ما زالت مساعي تشكيل حكومة معارضة سورية في المنفى متعثرة، في ظل تساؤلات حول ما تقدمه للسوريين في المرحلة الحالية، وحول تلبيتها رغبة اقليمية أو حاجة سورية، في ظل محاصصة مستشرية وغياب التمويل اللازم.
لم تكن المعارضة السورية حتى اليوم على موعد مع إحراز أي نجاح في ملف تشكيل حكومة انتقالية، واقتصر الامر على تصريحات وبيانات وقوائم متوقعة على مواقع التواصل الاجتماعي، اضافة إلى تشكيل لجنة تتحرى رأي الدول الصديقة للائتلاف الوطني حول إمكانية دعم الحكومة والاعتراف بها، وقد اعتذر عنها عضو الائتلاف الذي اقترحها.
اختباء وراء التقاعس الدولي
رأى محمد كركوتي، المسؤول السياسي في تيار التغيير الوطني السوري المعارض، أن الحكومة الانتقالية حاجة سورية في ما لو جُردت من مقاصدها السياسية، quot;وهي كيان ضروري لا شك في أنه يساهم في تسريع مسألة رفع الشرعية الفعلية عن نظام بشار الأسد، وهي أداة حتمية وضرورية للثورة الشعبية العارمة التي تجتاح سورياquot;.
وقال: quot; يحتاج العالم كله، بما في ذلك روسيا، إلى جهة سورية تنفيذية متماسكة، تتمتع بالحد الأدنى من الشرعية، لكن تشكيل هذه الحكومة دخل في سياق المحاصصة الذي فرضه بعض أطياف المعارضة، وفي مقدمها المجلس الوطني والائتلاف الوطني، مع الاختباء وراء التقاعس الدولي لحسم الموضوع السوري، خصوصًا أن المتقاعسين يتلطون وراء السد السياسي الروسي quot;.
أضاف كركوتي أن المصيبة في خلافات حقيقية وواقعية حيال الحكومة الانتقالية السورية، داخل كيان أصدقاء الشعب السوري، quot;ففي حين تندفع فرنسا باتجاه تشكيل هذه الحكومة، تلتزم الولايات المتحدة بالسياسة التي تعلمتها من بريطانيا، وتستند إلى ضرورة وضوح الرؤية لمرحلة ما بعد سقوط الأسد، للإقدام على خطوة جديدة، سواء حكومة أو كيان معارضة متين أو حتى تدخل عربي أو أجنبي، وعلينا أن نتخيل الآثار السلبية الفضفاضة لـلرؤية المطلوبةquot;.
سياسات سلحفاتية
ومن وجهة نظر كركوتي، المصيبة الأخرى في أن الخلافات نفسها موجودة على ساحة القوى الإقليمية، كل حسب ميله السياسي ورؤيته لآليات الحل في سوريا، خصوصًا وأن هناك اتفاقًا على الحل نفسهquot;.
وعبّر كركوتي عن خشيته من أن تكون الحكومة الانتقالية ذراعًا آخر في تعطيل الدفق السياسي للثورة السورية، وفي أن تتحول إلى مبرر جديد لتقاعس يوفر الحماية اللازمة للقوى الإقليمية والدولية المعنية، من تكبد خسائر سياسية غير حقيقية في الواقع، تحاول تفاديها. وهذا ليس غريبًا في التاريخ الحديث، فقد حدث هذا النوع من الخلافات في البوسنة والهرسك وإقليم كوسوفو والعراق وغيرهاquot;.
قال: quot;حكومة تكنوقراط هي الحكومة الانتقالية المثالية حقًا للثورة السورية، توفر على الشعب السوري وقتًا مهدورًا بمبادرات سياسية ميتة، وبسياسة إقليمية ودولية سلحفاتية، لا تنفع مع ثورة استثنائيةquot;.
خطر التهميش
قال شلال كدو، القيادي في حزب اليسار الديمقراطي الكردي وعضو المجلس الكردي، لـquot;ايلافquot; إن الحكومة الانتقالية التي يدور الحديث حولها، والتي كان من المزمع أن تتشكل منذ فترة، هي حاجة سورية اذا توافرت الاراضي المحررة كي تخدم مصالح الناس، ما يُقصد بها الآن بعيد كل البعد عن الغاية المعلنة أو المرجوة من تشكيل هكذا حكومة، كونها رغبة اقليمية اكثر مما هي رغبة سورية في الوقت الحاضرquot;.
وبرر كدو ذلك بقوله: quot;هناك مخططات اقليمية واضحة تستهدف تشكيل حكومة من دون مراعاة المكونات المجتمعية في سوريا، سواء أكانت الاثنية او الدينية او غيرها، ما يؤدي إلى تهميش هذا المكون على حساب آخرquot;.
وشدد كدو على عدم جدوى ذلك لأن سوريا بلد متعدد التكوينات، quot;ولا بد من أن تتحد المعارضة بشكل حقيقي قبل التفكير في تشكيل حكومة، لأن ابسط مقومات نجاحها غير متوفرة في الوقت الحاضر، نظرًا لتشتت المعارضة وافتقارها إلى قرار مستقل، بعيد عن التأثيرات الاقليمية التي لا تريد الخير لسوريا ولشعبهاquot;.
وفي هذا السياق، أكد كدو أن العشرات من كتائب المعارضة تضرب بكامل قوتها انطلاقًا من الاراضي التركية، وعلى مرأى ومسمع الجميع، بلدة كردية وديعة على الحدود التركية، وتقصفها بالاسلحة الثقيلة، وتهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها الآمنين، وتنهب أموال الناس وتهتك اعراضهم من دون سبب، سوى انهم اكرادquot;.
ويرد كدو فشل مساعي تشكيل حكومة المنفى إلى المحاصصات الحزبية، مشددًا على ضرورة أن تكون حكومة تكنوقراط، في حال تم الاتفاق على تشكيلها بعد وقف القتال في المدن الكردية.
ثلاثة مليارات دولار
كان معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني المعارض، تحدث عن ملف الحكومة الموعودة. وقال في صفحته على موقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي: quot;يحتاج مشروع الحكومة الموقتة لدعم مادي لا يقل عن ثلاثة مليارات دولارquot;، لافتًا إلى أنه لم يحصل حتى الآن على ضمانات بتوفير هذا المبلغ من الدول الصديقة.
واعتبر الخطيب وجود الحكومة الوسيلة الوحيدة لمواجهة الفوضى، التي تجسدت في مظاهر عدة، منها أن كثيرًا من مواد الإغاثة قد سرقت أو نهبت من قبل عصابات تستغل الانفلات الأمني، وأصبح العديد من حقول النفط بقبضة مجموعات مسلحة بعضهم يحميها وبعضهم يسرقها.
وحذّر من أن التأخّر في تشكيل الحكومة قد يدفع بالمجتمع الدولي إلى تشكيلها تحت الفصل السابع، اضافة إلى امكانية ارسال قوات دولية. لكنه قال: quot;نحن بين نارين، الدفع نحو قرار بإنشاء حكومة وخطورة إفشالها، وعدم تشكيلها مع خطورة التدخل الدوليquot;.
التعليقات