أسبوع من العنف في الجزائر ومالي حوّل فرع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا إلى جماعة تتمتع بتأييد بين الإسلاميين المتشددين في جميع أنحاء العالم، فارتفعت أسهم التنظيم لتجذب المنتسبين والتبرعات، فيما ارتفع منسوب المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تحفيز هجمات إرهابية أخرى في المنطقة وخارجها.


على الرغم من بعض الهزائم التي منيت بها في شمال أفريقيا في الأيام الأخيرة، إلا أن الحركة المعروفة باسم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تشهد تقدماً خطيراً يظهر بوضوح في غرف الدردشة على الإنترنت والتصريحات الرسمية من قبل الجماعات المتطرفة، وبعضها يحث على شن حملات انتقامية ضد المصالح الغربية.

وينظر مسؤولون أميركيون إلى أزمة رهائن الاسبوع الماضي في شرق الجزائر باعتبارها نقطة تحول بالنسبة لفرع تنظيم القاعدة، وزيادة في مصداقيتها، كما يدل على انها انتقلت من منظمة يقتصر نشاطها على الجزائر إلى منظمة تهدد مصالح الغرب على نطاق أوسع وقادرة على الاستفادة من القوى العاملة، الأسلحة والموارد من مختلف أنحاء المنطقة.

خطورة القاعدة

بينما تستعد القوات الأميركية للانسحاب من أفغانستان في العامين المقبلين، وإنهاء الصراع الذي بدأ كمحاولة لسحق تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، تخشى واشنطن وعواصم غربية أخرى التهديد الخطير لفرع جديد لتنظيم القاعدة قادر على الوصول إلى نطاق أوسع.

وقال النائب مايك روجرز، رئيس لجنة مجلس النواب للاستخبارات لصحيفة واشنطن بوست quot;القاعدة تصبح أكثر خطورة وتجذب أعداداً كبيرة من المجندينquot; واصفاً الهجوم في الجزائر على انه quot;انتصار استراتيجيquot; لفرع تنظيم القاعدة الذي اثبت انه قادر على ضرب أهداف غربية بثقة عالية.

وكشف الهجوم الذي وقع في الجزائر الانتشار والتأثير الواسع للتنظيم، فيقول مسؤولون جزائريون إن المتشددين الذين هاجموا منشأة الغاز الطبيعي يوم 16 كانون الثاني (يناير) يضمون أفرادًا من جنسيات جزائرية، ليبية، مصرية، موريتانية وخليجية ويتمتعون بخبرة عسكرية واستخدموا أسلحة من ترسانة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.

دعوة لحشد الإسلاميين

ومنذ بداية أزمة الرهائن الجزائرية، تعهد الاسلاميون من مختلف أنحاء شمال أفريقيا والشرق الأوسط بدعم التنظيم وغيره من المنظمات التي يعتقد أنها وراء الهجوم على مالي، حيث تقاتل الجماعات المسلحة القوات الحكومية المدعومة من قبل القوات الفرنسية.

وفي رسالة نشرتها جماعة التوحيد والجهاد المصرية على موقع فايسبوك، وصفت فيه صراع مالي على انهquot;حرب دينية ضد المسلمينquot;، داعية quot;جميع المسلمين في مصر والعالم للوقوف إلى جانب إخوانهم المجاهدين في شمال مالي وتقديم الدعم لهمquot;.

وظهرت منشورات عديدة على مواقع الإنترنت الجهادية تدعو لشن هجمات ضد فرنسا، بما في ذلك استهداف معالم مثل برج إيفل. quot;نفذوا عمليات فردية، اعتقلوا واقتلوا واذبحوا، وإن كان فرنسياً واحداًquot;، تقول إحدى المنشورات.

تطور التنظيم

الصراع في مالي جاء في أعقاب انتفاضات الربيع العربي والحرب الأهلية الليبية، مما أعطى التنظيم فرصة للتطور والتكيف في عملياته، يقول اندرو ليبوفيتش، محلل في الأمن والسياسة في شمال أفريقيا.

quot;هذا الواقع أعطى التنظيم القدرة على أن يصبح جزءاً من شيء مختلف. لا أعتقد أن طبيعة التنظيم الأساسي تغيرت، لا أعتقد أنه قد أتيحت له الفرصة للعودة الى طرق أكثر تقليدية بعد سنين من القيودquot;.

ودعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى استجابة دولية موسعة ضد الإرهاب. وعلى الرغم من انه لم يحدد أي التزامات جديدة لبلاده، إلا انه سيستخدم رئاسة بلاده لمجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى هذا العام لدفع القضية إلى رأسٍ أولويات جدول الأعمال العالمي. وأضاف: quot;انه تهديد عالمي، وبالتالي يتطلب استجابة عالمية، قد تأخذ عقوداً وليس مجرد بضعة شهورquot;.