت الصحيفة حديثها هنا بالقول إن الأسباب التي تحول دون ذلك تتسم بتعقيدها، ويكفي أن القادة الجزائريين يقولون إنهم غير ملتزمين بمساعدة باقي الدول التي تواجه المشكلة، مثل مالي، من منطلق أن أياً من تلك الدول لم يهب لنجدتها أو مساعدتها من قبل خلال تسعينات القرن الماضي وقت حربهم ضد المسلحين.

وسبق أن قدّم مسؤولون أميركيون مراجعات مختلطة لعلاقات واشنطن الشاملة بالجزائر بخصوص الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب. وبعد أن أصبح التهديد الإرهابي أكثر حدة خلال السنوات الأخيرة، بدأ يضغط الجيش الأميركي مراراً وتكراراً على الجزائر للمساعدة في هذا الشأن.

ومضت الصحيفة تنقل عن النائب مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، قوله:quot;الجزائر أقرب إلى دولة بوليسية عن أي شيء آخر، والتعاون يتم معها بصورة متقطعة. وهم متحفظون إلى حد كبير فيما يتعلق بهذا الموضوعquot;.

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن هجرة الجهاديين إلى مالي ومجموعة دول أخرى ربما تقلل من خطورتهم بالنسبة للجزائر. وقال غيليان ميلوفانوفيتش السفير الأميركي لدى مالي:quot;يبدو من المحتمل أن الجهود التي يتم بذلها بغية التقريب بين الجزائر ومالي لمحاربة القاعدة في المغرب الإسلامي، رغم أهميتها، ستظل معركة شاقةquot;.