بالرغم من ارتفاع عدد المندوبات إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا العام، إلا أن المشاركة النسائية تبقى في حدودها الدنيا، وهذا ما رفضته نساء حضرن ليثبتن أنهن قادرات في عالم رجال الأعمال.


كما في كل عام، انعقد منتدى كافوس الاقتصادي، جامعًا زعماء دول العالم حول طاولة بحث، طبقها الرئيسي المشكلات الاقتصادية وإيجاد حلول لها. لكن في دورته هذا العام، تسلط الضوء قويًا على تقلص المشاركة النسائية في أعمال هذا المنتدى، الذي يقع تحت سلطات ذكورية، لا يتحداها وجود بعض النساء مثل أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، وكريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي.

عاريات على السطح

بالرغم من اعتماد إدارة المنتدى لنظام الكوتا الجندرية، تشجيعًا لمشاركة النساء في أعمال هذا المنتدى السنوي، ما زالت نساء الأعمال وزعيمات بعض الدول يشعرن بأنهن غير مرحب بهن في رحاب ذكورية دافوس.
لكن مصادر منظمي المنتدى الاقتصادي العالمي قالوا إنهم منحوا الشركات والمؤسسات التي تنوي إرسال نساء يمثلنها أمكنة إضافية، من دون جدوى، ورد أحدهم الأمر إلى احتمال ممكن... قال: quot;ربما ليس في إدارات الشركات نساء رائدات ليأتين هنا ويشاركن في أعمال المنتدىquot;.
وحين صعدت ثلاثة نساء عاريات الصدر على سطح مركز المنتدى، يعترضن على تراجع مساهمة المرأة في السياسة الاقتصادية العالمية، كان صعبًا عدم التنبّه إلى هذه المسألة.

لن تصمت

عقدت ندوة على هامش أعمال المنتدى، تناولت شؤون القيادة النسائية وشجونها، شاركت فيها لاغارد، إلى جانب شيرل ساندبرغ، مديرة العمليات في شركة فايسبوك، ودرو غلبين فاوست، رئيسة جامعة هارفارد، وحضرها جمع نسائي غفير. وأكدت لاغارد أثناء الندوة أن واجب النسوة المجاهرة بالاختلافات بين الجنسين وتحديه، حين يتصل الأمر بارقاء النساء إلى اعلى مستويات القيادة في قطاع الأعمال ومراكز صنع القرار الاقتصادي.
أما سانبرغ، المتكلمة المفوهة، فقالت إنها صمتت أعوامًا طويلة على تراجع النساء في الأعمال، لكنها لن تستمر على صمتها ابدًا.
ولا بد أن ثمة ما يدفعها إلى الكلام فعلًا. فبعد 39 عامًا على أول دورة للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية، لم تزد مشاركة النساء عن 20 بالمئة.
وفي هذا العام، ساد ندوة السياق المالي العالمي ذكورةً صرفة، إذ لم يشارك فيها سوى مصرفيون رجال. وكذلك غابت النسوة عن ندوة الطاقة العالمية.

مكتوفات الأيدي

آن ريشاردز، كبيرة مسؤولي المحافظ الاستثمارية في شركة أبردين لإدارة الأصول، أكدت ضرورة رفع الصوت النسائي، كي لا يظن الذكور أن سوق العمل مطوب لهم. قالت: quot;الرجال متحكمون بعالم الأعمال، بينما نقف مكتوفات الأيدي، وكأننا سلمنا بالهزيمة، وعلينا العمل بحهد أكبر لنثبت أننا لسنا عاجزات، خصوصًا أن الفرص متاحة أمامناquot;.
أضافت: quot;لا أهتم للكوتا، بل أهتم للمنطق، والأمران يؤكدان ضرورة ان تتبوأ النساء مناصب قيادية أكثر مما يتبوأن اليومquot;.
وبين الحضور كانت المفوضة الأوروبية فيفيان ريدينغ، التي تناصر بقوة كل مسعىً لرفع مستوى المساواة في مجالس إدارة الشركات الخاصة والعامة. قالت: quot;65 بالمئة من الخريجين الجامعيين إناث، ونحن نتركهن مركونات على الرفquot;.
واشارت إلى مشروع قانون أوروبي تحت الدراسة اليوم، ينص على الآتي: quot;عند تقدم رجل وامرأة لشغل وظيفة ما في شركة ما، وعند تساويهما في المعرفة والابتكار والمهارة، تحظى المرأة بالوظيفة، إلا إذا فاقت نسبة النساء في الشركة 40 بالمئةquot;.

ردم الهوة

في الاتحاد الاوروبي، ارتفعت نسبة النساء العضوات في مجالس ادارة الشركات إلى 15.8 بالمئة في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، بحسب أرقام المفوضية الاوروبية، في حين لا تشكل النساء سوى 17 بالمئة من مدراء الشركات الأميركية. وقال سبنسر ستيوارت، المدير في مؤشر ستاندرد اند بور 500، إن نسبة النساء في شركته لا تزيد عن 16 بالمئة.
وفي دافوس، ارتفعت نسبة المندوبات في هذا العام إلى 17 بالمئة، وكانت تسعة بالمئة فقط في العام 2002، كما شكلت النساء نحو 22 بالمئة من المتكلمين في جلسات المؤتمر.

وبالاضافة إلى ندوة بعنوان المرأة في القيادة، عقدت جلسات عامة وخاصة خلال أعمال المنتدى ركزت على التفاوت الرقمي بين الجنسين، وعلى تمكين الفتيات، وتعاون القطاعين العام والخاص في ردم الهوة الاقتصادية بين الجنسين.
من جانبها، قالت هوغيت لابيل، رئيسة منظمة الشفافية الدولية إن نجاح النقاش حول مستوى التمثيل الجندري في منتدى هذا العام يقاس بالطروحات المقدمة لردم هذه الهوة. ويذكر أن لابيل كانت المرأة الوحيدة بين رؤساء المنتدى المناوبين الستة.

العبرة في التنفيذ

في مقابلة صحفية، قالت لابيل: quot;اتطلع إلى اعتراف واضح بأن التقدم مستحيل من دون تحقيق أكبر قدر من المساواة بين الجنسين، على كل المستويات، كما نحتاج الى تأكيد حقيقي بأن المساواة بين الجنسين في قطاع الأعمال والسياسة ستكون على رأس جدول الأعمال القادمquot;.
إلا أن الصعوبة تكمن في أن المعالجة كلامية لا تنتقل إلى التطبيق. وهذا ما أكدته لبنى العليان، المديرة التنفيذية لشركة تمويلات العليان السعودية، والتي شاركت في ندوة المرأة القيادية. قالت: quot;ليس المطلوب أن نحظى نحن النساء بالتأييد اللفظي وحده، بل المطلوب ان يؤمن الرؤساء التنفيذيون بما يقولونهquot;.