قال مشاركون في منتدى الاتحاد الإعلامي والثقافي الثامن إن وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم جعل الدولة الوطنية في خطر، وحذر المشاركون من quot;الإسلام السياسيquot; مؤكدين أن الإخوان لا يعتبرون المواطن مواطنًا إلا إذا بايع الجماعة.

أبوظبي: اختتمت أمس فعاليات منتدى الاتحاد الإعلامي والثقافي الثامن، وأكد مشاركون في الجلسات أن التعدد الذي يشكل ثراء في العالم العربي تستغله إسرائيل، لتفتيت المفتت وتجزيء المجزأ، وأن هناك مخططات إسرائيلية لتفتيت العالم العربي والإسلامي، من خلال خلق كيانات جديدة لكل إقليم وطائفة في الدول العربية والإسلامية. وأضاف المشاركون أن سياسات دول الخليج تجاه خطر جماعة الإخوان المسلمين، متباينة أو غير موحدة، وأن الكويت تبدو هشة إلى حد كبير أمام الإسلاميين وأمام التشيع السياسي. وفي المقابل، فإن قطر هي الأكثر إخلاصًا ومراهنة على الإخوان المسلمين، وتبدو سياستها نقيضة بشكل صارخ وعدائي لكل سياسات شقيقتها الأقرب إليها دولة الإمارات.
وفي جلسات المنتدى التي دارت حول quot;النزعة الأممية والإسلام السياسي على الدولة الوطنيةquot;، أوضح الكاتب والباحث الإماراتي سالم سالمين النعيمي أن هناك مفاهيم لم يتم تطويرها ويتعامل بعض الباحثين معها دون تطوير منذ عقود طويلة.
كاشفًا عن أن لدى الباحث الإماراتي قناعة بأن الديمقراطية شر في العالم العربي، ليس رفضاً لها في حد ذاتها، بل لأن الناس غير جاهزين لها. مستدلاً على ذلك بما حدث في مصر، حيث الأمية مرتفعة ولذلك برز أبطال من ورق مثل quot;الإخوان المسلمينquot;، بسبب غياب الحياة المدنية. وقال:quot; لم نصل في العالم العربي بعد إلى حياة مدنية، وهناك من لا يستطيع الخروج عن هذا الإطار، كما أننا نعاني من مجتمع مدني غير موجودquot;.
ولفت سالمين إلى أن مشكلة الإسلام السياسي تكمن في أن أصحابه يرون أنهم مفوضون من عند الله، ويتكلمون بإرادة إلهية والحوار معهم يأخذ منحى آخر تماماً، كما أن هؤلاء يدعون أن ما يفعلونه يصب في الصالح العام. منوهاً بأن quot;الإسلام السياسي لا يؤمن بالوطنية، والإخوان يمارسون التغريب السياسي.. وهؤلاء لا يعتبرون المواطن مواطناً إلا إذا بايع الجماعة، وهذا يتطلب تنشئة المجتمع تنشئة وطنية.
وأضاف:quot; تنظيم الإخوان أخطأ، ولكن السبب يعود إلى خلل في الثقافة ولابد من التفريق بين الكائن المجتمعي والكائن السياسي، ويجب مراجعة الدين كموروث، فالدين يحتاج لفكر متجدد.. ومشكلة الإسلام السياسي تكمن في إلباس الدين حلة بشريةquot;.
وقال النعيمي: quot;المؤسسات هي التي تقرر مصير البلاد، ولابد من التفريق بين الدولة الوطنية والدولة المدنية والدولة السياسية، وهذا يمكن توفيره من خلال الوعي بحيث لا ينبغي توجيه الشعوب بل منحها خيارات حتى تتنقل من أمر إلى آخرquot;. مشيراً إلى أن quot;المعركة في الأساس فكرية، ولابد أن ينتصر فيها المجتمع.. ونحتاج إلى بنية فكرية معرفية وثقافية، لأنه ليس لدينا مجددون في الفكر والثقافة، الأمر يتطلب عقولاً تواكب التطور حتى لا يكون منقوصاًquot;.
قلق وخوف واستقواء بالخارج
وفي ورقته بعنوان quot;الخلافة كأداة للقفز على البعد الوطنيquot;، قال الأكاديمي القطري الدكتور عبدالحميد الأنصاري إنه quot;لدينا مجموعة من القناعات منها quot;نحن نحسن صناعة الماضي، ونخشى المستقبل، نحن الأمة الوحيدة التي تعيش في خوف وقلق دائمين، فهل معنى ذلك أن الخوف على الدولة الوطنية مشروع؟ نعم لأن هناك إسلاميين وصلوا إلى السلطةquot;.
ولفت الأنصاري إلى أن quot;الدولة الوطنية تواجه تحديات كبيرة بسبب وصول إسلاميين إلى السلطة، فالأسس التي قامت عليها الدولة الوطنية معرضة للخطر. كما أن الرابطة الدينية لدى الإسلاميين تأتي على حساب الرابطة الوطنية، ولذلك ليس مستغربًا أن يفضل أحد المنتمين إليهم أن يحكمه إندونيسي مسلم بدلاً من مسيحي من أبناء بلدهquot;. موضحاً أن الإخوان في مصر سارعوا بأخونة الدولة وسعوا في اتجاه التمكين للسيطرة على المؤسسات. وأن تنظيمات الإسلام السياسي تستقوي بالخارج، ومعظمها مدعوم وممول من الخارج، مثل حماس في غزة والإخوان في مصر وحزب الله في لبنان. وبعد سقوط الإخوان في مصر نجدهم يتسولون الدعم الخارجي ويرتمون في أحضان الغرب وأميركا.
وقال الأنصاري إن quot;الحنين إلى الخلافة يضعف مفهوم الوحدة الوطنية، ونظام الخلافة التي يسعى إليها الإسلاميون يهدف إلى هدم الدولة الوطنية، ورضي المسلمون بالخلافة لأن وضعها كان نظاماً تعددياً قد يقبلون الخلافة.. وباستثناء الخلافة الراشدة وخلافة عمر بن العزيز سنجد أن نظام الخلافة من أسوأ النظم، فدولة الخلافة كانت تعج بمعاصٍ وجرائم يندى لها الجبينquot;.
قطر والإخوان
وقال الباحث السعودي منصور النقيدان إن سياسات دول الخليج تجاه خطر جماعة الإخوان المسلمين، متباينة أو غير موحدة. فالكويت تبدو هشة إلى حد كبير أمام الإسلاميين وأمام التشيع السياسي. ويبدو الإخوان الكويتيون الأكثر نشاطًا وحراكًا وتمويلاً وتأثيراً على إخوانهم الخليجيين. مضيفًا أن قطر هي الأكثر إخلاصاً ومراهنة على الإخوان المسلمين، وتبدو سياستها نقيضة بشكل صارخ وعدائي لكل سياسات شقيقتها الأقرب إليها دولة الإماراتquot;.
موضحًا أن quot;الحديث عن سياسة خليجية موحدة تجاه الجماعات الإسلامية تبدو وكأنها أمنية رغبوية لا أكثر. فالتركيز طوال السنوات الماضية على الجماعات الإرهابية التي تناصب الدول العداء بصورة مفتوحة وعدم التركيز نوعاً ما بالقدر الكافي على حركات الإسلام السياسي المتطرفة والقضاء عليها أعطى جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين متسعًا من الوقت لتنظيم نفسها والتمركز بصورة تكفل لها إثارة الفتن مستقبلاً بالتعاون مع باقي أعضاء التنظيم في دول الخليج العربي والحصول على الدعم الخارجيquot;.
السنة والشيعة
وقال النقيدان عن وضع السنة والشيعة في الخليج quot;إنني متابع لملف الشيعة في الخليج وفي السعودية إلى حد ما، وأجري مقارنة بين سنة إيران وبين شيعة السعودية والبحرين، في البحرين هم أكثرية، في السعودية هم أقلية، في إيران السنة أقلية ومهمشون ومضطهدون إلى حد كبير. لكن في وسائل الإعلام ومن بيانات المنظمات الغربية تتلقى السعودية لوماً كبيراً ونقداً كل حين بخصوص ملف الشيعة، بينما لا تتمتع قضية السنة في إيران بمستوى الزخم نفسهquot;.
الطائفية وتفتيت الدول
من جانبه، ذكر الكاتب اللبناني محمد السماك في ورقته بعنوان quot;الطائفية وخطر تفتيت الدولة الوطنية quot; أن حدود الدول الوطنية الحديثة رسمت استجابة لمصالح خارجية بريطانية- فرنسية quot;مارك سايكس- جورج بيكوquot;، وحدث الأمر ذاته أيضًا في أفريقيا quot;إسبانيا، فرنسا، البرتغال، بريطانياquot; وفي آسيا quot;هولندا- بريطانياquot;. ولم تراعِ عمليات رسم الحدود التعدد الديني والمذهبي أو التنوع العرقي والثقافي بقدر ما راعت مصالح القوى الدولية الكبرى وقدراتها على انتزاع مناطق النفوذ والهيمنة عليها.
ولفت السماك إلى أن صناعة هوية وطنية على قاعدة هذه الوقائع التقسيمية اصطدمت بشكل طبيعي ليس فقط بتعدد المكونات المختلفة التي وجدت نفسها تحت مظلة واحدة جديدة هي المظلة الوطنية، ولكن هذه الصناعة اصطدمت أيضاً بحقيقة ثانية، وهي أن هذه المكونات المتعددة تفتتت وأصبحت لها، تبعاً لذلك، امتدادات في المظلات الوطنية العديدة الأخرى التي قامت أو أقيمت إلى جوارها. كما لم تكن هذه الدول الوطنية الجديدة مهيأة للتعايش مع تقطع أوصال مكوناتها وتوزعها في دول متعددة، كما أنها لم تكن مهيأة في ثقافتها السياسية لإدارة التنوع على قاعدة المواثيق والقوانين الدولية التي تتناول حقوق الإنسان وحقوق الجماعات.
ونوّه بأن المجتمع الوطني الحديث يكون بغير إدارة أهله، ويكون من غير أن يكون مؤهلاً لإدارة التنوع الذي نعيشه، فقد وجد نفسه أمام مجتمع متعدد ومتنوع، فالانتباه إلى أن ثقافة التعدد تكاد تكون منعدمة، ففي مجتمعاتنا، عرباً وأكراداً وأمازيغ، لكن هل تم الاعتراف بحقوق هذه المجتمعات؟.. لم نحسن استخدام الانتماء العربي وإلا لما كانت انقسامات، هذا الواقع عرفت إسرائيل كيف توظفه، أنا لا أتحدث عن مؤامرات، بل أن (برنارد لويس) وضع دراسة لحساب وزارة الدفاع الأميركية، وآنذاك كان الاتحاد السوفييتي قائمًا وكان السؤال كيف نصد المد السوفييتي؟.. وأجاب (لويس) بأنه لا بد من إعادة النظر في خريطة المنطقة الممتدة من باكستان وحتى المغرب، بحيث يتم خلق كيانات جديدة لكل إقليم وطائفة، أي تقسيم العالم العربي والإسلامي.. وهذه الدراسة التيقام بها لويس نشرت في مجلة إسرائيلية عام 1982quot;.
وكشف السماك عن أن quot;المخطط الإسرائيلي بدأ في لبنان، لكنه استعصى على المؤامرة الإسرائيلية ولم يقع ضحية لها، بل فشلت المؤامرة نتيجة الوعي المسيحي.. فالتعدد الذي يشكل ثراء في العالم العربي تستغله إسرائيل، لتفتيت المفتت وتجزيء المجزأ.. نحن لا نتعلم من التاريخ، نحن نرفع شعارات انصهار الشعوب، وهذا مصطلح غير صحيح، فالشعوب لها خصوصياتهاquot;.