يواجه الإخوان المسلمون في مصر موجة محاكمات لم يسبق للجماعة أن شهدتها طوال تاريخها، وهو ما يهدد بوضع عدد كبير من قياداتها في السجون على مدار سنوات بعد اتهامهم بالتحريض على العنف والإرهاب.


اعتبرت تقارير صحافية أميركية أن تلك المحاكمات تمثل المرحلة المقبلة في الحملة واسعة النطاق التي يتم شنها على الإخوان عقب الإطاحة بنظام الرئيس محمد مرسي، الذي تم تحديد موعد لإخضاعه للمحاكمة هو الآخر خلال الشهر المقبل. ويواجه مرسي اتهامات متعلقة بتحريضه على القتل على خلفية قيام أنصاره بمهاجمة مجموعات من المتظاهرين أمام قصر الاتحادية بعد توليه الحكم ببضعة أشهر.

وربما تواجه بقية قادة الجماعة اتهامات ذات صلة بإثارة العنف في التظاهرات التي تلت عزل الجيش لنظام مرسي، حيث كانت تتعامل قوات الأمن بحسم شديد مع تظاهرات أنصار مرسي من الإسلاميين، وسط مزاعم تتحدث عن تسلح بعض المشاركين في تلك التظاهرات، للدرجة التي أسفرت عن مقتل المئات من مؤيدي مرسي.

وقال أحد مسؤولي النيابة ومحامون تابعون لجماعة الإخوان إنه قد تم حتى الآن تجميع ما يتراوح بين تسعة إلى أكثر من اثنتي عشرة قضية، تشمل كل واحدة منها متهمين عدة.

وتمت إحالة أربع قضايا، بما فيها قضية مرسي، إلى المحاكمة، بعدد إجمالي من المتهمين لا يقلّ عن 34 متهمًا، على الرغم من محاكمة عدد قليل منهم غيابيًا. وتوقع أحمد سيف، وهو محام متخصص في قضايا حقوق الإنسان ويتابع مجرى التحقيقات، أنه قد تتم محاكمة حوالى 200 من قادة الإخوان وكبار مسؤولي الجماعة.

ساترة عورات
وعبَّر محمد غريب، أحد محامي الجماعة، عن إدانته لتلك القضايا، واصفًا إياها بأنها quot;ورقة توت من جانب السلطات الحالية للتستر على فضيحتها ولتبرير الانقلاب والقمع، ويكفي أنه لم يتم التحقيق مع أي شرطي بخصوص قتل المتظاهرينquot;.

وقال الفريق القانوني للجماعة، يوم أمس الجمعة، إن غريب، الذي سبق أن تمت محاكمته خلال فترات الحكم السابقة، قد غادر البلاد لأسباب أمنية، وتم استبداله بمحام آخر. ومن المعروف أنه كان منوطا بالدفاع عن المرشد محمد بديع وأعضاء آخرين.

وفي ظل تزايد أعداد المحبوسين من كبار قادة الجماعة، بدءًا من المرشد ومرورًا بنائبه خيرت الشاطر وكذلك الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات أخرى من مكتب الإرشاد وعدد من نواب الجماعة السابقين في البرلمان، أوضح محامون حقوقيون أنهم يواجهون صعوبات في ما يتعلق بقدرتهم على متابعة قضايا هؤلاء المتهمين.

إقصاء تام
ونقلت صحيفة quot;يو إس إيه تودايquot; الأميركية عن عمر إمام، وهو محام حقوقي لدى مركز هشام مبارك القانوني، قوله quot;إنهم يريدون الانتقام. ولن تضيع حقوق الإخوان فحسب، بل ستضيع معها حقوق عدد آخر كبير من المصريين، بسبب الإجراءات التعسفيةquot;.

عاود المحامي أحمد سيف، الذي سبق له تمثيل أعضاء جماعة الإخوان في قضايا سابقة، ليقول إنه يعتقد أن الهدف الحالي هو الفوز بالأحكام الجنائية، التي ستمنع أعضاء جماعة الإخوان من المشاركة في أي انتخابات برلمانية أو رئاسية في العام المقبل.

وأكد إمام كذلك أن استمرار التحقيقات بهذا الشكل المتلاحق هو أسلوب ضغط لإجبار الإخوان على كبح جماح المزيد من الحلفاء المتطرفين، الذين قاموا بشنّ سلسلة من الهجمات على الكنائس ومؤسسات الدولية والقوات الأمنية المرابطة في سيناء.