شقت خلافات تنظيمية حزب الدستور الذي يتزعمه محمد البرادعي، الشباب يريدون تعيينات جديدة، والبرادعي وقياديون آخرون يرفضون لأن لوائح الحزب لا تسمح بذلك. لكن المتابعين يرون تلك الخلافات أمرا عاديا داخل حزب يقوم على شخص واحد أوحد.


أحمد حسن من القاهرة: لم يسلم حزب الدستور بقيادة الدكتور محمد البرادعي من زوبعة الخلافات التي تشهدها أحزاب المعارضة حاليا.

إذ نظم شباب الحزب عشرات الوقفات الاحتجاجية أمام مقره المركزي للمطالبة بإجراء انتخابات جديدة لبعض قيادات وأمناء الحزب بالمحافظات.

استبدال كوادر

مطالب شباب الحزب تتركز حول قيام الرئيس باستبدال أمين التنظيم الحالي سامح مكرم عبيد، بأمين تنظيم جديد يكون أكثر توافقا وأكثر قدرة على التواصل مع أعضاء الحزب و قواعده، وقد ازدادت الأزمة سخونة برفض البرادعي مقابلة المعترضين على سياسة الحزب وقبول مبادرتهم لحل الأزمة بحجة مخالفتها للوائح الداخلية للحزب.

والأزمة كانت سببا في وفاة أحد قيادات الحزب ومؤسسه شعراوي عبد الباقي الذي أصيب بأزمة قلبية اثر مشادات مع عناصر من الحزب.

حزب الرجل الواحد

اعتبر خبراء أن الأزمة داخل حزب الدستور كانت متوقعة في ظل بناء أحزاب على شخصية رجل واحد، وهو ما سوف يكون انكسارا للمعارضة أمام التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية القادمة.

ويوضّح باسل عادل، عضو لجنة تسيير أعمال حزب الدستور في تصريحات لـ(إيلاف) أن الدكتور البرادعي رئيس الحزب يعطي اهتماما خاصا لمطالب الشباب على اعتبار أنهم أساس تكوين الحزب، فأهم ما يميز حزب الدستور أن أغلبية أعضائه المؤسسين من الشباب، ومن هنا فإن قيادات الحزب تحرص على الاستماع لرؤية الشباب وتبني أفكارهم الجادة حول تطوير الحزب وإعادة الهيكلة، ولكن الأمر سيحل وفقا للوائح الحزب الداخلية احتراما لسيادة القانون، بحيث لا يكون إقصاء القيادات وفقا لتنظيم مظاهرة أو احتجاج، فلا يعقل أن يكون حزب الدستور الذي يريد تطبيق ديمقراطية حقيقية في مصر أول من يخالف ذلك.

أضاف:quot; إن لوائح الحزب الداخلية تنص على أن كافة المناصب تجرى بالتعيين في مهلة أقصاها سنة إلى حين انعقاد أول جمعية عمومية وإجراء انتخابات داخلية للحزب، واختيار قيادات جديدة أو نفس القيادات وفقا لرؤية الجمعية العمومية، وهو ما سيحدث مباشرة عقب انتهاء الانتخابات البرلمانية المقبلة التي سيخوضها الحزب للمرة الأولى.

البيت الداخلي غير مُرتّب

أشار باسل عادل إلى أن خوض الحزب لانتخابات البرلمان هو ما عطل إجراء الانتخابات الداخلية بسبب الانشغال بالإعداد لانتخابات مجلس النواب، والتنسيق مع جبهة الإنقاذ الوطني، وتوحيد صف القوى المدنية، وبالتالي فإن مطالب الشباب بإقالة بعض القيادات نحترمها، ولكنها غير قانونية؛ لمخالفة اللائحة الداخلية، وعلى الشباب الانتظار لحين عقد جمعية عمومية، وهذه هي الديمقراطية التي ننادي بهاquot;.

ويرى عادل أنّ لجنة تيسير أعمال الحزب سوف تضع أمامها جميع الاقتراحات التي تقدم بها الشباب ومجموعة الطلاب خلال إعادة هيكلة الحزب، مضيفا أن وفاة شعراوي عبد الباقي رحمة الله عليه ستكون دافعا أساسيا لهم جميعا من أجل تحقيق حلمه في تطوير وتغيير الحزب نحو الأفضل.

تقريب وجهات النظر

من جانبه، أوضح مصطفى الجندي القيادي بحزب الدستور، أن الدكتور محمد البرادعي لا يرفض لقاء الشباب المعترضين على بعض القيادات بالحزب، ومؤخرا حدث لقاء بيني وبين الشباب تم فيه تقريب وجهات النظر وتوضيح سبب تأجيل الانتخابات الداخلية للحزب لما بعد الانتخابات البرلمانية؛ حفاظا على التركيز في الانتخابات مع جبهة الإنقاذ من أجل تحقيق نتائج أفضل، وقد تم جمع جميع مطالب الشباب وخطتهم للتطوير وهيكلة الحزب للدكتور البرادعي وهو مؤيد لها جميعها، مشيرا إلى أن الأزمة سوف تنتهي قريبا.

وأضاف مصطفى الجندي لـ(إيلاف):quot;الخلافات في وجهات النظر لا تعني وجود انقسامات بالحزب فالإعلام يزيد من الأزمة، ونؤكد أن ذلك لن يكون له أي تأثير على استعداد الحزب للانتخابات البرلمانية فهناك تركيز كبير لإسقاط التيار الإسلامي.

لوائح الحزب هي الفيصل

خالد داود المتحدث الإعلامي باسم حزب الدستور، يقول إنّ سبب الأزمة مردّه جهل البعض بما جاء في لائحة الحزب، إذ أنّ مطالب الشباب تتركز في انتخاب قيادات بديلة من بين أكثر من مرشح، وهذا مخالف لللائحة التي تنص على أن اختيار الهيكل الإداري يكون بالتعيين وليس بالانتخاب لمهلة أقصاها سنة إلى حين إجراء المؤتمر العام للحزب والجمعية العمومية وبدء انتخابات داخلية للحزب.

يضيف: quot; المطالب باختيار أمناء الحزب في المحافظات أو اختيار أعضاء بديلة لقيادات الهيئة العليا للحزب بالانتخاب لا يجوز، وأعتقد أن الشباب تفهموا ذلك تماماquot;.

وأضوح أن الدكتور محمد البرادعي رئيس الحزب أصدر قرارا بعقد الجمعية العمومية للحزب، وبدء إجراء الانتخابات عقب الانتخابات البرلمانية مباشرة وبالتالي سيكون انتهاء الأزمة قريبا، على حدّ تعبيره.

وشدّد على انّ الخلافات التي تدور داخل حزب الدستور لن تستمر؛ لأنها لا ترقى لحد الانشقاقات أو الانقسامات السياسية، كما أن الحزب تأسس على رؤية واحدة وهدف واحد، وهو أن يكون جبهة قوية للقوى الشعبية، وهو ما يدفعه إلى التروي، وتجاوز أي خلاف سياسي أو فكري من شأنه أن يعرقل مسيرته.

أزمة ستستمرّ

من جانبه، يوضّح الدكتور محمد منصور أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط أن الخلافات والانقسامات داخل حزب الدستور ومن قبله أحزاب أخرى، أمر متوقع في ظل بناء الحزب على رجل واحد، فجميع هذه الأحزاب متوقع لها استمرار تلك الأزمات في المستقبل، وبعضها قد ينتهي دوره السياسي قريبا في حال اختفاء الشخصية التي تقود الحزب والتي من غيرها لا يوجد حزب من الأساس.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن حزب الدستور شهد مبكرا نشوب الخلافات والصراع على المناصب وسط رفض الدكتور البرادعي الاستماع لمطالب الشباب التي يراها لا تناسب فكره، وهنا سيكون الصدام أكبر.

البرادعي قد يغادر

يتوقذع الدكتور محمد منصور أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط ترك البرادعي رئاسة الحزب مبكرا. ويقول: quot; الجميع كان يتوقع قيادة حزب الدستور للمعارضة، وأن يكون ندا قويا لحزب الأغلبية (الحرية والعدالة)، خصوصا وأن الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وتتطلب استعدادًا قويًا من كافة الأحزاب، والخلافات الحالية التي تدور بين أحزاب المعارضة سوف تكون ورقة قوية في يد التيار الإسلامي في الانتخابات البرلمانية، فالتيار الاسلامي يبدو أكثر تماسكا من المعارضة.