شهدت الإمارات السبع المكونة لدولة الامارات العربية المتحدة في يوم اتحادها الثاني والأربعين أمس احتفالات صاخبة في الأرض والسماء في آن واحد، وطوال هذا اليوم الذي يوافق الثاني من ديسمبر من كل عام.


أحمد قنديل من دبي: في كافة أرجاء الدولة، من اقصى حدود مدينة العين غرباً حتى أبعد نقطة على ساحل إمارة الفجيرة شرقاً، تزينت سماء أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة بألوان العلم الإماراتي الأحمر والأخضر والأبيض والأسود.

كما قامت الطائرات الحربية وطائرات الهيلوكوبتر باستعراضات جوية ضخمة ولساعات طويلة، فضلاً عن إطلاق المزيد من الألعاب النارية التي غطت السماء.

وشهدت مناطق الكورنيش في الإمارات السبع فعاليات فنية وغنائية واستعراضية كبيرة وقام بإحيائها عدد من الفنانين والمطربين الإماراتيين والخليجيين والعرب.

كما شهدت الشوارع ازدحامات خانقة لساعات طويلة نتيجة خروج معظم السكان للمشاركة في الاحتفالات خاصة في أبوظبي ودبي والشارقة، الامر الذي دفع بالشرطة ووحدات المرور بالتواجد عند التقاطعات الرئيسية لتنظيم حركة المرور التي لاقت ارتباكًا كبيرًا، سواء من المشاة عابري الطريق أو حركة السيارات.

هذا وقد اكتظت المراكز التجارية أيضاً بالكثير من الزوار حتى ساعات متأخرة من صباح اليوم، وهو ما يؤكد بشكل قاطع أن الإمارات عادت إلى فترة الطفرة الاقتصادية الكبرى التي شهدتها قبل وقوع الأزمة المالية العالمية في عام 2009. فالبرغم من أن أسعار العقارات والسلع والخدمات الحياتية في ازدياد مستمر إلا أن معدل انفاق السكان والزوار على الأماكن السياحية والترفيهية مازال أيضًا في ازدياد مستمر ولم يتأثر حتى الآن.

في دبي شهدت مناطق برج خليفة وجزيرة النخلة ودبي مارينا والمراكز التجارية الكبرى والقرية العالمية احتفالات صاخبة امتدت حتى ساعات مبكرة من هذا الصباح.

وقام 5 من نجوم الغناء الإماراتي، وهم أريام وفيصل الجاسم وحبيب الياسي ومحمد المزروعي وجاسم محمد، بإحياء سهرة فنية كبرى في القرية العالمية، حيث قدموا أغنيات وطنية على مدار ثلاث ساعات كاملة، بحضور ما يزيد عن 2000 شخص.

وفي الشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القيوين شهدت مناطق الكورنيش مسيرات بالسيارات وهي تتزين بعلم الإمارات، فضلاً عن استعراضات جوية وحفلات غنائية وطنية ومهرجانات تراثية عن تاريخ الاتحاد.

كما شهدت الاحتفالات في الفجيرة مسيرة تراثية بالجمال، حيث فضل 4 مواطنين من الفجيرة هم (علي راشد الكعبي وخليفة مصبح الكعبي ومحمد راشد الكندي وشاهين عبدالله النعيمي) التعبير عن فرحتهم باليوم الوطني والولاء للوطن وقيادته بمسيرة تراثية يقودون خلالها قافلة مصغرة من الجمال ويجوبون فيها ربوع الإمارة مشيًا على الأقدام. وهم يرتدون الزي التقليدي ويجرون الجمال في مسيرة تحت شعار quot;مسيرة علمquot; بدأت من مدخل الإمارة وصولًا حتى كورنيش الفجيرة بمسافة تقدر بـ10 كيلومترات.

محمد بن زايد يرزف بالسيف

في أبوظبي شهد الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وعدد من أولياء العهود والشيوخ والوزراء وجمع غفير من المواطنين الإماراتيين، حفل الأوبريت الاستعراضي quot;هذا وطناquot; الذي أقيم أمام المنصة لمركز أبوظبي الوطني للمعارض.

وشارك الشيخ محمد بن زايد المحتفلين أفراحهم بهذه المناسبة عند تأديتهم اللوحات التراثية لفنون العيالة والحربية بعنوان quot;قايد وطناquot; وقصيدة quot;العلمquot;، حيث تقدم المحتفلين ورزف باستخدام السيف على وقع الأغاني الوطنية الإماراتية الحماسية.

وتضمن الاحتفال إلقاء قصائد شعرية بهذه المناسبة، وقدم شاعر الأوبريت جمعة بن مانع الغويص السويدي، قصيدة بعنوان quot;هذا وطنquot; ألهبت مشاعر الحضور وقوبلت بالهتاف والتصفيق الحار، لما تضمنته من معانٍ في الوطنية وصور الولاء والانتماء لدولة الإمارات وبذل الغالي والنفيس للذود عنها وصون حماها، مستشهداً بنخوة أهل الإمارات وتلبيتهم النداء وقت الشدائد والمحن، وحثت كلمات الشاعر على أهمية التضامن والتكاتف التي عرف بها أهل الخليج في وقوفهم صفاً واحدًا درءًا للمخاطر ومواجهة للتحديات التي تحيط بالمنطقة.

البيت الإماراتي متوحد

قال الشيخ محمد بن زايد على هامش الاحتفالات باليوم الوطني الـ42 لدولة الإمارات quot;إن الإمارات بما تمتلكه من رؤية واضحة وقيادة حكيمة وأبناء مخلصين يعملون باستراتيجية ومنهجية عمل وطنية، قادرة بعون الله على خوض المنافسات الدولية والفوز بهاquot;. مضيفًا أن quot;البيت الاماراتي متوحد بهمة أهل الإمارات وقيادتهم الحكيمة.. في هذا اليوم عندنا الكثير من الأشياء التي نفرح ونفتخر بها.. وهذا لم يكن يتحقق لولا فضل رب العالمين، ثم وجود قيادة حكيمة وهمة رجال تمضي وراء هذه القيادة لتحقيق أهدافها التي هي في مصلحة الوطن والشعبquot;.

وأكد أن quot;الإمارات بخير بالمخلصين من أهلها والمقيمين فيها من كل بقاع العالم.. اليوم نرى مشاركة الأشقاء والأصدقاء المتواجدين على هذه الأرض مثل ما نرى أهلنا وأبناءَنا.. والكثير منهم قلوبهم على هذا الوطن.. ليس هناك شك أن البلاد خلال 50 سنة من مسيرتها التي مرت استفادت من هذه الكوادر المقيمة، ويجب علينا أن نذكر لهم الجهود التي بذلوها في مشاركتهم الإماراتيين في بناء هذا الوطنquot;.

وعن فوز الإمارات باستضافة إكسبو 2020 في دبي قال الشيخ محمد بن زايد quot;لا شك أن كثيرًا من أشقائنا في العالم العربي وغيرهم من الأصدقاء يرون في دبي ودولة الإمارات الجدارة في المنافسة في مختلف المحافل.. نحن نافسنا وفزنا باستضافة مقر (آرينا) رغم أننا نافسنا دولًا كبيرة.. واليوم نافسنا وفزنا بإكسبو.. لدينا فترة 7 سنوات حتى 2020 لنثبت للعالم إننا جديرون بهذه الاستضافة.. إن دولة الإمارات بتجربتها التنموية الفريدة أصبحت قدوة حسنة بتوفيق من رب العالمين ثم بفضل رؤية قيادتها الحكيمة والشعب الوفي الذي يقف وراء هذه القيادةquot;.

وأشار إلى أن quot;دولة الإمارات وصلت إلى ما عليه من مكانة متميزة بفضل استراتيجية واضحة ومنهجية عمل وطنية ووجود أبناء مخلصين يتخذون القرار وينفذون هذه الخطط والاستراتيجيات لتصل دولة الإمارات إلى الأهداف التي تنشدهاquot;.

تاريخ الاتحاد

أكد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فور تسلمه سدة الحكم في السادس من أغسطس عام 1966 حاكماً على إمارة أبو ظبي مدى أهمية الاتحاد، وقال معلقاً: quot;نستطيع بالتعاون وبنوع من الاتحاد، اتباع نموذج الدول الأخرى الناميةquot;. لقد نمت أهمية الاتحاد والحاجة إلى العمل في التعاون مع الإمارات الأخرى، وترعرعت في فكر الشيخ زايد منذ البداية.

ورغم إدراكه التام بأن الاتحاد كان مجرد مفهوم حديث في المنطقة، إلا أن اعتقاده بإمكانيّة تنفيذه على أسس الروابط المشتركة التي تربط بين مختلف الإمارات، بالإضافة إلى تاريخ وتراث أبنائها الذين عاشوه معًا لعدة قرون كان ثابتًا.

لقد عمل الشيخ زايد على ترجمة مبادئه وأفكاره عن الاتحاد والتعاون والمساندة المتبادلة إلى أفعال، وذلك بتخصيص جزءٍ كبير من دخل إمارته من النفط لصندوق تطوير الإمارات المتصالحة قبل بداية دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة اتحادية.

ولما كانت الحكومة البريطانية قد عانت من ضغوط الظروف الاقتصادية المعاكسة، نتج عن ذلك إنهاء كافة المعاهدات لحماية الإمارات المتصالحة عام 1968، وانسحبت من الخليج في نهاية عام 1971.

ورغم أن هذا القرار المفاجئ كان يهدد بخلق فراغ عسكري وسياسي في المنطقة، إلا أنه قد ساعد أيضًا على تقليل العقبات والصعوبات التي كانت عائقاً في طريق المحاولات الأولى لاتحاد الإمارات. لقد أطلق التوقع الكبير لإنهاء العلاقة الخاصة القائمة بين بريطانيا والإمارات المتصالحة لفترة 150 عاماً الإشارة إلى نوع ما من الترابط الذي يتسم بالطابع الرسمي الأكثر قوّة مما كان مقدمًا من قبل مجلس الإمارات المتصالحة. ونتيجة لهذه القوى الجديدة العاملة اتخذ كل من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم إمارة أبو ظبي، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي، الخطوة الأولى نحو إنشاء الاتحاد. كان يقصد بهذا الاتحاد أن يكون كنواة للوحدة العربية وحماية الساحل المتوقّع فيه ثروة النفط من مطامع الدول المجاورة الأكثر قوة.

كانت نتيجة المبادرة المتخذة من قبل حاكمي الإمارتين الرائدتين عقد اجتماع في الثامن عشر من فبراير 1968 في السمحة على الحدود بين أبو ظبي ودبي، وقد وافق كل من الشيخ زايد والشيخ راشد خلال ذلك اللقاء التاريخي على دمج إمارتيهما في اتحاد واحد والمشاركة معًا في أداء الشؤون الخارجية والدفاع والأمن والخدمات الاجتماعية، وتبني سياسة مشتركة لشؤون الهجرة.

وقد تركت باقي المسائل الإدارية إلى سلطة الحكومة المحلية لكل إمارة. وعرفت تلك الاتفاقية الهامة باتفاقية الاتحاد، ويمكن اعتبار ذلك الاتفاق الخطوة الأولى نحو توحيد الساحل المتصالح كله. وزيادة في تعزيز الاتحاد، ولاهتمام كل من الشيخ زايد والشيخ راشد بتعزيز الاتحاد وتقويته، قاما بدعوة حكام الإمارات الخمس المتصالحة الأخرى (الشارقة وعجمان وام القيوين والفجيرة ورأس الخيمة) بالإضافة إلى البحرين، وقطر للمشاركة في مفاوضات تكوين الاتحاد.

وفي الفترة الواقعة بين 25-27 فبراير عام 1968 عقد حكام تلك الإمارات التسع مؤتمرًا دستورياً في دبي. وبقيت تلك الاتفاقية المكونة من إحدى عشرة نقطة، والتي بدأت في دبي مدة ثلاث سنوات كقاعدة للجهود المكثفة لتشكيل الهيكل الدستوري والشرعي لاتحاد الإمارات العربية هذا والذي يتكون من تلك الإمارات التسع الأعضاء فيه، كما تم خلال تلك الفترة انعقاد العديد من الاجتماعات على مستويات عديدة من السلطة، كما تمّ الاتفاق على القضايا الرئيسة في اجتماعات المجلس الأعلى للحكام الذي يتكون من رؤساء الإمارات التسع. كذلك أجرى نواب الحكام بالإضافة إلى لجان أخرى مختلفة مناقشات رسمية تتعلق بتعيين الإداريين من تلك الإمارات بالإضافة الى مستشارين من الخارج.
وفي صيف عام 1971 أصبح من الواضح أنه لم يعد لإيران أية مطالب في البحرين فأعلن الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة استقلال الجزيرة في الرابع عشر من أغسطس عام 1971، تبعتها قطر في الأول من سبتمبر عام 1971.
عملت السلطات في تلك الإمارات السبع المتصالحة بعد ذلك على وضع بديل لاتحاد الإمارات العربية.

وفي اجتماع عقد في دبي في 18 يوليو عام1971 قرر حكّام ست إمارات من الإمارات المتصالحة، وهي أبو ظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة، تكوين الإمارات العربية المتحدة، وكانت رأس الخيمة وهي الإمارة السابعة في حالة من التردد). وفي الثاني من ديسمبر عام 1971 تم الإعلان رسميًا عن تأسيس دولة مستقلة ذات سيادة، وبعد ذلك أي في العاشر من فبراير 1972 انضمت رأس الخيمة إلى الاتحاد، فأصبح الاتحاد متكاملاً باشتماله على الإمارات السبع المتصالحة.

لقد أصبحت هذه الدولة الاتحادية المؤسسة حديثًا تعرف رسميًاquot;بدولة الإمارات العربية المتحدةquot;. وتم الاتفاق رسميًا على وضع دستور موقت يعتمد على نسخة معدلة من نص الدستور السابق لإمارات الخليج التسع.

والسلطات المركزية الخمس المحددة في الدستور هي المجلس الأعلى ويتكون من الحكام السبعة، والرئيس ونائب الرئيس في الدولة الاتحادية، ومجلس الوزراء، السلطة التشريعية أو القضائية، والمجلس الوطني الاتحادي.