في مسعى محموم لتنظيف صورة المهاتما غاندي الملطخة باتهامه بالمثلية، عرضت دار الوثائق الهندية عددا من مجموعة الرسائل التي قيل إنه كتبها لـlaquo;عشيقraquo; الماني. ولكن هل يكفي هذا لأداء المهمة؟
قبل قرابة عامين صدم صحافي وكاتب أميركي يدعى جوزيف ليليفيلد العالم بأجمعه عندما أصدر كتابا زعم فيه أن الزعيم الهندي غاندي كان ثنائي الجنس مولّها بيهودي ألماني يدعى هيرمان كالينباخ حد أنه ترك زوجته من أجله.
وكان كالينباخ هذا من رياضيي كمال الأجسام ولد في ألمانيا وهاجر الى جنوب افريقيا حيث صار مهندسا معماريا ثريّا وفيها التقى المهاتما وصار من أقرب أتباعه. وقال ليليفيلد إن الاثنين عاشا في منزل بناه كالينباخ في جوهانسبرغ بين 1907 و1914 بوعد laquo;تبادل الحب (الروحي والجسدي) بشكل لم يشهد العالم مثيلا لهraquo;. وقال أيضا إن مما كتبه المهاتما الى صديقه رسالة لاحقة جاء فيها: laquo;لقد استحوذت بالكامل على جسدي. هذه أقصى درجات العبوديةraquo;.
سابقة
يورد ليليفيلد، الذي غطى أحداث جنوب افريقيا لصحيفة laquo;نيويورك تايمزraquo; في الستينات والثمانينات، مزاعمه غير المسبوقة هذه في كتابه المعنون Great Soul: Mahatma Ghandi And His Struggle With India laquo;الروح العظيمة: المهاتما غاندي ونضاله مع الهندraquo;. ويسرد فيه تفاصيل العلاقة بين الرجلين بشكل جاء بمثابة صدمة هائلة ليس في الهند وحدها وإنما في مختلف أرجاء العالم.
وقد استند ليليفيلد في مزاعمه عن مثلية المهاتما الى أوراقه وصوره الفوتوغرافية التي تتناول سيرة حياته منذ أيامه في جنوب افريقيا والخطابات التي كتبها - وضمنها رسائله الى من يزعم أنه عشيقه الألماني - وعودته الى موطنه وعلاقته العسيرة بأسرته.
وعموما فقد عكس الكاتب صورة عن المهاتما تختلف تماما عن تلك المعروفة عنه، مثل أنه كان يمارس الجنس مع عدد من النساء حتى عندما كان في السبعينات من عمره. وبين هؤلاء، تبعا للكاتب، مانو وهي ابنة بنت أخيه وكانت في السابعة عشرة من عمرها. ومنها قسوته الضارية على زوجته، وأيضا مقته الجنس بين الرجال والنساء لأنه كان يعتبره laquo;أقبح شيء في الدنياraquo; كما يزعم ليليفيلد.
عملية إنقاذ
العام الماضي وردت أنباء تفيد أن الحكومة الهندية استبقت مزادا علنيا لبيع هذه الأوراق في دار سوذبيز اللندنية، فدفعت 60 مليون روبية (700 ألف جنيه أو 1.12 مليون دولار) ثمنا للمجموعة كاملة. وكانت هذه المخطوطات قد اعتبرت مفقودة ردحا من الزمن الى أن عثر عليها المؤرخ الهندي راماشاندرا غوها وعلى أثرها واكتشف أنها تعود الى ورثة كالينباخ وبالتحديد حفيدته إيزا ساريد.
وهذه الخطابات التي اشترتها الحكومة الهندية تغطي الفترة من 1904 حتى 1945 وتشمل بالطبع فترة 21 عاما قضاها في جنوب افريقيا. ومعظم تلك الرسائل من أقارب وأصدقاء، لكنها تضم 13 خطابا على الأقل بعث بها الى كالينباخ.
ونقلت صحف بريطانية عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الثقافة الهندية قوله: laquo;هذه الوثائق نافذة فريدة ندرس عبرها الأشياء كما حدثت من منظور المهاتما. ولهذا فهي تكتسب أهمية قصوى عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على التراث الهندي، وهذا هو السبب الذي حدا بنا لشرائها من دار سوذبيraquo;.
وكانت الهند قد جأرت بالشكوى في ما مضى من بيع العديد من مقتنيات زعيم الاستقلال وأبي الأمة في المزادات الخاصة. وعندما أعلنت laquo;سوذبيraquo; أنها ستطرح تلك الخطابات للبيع، وضعت لها قيمة بما بين 500 ألف و700 ألف جنيه. فلم تتردد حكومة نيودلهي في منحها السعر الأعلى.
معرض
يوم الأربعاء الماضي فتحت دار الأرشيف القومية في نيودلهي الأبواب للجمهور لرؤية هذه المجموعة للمرة الأولى، وكان هذا إحياء للذكرى الخامسة والستين لاغتيال الزعيم الهندي في 30 يناير / كانون الثاني 1948. لكن منتقدين سارعوا الى القول إن الحكومة الهندية laquo;حجبت الرسائل التي تثبت العلاقة المثلية بين المهاتما وكالينباخ، وأيضا تلك التي تظهر أنه كان أبعد ما يكون عن الرجل المسالم العطوف عندما يتعلق الأمر بأسرته وأقرب الناس اليهraquo;.
لكن الصحف الغربية نقلت عن موشيرول حسن، مدير الدار نفيه أن تكون السلطات قد مارست أي نوع من الرقابة على ما يعرض وما لا يعرض من وثائق غاندي. وأضاف قوله إن عددا من رسائله الى كالينباخ laquo;معروضة وليس فيها ما يشير الى شيء laquo;غير طبيعيraquo; بين الرجلين وإنما علاقة نبيلة عبارة عن صداقة عميقة واحترام وود متبادلين بينهما. لم نحجب شيئا... حتى المواد التي يمكن ان تعتبر مثيرة للجدل بشكل أو بآخر. ولكن من الصعب نشر كل الرسائل raquo;.
من أين أتى بهذا؟
في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية تقول راج بالا جين، وهي من فريق دار الأرشيف القومية الهندية الذي درس رسائل غاندي الى كالينباخ: laquo;من أين أتى ليليفيلد (الصحافي الأميركي مؤلف كتاب) بمزاعمه أن غاندي كان مثليا أو ثنائي الجنس؟ لقد اطلعت شخصيا على رسائله لكنني لم أجد فيها حتى ما يوحي بأن الرجلين كانا على علاقة حب مثليraquo;.
وأضافت قولها: laquo;الصداقة ndash; مثل كل العلاقات الإنسانية الأخرى - يمكن ان تخضع للتأويلات الخاطئة. ومع ذلك فأعتقد أن علاقة المهاتما غاندي بكالينباخ وعلاقاته عموما كانت فوق الشك والظنون، خاصة نوع المزاعم الغريبة التي أوردها ليليلفيدraquo;.
التعليقات