تواجه لجنة نوبل للفيزياء مأزقًا، إذ يبدو أن جسيم هيغيز هو الفائز هذا العام، لكن الجائزة لا تقسم إلا بين ثلاثة، ومكتشفو الجسيم ستة علماء، إلى جانب ستة آلاف عالم أثبتوه بالتجارب.
في مثل هذا الوقت من كل عام، تتوجّه أنظار العالم إلى السويد ترقبًا لإعلان الفائزين بجائزة نوبل في فروع المعرفة والإبداع على اختلافها. وتكون أولى الجوائز جائزة نوبل للطب أو الفيزيولوجيا، تليها الفيزياء والكيمياء، ثم جائزة نوبل للسلام، التي تُعلن يوم الجمعة، وتعقبها جائزة نوبل للاقتصاد. ولم يُحدد موعد حتى الآن لإعلان جائزة نوبل للآداب.
جدل هيغز
من المتوقع أن تثير جائزة نوبل للفيزياء هذا العام جدلًا، بصرف النظر عمّن تكرّمه لجنة نوبل أو الإنجاز العلمي، الذي ستكون الجائزة من نصيبه. ومن أبرز المرشحين لجائزة نوبل للفيزياء بيتر هيغز، العالم البريطاني ابن الثمانينات من العمر، الذي توقع منذ العام 1964 وجود جسيم أولي هو المسؤول عن اكتساب المادة كتلتها، وأُطلق عليه اسم بوزون هيغز.
وحين أعلن العلماء في صادم هادرون الكبير في تموز (يوليو) من هذا العام اكتشاف الجسيم، أنهى إعلانهم أكبر عملية بحث في تاريخ العلم الحديث. ويتوقع كثيرون من الفيزيائيين في الوسط العلمي والأكاديمي أن يُعلن غدًا الثلاثاء فوز هيغز بجائزة نوبل. ونقلت صحيفة غارديان عن كين بيتش، بروفيسور الفيزياء في جامعة أوكسفورد، قوله إن عدم تكريم هيغز بجائزة نوبل هذا العام سيكون فضيحة.
لكن لجنة نوبل للفيزياء تواجه موقفًا سيعرّضها لسهام النقد أيًا يكن قرارها. فإن منح الجائزة لنظرية هيغز، التي يظهر فيها سميَّه جسيم هيغز، سيواجه اللجنة بمشكلة أخرى، لأن جائزة نوبل لا يمكن أن يشارك فيها أكثر من ثلاثة أشخاص، وهناك على الأقل ستة فيزيائيين أسهموا في كتابة النظرية في العام 1964، توفي واحد منهم فقط، هو العالم الفيزيائي البلجيكي روبرت بروت في العام 2011.
من يُستبعد؟
تستطيع اللجنة أن تبتكر صيغة تقلّص دائرة الاستحقاق إلى ثلاثة أشخاص، وهذا ما سيحدث على الأرجح، بحسب مراقبين، إذ يمكن أن تُمنح جائزة نوبل للفيزياء لفرانسوا أنغليرت، الذي كان أول من نشر الفكرة، وبيتر هيغز، الذي جاء بعده، لكنه أول من لوّح بوجود الجسيم المسؤول عن اكتساب المادة كتلتها.
ويرى مراقبون أن هذا إذا حدث سيغمط حق الثلاثي جيرالد غورالنيك وكارل ريتشارد هاغن وتوم كيبل، الذين طوّروا النظرية بصورة منفصلة، ونشروها بعد شهر على هيغز. وأثار هذا الاحتمال نزاعًا بين العلماء، إذ أعرب الباحثان الأميركيان غورالنيك وهاغن عن اعتقادهما بأن علماء الفيزياء الأوروبيين تآمروا لمحو مساهمتهما من التاريخ.
ويقوم المحلل ديفيد بندلبري، الذي يعمل في شركة تومسن رويترز، بإعداد لائحة بأسماء المرشحين لجائزة نوبل في الفيزياء كل عام، استنادًا إلى القاعدة البيانية الضخمة من الأبحاث العلمية لدى الشركة. وهو يتوقع أن تذهب الجائزة إلى أنغليرت وهيغز. وقال بندلبري: quot;أنا تقليديًا لا أُبدي رأيًا يرجّح هذا المرشح على ذاك، لكن هذا العام استثناء، ولا أستطيع أن أتخيّل بيتر هيغز بلا جائزة، ولا أعرف سببًا للانتظار فترة أطولquot;.
منظمة سيرن
حتى إذا تمكنت لجنة نوبل للفيزياء من تفادي السجال، الذي سيفجّره قرارها، فهناك مشكلة أخرى تنتظرها. ذلك أن التنبؤ بوجود جسيم هيغز شيء والعثور عليه فعلًا شيء آخر. واضطلع بمهمة العثور عليه 6000 عالم في منظمة الأبحاث النووية الأوروبية ndash; سيرن، توصلوا إلى وجود جسيم هيغز بالتجارب التي أجروها في مختبر المنظمة قرب جنيف. ويعكس هذا الجيش من العلماء كيف يعمل العلم الحديث في عالم اليوم، ولن تنجو لجنة نوبل من المأزق بتكريم قادة هذا الجيش وحدهم.
واقترح السكرتير السابق للجنة نوبل للفيزياء خيارًا آخر، بتقسيم الجائزة، فيذهب نصفها إلى أنغليرت وهيغز، والنصف الثاني إلى سيرن كمنظمة. وكانت جائزة نوبل للسلام وحدها التي مُنحت حتى الآن إلى منظمة ولجنة الطب والفيزيولوجيا وحدها التي يمنع نظامها الداخلي منح الجائزة إلى منظمة. ويمكن للجنة الفيزياء أن تقرر أحاديًا منحها إلى سيرن.
مرشحون بالمئات
يبدأ موسم نوبل بجائزة الطب، ولدى بندلبري عدد من المرشحين، بينهم الثلاثي أدريان بيرد، من جامعة أدنبرة وأهارون ريزن وهاورد سيدار، من الجامعة العبرية في إسرائيل. ويريد باراني أن يرى مزيدًا من النساء، مرشحًا أنغبورغ هوكماير.
تشمل تنبؤات بندلبري لجائزة الكيمياء هذا العام تكنولوجيا الحمض النووي وتقنية في الكيمياء الجزيئية، تقلل حجم النفايات في الصناعة الكيميائية. ومقترحه الثالث هو بروسي إيمس، من مستشفى أوكلاند للأطفال في نيوزيلندا.
وتضم لجنة نوبل النروجية 259 مرشحًا لجائزة السلام هذا العام، وهو رقم قياسي يشتمل على 50 منظمة. ومن أبرز المرشحين الناشطة الباكستانية ملالا يوسف زاي، التي حاولت طالبان قتلها لدفاعها عن تعليم البنات، ودنيس موكويغي، وهو طبيب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، عالج آلاف النساء اللواتي تعرّضن لعمليات اغتصاب جماعية وتعذيب خلال الحرب الأهلية.
وقُلصت قائمة المرشحين على جائزة نوبل للآداب إلى 195 مرشحًا، بينهم 48 يُرشحون للمرة الأولى. وتردد أن أبرز المرشحين هما الروائي الإسباني خافير مارياس، والكاتب الكيني نغوغي وا ثيونغ، ثم انضم إليهما الكاتب المسرحي النروجي جون فوسي. وهناك المغني بوب ديلان، الذي يُرشح منذ سنوات.
التعليقات