يكشف التقدم الاخير في المفاوضات النووية بين ايران والاسرة الدولية تغييرًا جذريًا في موقف طهران، بعد انتخاب المعتدل حسن روحاني رئيسًا، والانتقال من المواجهة الى الحوار البناء.


طهران: بعد خمسة أشهر من فوزه في الانتخابات الرئاسية كاد الفريق الذي عينه الرئيس الإيراني حسن روحاني يبرم الاحد اتفاقًا في جنيف مع مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) بعد ثلاثة ايام من المفاوضات المكثفة حول برنامج طهران النووي المثير للجدل.
وامضى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف سبع ساعات مع الموفد الاميركي الخصم اللدود جون كيري.
والتغيير كبير مقارنة مع الاجتماعات الـ10 بين مختلف الاطراف منذ اعادة تحريك هذا الملف في 2005، والتي سادتها المواجهة والتعنت من قبل المفاوضين الايرانيين.
وقال كبير المفاوضين الايرانيين عباس عرقجي الاثنين لصحيفة همشري إن quot;حقبة جديدة بدأت مع الحكومة الجديدة وفريق المفاوضين الجديدquot; مذكرًا بـquot;ارث سنوات المواجهة الـ10quot; مع الغربيين في هذا الخصوص.
ورحب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو بروح الانفتاح هذه. وصرح الاثنين خلال زيارة لطهران أن انتخاب روحاني quot;سرع المفاوضاتquot;.
وبعد اكثر من عام من المفاوضات وقعت الوكالة الاثنين quot;خريطة طريقquot; لتسوية المسائل العالقة حول شق عسكري محتمل للبرنامج النووي الايراني، هذا ما نفته طهران.
وورث روحاني بلدًا واجه صعوبات مالية، وعُزل على الساحة الدولية خلال ولايتي سلفه الرئاسيتين المحافظ محمود احمدي نجاد.
وتلقي العقوبات الدولية والاميركية والاوروبية بثقلها على ايران، فقد تراجعت قيمة العملة الوطنية وبلغت نسبة التضخم 40% وفقًا لأرقام رسمية وانخفضت الايرادات النفطية الى النصف وجمدت مليارات الدولارات في الخارج.
وخلال الحملة الانتخابية دعا روحاني الى مقاربة جديدة مع الغرب للتوصل الى رفع العقوبات. واكد: quot;من الجيد أن تكون لدينا اجهزة طرد مركزي تعمل لكن على البلاد ايضاً ان تعملquot;، في اشارة الى عملية تخصيب اليورانيوم.
وقال المستشار الاقتصادي سيروس مبشر لفرانس برس إن quot;اوساط الاعمالquot; تدعم روحاني، ورجال الاعمال واثقون اليوم بتخفيف العقوبات اكثر مما كانوا قبل ستة اشهرquot;.
ومنذ فوزه ضاعف روحاني مبادرات الانفتاح حيال الغربيين ووعد بـquot;شفافيةquot; اكبر في الملف النووي. كما كُلف دبلوماسيان هما ظريف مع مجموعة 5+1 وعلي اكبر صالحي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المفاوضات.
ولا تزال تدافع ايران عن quot;حقها المشروعquot; في النووي المدني، ويبقى تخصيب اليورانيوم على اراضيها quot;خطًا أحمرquot;.
وصرح الخبير الايراني محمد علي شباني لفرانس برس أن هدف quot;ضمان عملية التخصيب في ايرانquot; لم يتغيّر quot;لكن التكتيك يشمل دبلوماسية ناشطة وتعهدًا شجاعاً لحماية المصالح الوطنيةquot;.
ونجح روحاني خصوصاً في اقناع المرشد الاعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي الذي اعتبر دائمًا أنه خدع من الترويكا الاوروبية في 2003 عندما علقت ايران بعض الانشطة النووية.
ورغم قلة تفاؤله بنتيجة المفاوضات وموقفه المعادي للولايات المتحدة قدم المرشد الاعلى مؤخرًا دعمه للمفاوضين الايرانيين.
وسمح دعم المرشد لروحاني باسكات التيار المتشدد في النظام المعارض لتقديم أي تنازلات للغربيين.
وقال مراقب اقتصادي اوروبي إن الوقت يضيق. واضاف: quot;امام روحاني اقل من عام لتحسين الوضع الاقتصاديquot;. وذكر دبلوماسي غربي في طهران أن حكومة روحاني quot;اعطت الشعب آمالًا كثيرة وعلينا أن نتنبه لرد فعله اذا خابت هذه الآمالquot;.
واضاف محمد علي شباني أن quot;الحكومة (في حال الفشل) ستواجه ضغوطاً متزايدة من المجموعات المحافظةquot;، ما يهدد بالقضاء على أي امل للتوصل الى حل سريع.