من مآثر الديكتاتورية في الشعوب زرعها المحبة عميقًا في جذور عقلها الباطن، كيما تتخلى يومًا عن ديكتاتورها، لأنه الأب والأخ والرفيق والصديق، والرئيس والراعي المسؤول بصدق عن رعيته، تمامًا على طريقة ما أسماه الشعب السوري الثائر quot;المنحبكجيquot;، الذي يطوف حاملًا صورة السيد الرئيس، وتحتها مكتوب كلمة واحدة، من المفترض أن تعبر عن كل المخزون العاطفي الشعبي: quot;منحبكquot;.


إيلاف من لندن: إنها الحال التي وصل إليها الشعب الفنزويلي، الذي ما صدق بعد أن رئيسه quot;المحبوبquot;، الاشتراكي الثائر هوغو تتشافيز، قد رحل عنه إلى العالم الآخر. فاليوم، تتناقل مواقع التواصل الاجتماعي ومحبي رياضة كرة القدم لقطة فيديو يقول المذيع فيها أن quot;شبح الرئيسquot; ظهر في اللحظة الحرجة، شامخًا ومجاهدًا، ليصد عن مرمى المنتخب الوطني الفنزويلي هدفًا محققًا كان ليحرزه المتخب الكولومبي.

التعليقات ساخرة بمجملها على الفيديو، إذ ليس واضحًا أبدًا هذا quot;الشبحquot; المفترض للرئيس الراحل، بل قطع الفيديو في لحظة ليستعاد معه منظر من شاشة متوقفة، وكأن الشبح أضيف إليها... وما أكثر البرامج التقنية الكفيلة بإضافة أشباح وأرواح وحتى أحياء إلى أي لقطة فيديو!

لم أمت!

وتسجيلات تتشافيز لا تنتهي. فقد انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام تسجيل صوتي منسوب له، يقول فيه إنه لم يمت، quot;بل حي يرزق، لكن مختطف في مكان مجهولquot;. ويُطمئن تتشافيز محبيه على صحته، ويقول لهم: quot;أنا بخير وموتي ليس إلا تلفيقًا وانا مختطفquot;، متهمًا أصدقاءَه بخيانته.

ويخاطب الرئيس الراحل في التسجيل الصوتي شقيقه طالبًا منه أن يوصل الحقيقة للشعب الفنزويلي. يقول: quot;من كان يعتقد أن العدو سيكون من داخلنا؟ كم عناق عانقوني! وكم مرة صافحوني! وكم كذبوا علي!quot;.


وسارع شقيق تتشافيز إلى نفي صحة التسجيل، مؤكدًا أنه مزيف: quot;هذا التزييف دفع الناس إلى الاعتقاد بأن تتشافيز لم يمت، فيما اعتقد البعض أن التسجيل حصل قبل موته، وكلها أكاذيبquot;.

ونفت الحكومة الفنزويلية صحة التسجيل، وقالت إن المعارضة لفقته. وقال الرئيس نيكولاس مادورو إن المعارضة تسعى لتحقيق مكاسب سياسية من وراء هذا التسجيل الملفق. أضاف: quot;ليس لدى هؤلاء الأشخاص أي حدود أخلاقية أو معنوية، ولن نتساهل في هذه القضيةquot;.