لا شيء أكثر من القلق في محيط ميدان التحرير في القاهرة، مع بدء المصريين إحياء الذكرى الثانية للثورة بشعارات تبدو أقرب إلى تلك التي رفعت للمناداة بإسقاط حكم مبارك.


يحيي المصريون الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، في أجواء اتّسمت بالقلق المشوب بالخوف الذي يصل إلى درجة الرعب، لاسيما أن اليومين الماضيين شهدا العديد من وقائع العنف، بين الشرطة وبعض المتظاهرين في ميدان التحرير، خاصة من ناحية شارع قصر العيني، إلى جانب أعمال عنف من جانب الإلتراس، أو مجموعات مشجعي كرة القدم المطالبين بالقصاص ل72 من زملائهم الذين قتلوا في أحداث مباراة كرة قدم بين فريقي المصري البورسعيدي، والأهلي القاهري، يوم 1 فبراير/ شباط 2012، حيث أوقفوا حركة القطارات والمترو في القاهرة، وقطعوا العديد من الطرق، معتبرين أن هذه الأفعال مجرد quot;قرصة ذانquot;، معلنين quot;القصاص أو الفوضىquot;.
وتوافد عشرات الآلاف من المصريين على ميدان التحرير قادمين من شتى الميادين في أنحاء القاهرة، بعد صلاة الجمعة، إنطلاقاً من المساجد الكبرى، منها ميادين: مسجد مصطفى محمود في حي المهندسين الراقي، ومسجد الإستقامة في ميدان الجيزة، ومسجد الفتح في ميدان رمسيس في وسط القاهرة، والجامع الأزهر في ميدان الأزهر، بالإضافة إلى قدوم الآلاف من أبناء الأقاليم إلى القاهرة للمشاركة في ذكرى الثورة من ميدان التحرير. فيما وقعت أعمال عنف ومناوشات في بعض الأقاليم منها مدينة منوف في وسط الدلتا.
فيما قطع متظاهرون بعد ظهر الجمعة الطريق أمام مبنى التلفزيون المصري (ماسبيرو) الواقع في وسط القاهرة على بعد كيلومتر واحد من ميدان التحرير وأوقفوا حركة السير في الاتجاهين، بحسب شهود.
وأفاد الشهود أن المتظاهرين رددوا هتافات تطالب ب quot;تطهيرquot; الإعلام والقضاء ووزارة الداخلية.
وتجولت quot;إيلافquot; في ميدان التحرير والمنطقة المحيطة اليوم الجمعة، ورصدت الأجواء التي سيطرت على الميدان، فقد أغلقت المحال التجارية في الشوارع والميادين القريبة منه أبوابها، خشية وقوع أعمال عنف واسعة النطاق، ووقف أصحابها والعاملون بها أمام الأبواب المغلقة لحراستها، وقال محمد الزيني، صاحب محل للملابس الجاهزة، في شارع طلعت حرب التجاري، لquot;إيلافquot; إن الأجواء لا تنذر بالخير، مشيراً إلى أن هناك توقعات باندلاع أعمال عنف وحرائق قد تلتهم القاهرة، على طريقة حريق القاهرة في أوائل العام 1952، وأضاف أن أصحاب المحال إضطروا إلى إغلاقها خشية تعرضها للتكسير والنهب، ونبه إلى أن أصحاب المحال والعاملين بها لن يبرحوا أماكنهم، بل سوف يستمرون في حراستها، ومنوهاً بأن لديهم ما يكفي لردع أي شخص تسول له نفسه الإقتراب من quot;لقمة عيشهمquot;، على حد قوله.
فيما إضطرت البنوك القريبة من الميدان إلى تفريغ ماكينات الصرف الآلي من الأموال، بل إن بعض البنوك لجأت إلى إقتلاع الماكينات من أماكنها مطلقاً. وإضطر بعض السكان في المنطقة لهجرة منازلهم، وقال أحمد الحصري، وهو صحافي يقيم في شارع محمد محمود، المتفرع من ميدان التحرير، لquot;إيلافquot; إنه إضطر إلى إغلاق شقته، منذ ثلاثة أيام والإنتقال وهو وأسرته للعيش مع والده في حي فيصل في منطقة الجيزة، وأضاف أن الأحوال في ميدان التحرير توحي بأن هناك شرًا قد يقع، مشيراً إلى أن لديه أطفالا صغارا، وقد تقع معارك بين الشرطة والمتظاهرين أو بين بعضهم البعض، وسوف تضطر الشرطة إلى إطلاق القنابل المسيلة للدموع، ما يصيب الأطفال بالإختناق.
وانتشرت قوات الشرطة لتأمين المنشآت الحيوية والبنوك، وقال مصدر أمني لquot;إيلافquot; إن وزارة الداخلية رفعت حالة التأهب للدرجة quot;جquot;، مشيراً إلى أن الوزارة ألغت الإجازات تماماً لجميع الضباط والأفراد، ولفت إلى أن وزير الداخلية أصدر تعليمات بعدم التعامل بعنف مع المتظاهرين مهما بلغت درجة الإستفزاز، واقتصار المواجهة على الرد بالقنابل المسلية للدموع، منوهاً بأن هناك حالة من السخرية لدى الضباط، بسبب هذه التعليمات، ويطلقون النكات في ما بينهم، ومنها: quot;الداخلية نازلة عشان تنضرب.. يا جدعانquot;، وquot;إضربني.. شكراًquot;، quot;الضرب للجدعان.. اللي مش إخوانquot;، quot;الظابط الصح.. اللي ينضرب وما يقولش أيquot;.
ونفى المصدر أن تكون هناك حالة تأمين خاصة لمقرّات الإخوان، ولاسيما المقر الرئيس في حي المقطم، وقال مقرّات الإخوان ومقرات حزب الحرية والعدالة تعامل مثلها مثل أي مقرات للأحزاب الأخرى. ولفت إلى أن التعليمات الصادرة أن يكون التأمين لجميع المنشآت الحيوية، ومراعاة الدفاع عنها بكل حزم، ولكن من دون التورط في إطلاق النار على المحتجين، والإكتفاء بإمطارهم بوابل من القنابل المسيلة للدموع.
وفي التحرير، صدح المتظاهرين بالهتافات التي أطلقوها في الثورة التي أسقطت نظام حكم مبارك، ومنها: quot;إرحل.. إرحلquot;، quot;الشعب يريد إسقاط النظامquot;، quot;يسقط.. يسقط حكم المرشدquot;.
فيما اتخذت التظاهرات في بعض الأقاليم شكلاً عنيفاً، ففي مدينة منوف في محافظة المنوفية ووسط الدلتا، إحتل آلاف المحتجين محطة السكة الحديد، ومنعوا حركة القطارات، وهتفوا quot;يسقط .. يسقط حكم المرشدquot;.
وفي السياق ذاته، رفضت قوى المعارضة العنف، وقال الناشط السياسي جورج إسحاق لquot;إيلافquot; من ميدان التحرير، إن جبهة الإنقاذ ترفض أي مظاهر للعنف، مشيراً إلى أن الشعب المصري يرفع حزمة من المطالب في الذكرى الثانية للثورة، منها: القصاص للقتلى، وإسقاط الدستور quot;المعيبquot;، وإجراء إنتخابات مبكرة، وأضاف أن التظاهرات تتسم بالسلمية، غير أنه طالب بمعرفة هوية الملثمين الذين يرشقون قوات الأمن بزجاجات المولوتوف، والحجارة، ويحاولون إشعال الحرائق في الممتلكات العامة والخاصة، معتبراً أن تلك الأفعال تشوه الثورة، وتعطي للطرف الآخر الفرصة لاتهام القوى السياسية باستخدام العنف.