افتتحت شركة الكهرباء الإسرائيلية مركزاً للتدرب على محاربة الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها الكثير من المؤسسات والمواقع الحساسة في تل أبيب، هذا في وقت يشهد قطاع التكنولوجيا المتطورة في اسرائيل موجة تهافت من المستثمرين الاجانب.

الخضيرة: يجلس ثلاثة قراصنة الكترونيين مقنّعين امام حواسيبهم في غرفة تحكم تتضمن تجهيزات فائقة التطور، في مركز يتم فيه تدريب موظفي شركات التكنولوجيا المعلوماتية والبنى التحتية على التصدي للهجمات المعلوماتية.
وقامت شركة الكهرباء الاسرائيلية التي تعرضت لكثير من الهجمات الالكترونية بافتتاح المركز الشهر الماضي.
ويقول اوفير حسون مدير المركز لوكالة فرانس برس: quot;اسرائيل كما نعتقد هي اكثر دولة تتعرض لهجمات الكترونية.quot;
واضاف quot;بما أننا أكثر شركة مدنية تتعرض للهجمات في اسرائيل فهذا يعطينا قدرات نادرة لتدريب الشركات الأخرى حول العالمquot; للتصدي لقرصنة انظمتها الالكترونيةquot;.
ويشير مدير شركة الكهرباء الى أنها تتعرض لنحو 10 آلاف اعتداء الكتروني في الساعة، موضحًا أن المدربين في المركز متمرسون في الحروب الالكترونية.
ويقول احد المدربين الذي رفض اظهار وجهه امام الكاميرا وأصّر على اطلاق اسم quot;مسترquot; عليه: quot;نحن مجموعة من المحترفين من الجيش والاستخبارات والجامعةquot;.
ويقوم quot;مسترquot; بمحاكاة هجمات الكترونية ضد انظمة حواسيب المتدربين الموجودين في مبنى ملاصق.
ويضيف الرجل الجالس في غرفة يطلق عليها اسم +غرفة الهجوم+ والمغطاة بملصقات لألعاب الفيديو وسلسلة افلام ستار وورز الشهيرة: quot;هذا ملعب لمحاكاة هجمات الكترونية حقيقيةquot;.
وحضر افتتاح المقر عدد من رجال الاستخبارات في اسرائيل، وهو مصمم لوضع اقصى قدر من الضغط على المتدربين.
ويجلس المتدربون واغلبهم من اقسام التكنولوجيا المعلوماتية في شركات الطاقة والبنى التحتية - في غرفة تسمى +غرفة الدفاع+ ويتعرضون لقرصنات الكترونية، بينما يراقب مدرب آخر تقدمهم.
وطلب المدرب الذي رفض الكشف عن اسمه بالاشارة اليه باسم quot;ايهquot; فقط، quot;كل هجوم مختلف عن الآخر ولهذا لا يمكن أن تقوم الفرق الدفاعية بالغش. لا يوجد أي سيناريو محدد أو هجوم مكتوب. يتم شنه بطرق مختلفة وبشكل مباشر من القراصنة الالكترونيين الموجودين في مكان آخرquot;.
ويتابع quot;في حال نجاح القراصنة المعلوماتيين تنطفئ الانوار ويتوقف النظامquot; في محاكاة لنتيجة محتملة لهجوم الكتروني ناجح.
والغرق في الظلام هو إحدى الطرق التي يتم فيها اظهار النتائج المحتملة عند التعرض لهجوم الكتروني.
ويقول حسون بأن quot;أي هجوم قد ينتهي بتخريب المعدات، أو الى انقطاع التيار الكهربائي في انحاء اسرائيل (...) في المجال المعلوماتي،عندما لا تتمكن من حماية النظام الخاص بك فإن هذا قد يؤدي الى تخريبهquot;.
ويكرر المسؤولون الاسرائيليون تحذيراتهم من مخاطر القرصنة المعلوماتية.
وحذر رئيس الاركان الاسرائيلي بني غانتز في تشرين الاول/اكتوبر الماضي في حديث امام مجموعة من الاكاديميين من خطر هجمات مختلفة على الدولة العبرية ومن بينها الهجمات الالكترونية في المستقبل.
وقال quot;قد يكون هناك هجوم الكتروني على مواقع تزود الاحتياجات اليومية للمواطنين الاسرائيليين وأن تتوقف اشارات المرور عن العمل أو تصاب المصارف بالشللquot;.
وافادت تقارير استخباراتية في تلك الفترة أنها قامت بافشال هجوم معلوماتي ومحاولة تجسس صناعي قادمة من الصين.
وفي حزيران/يونيو الماضي، اتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ايران وحليفها حزب الله الشيعي اللبناني بتصعيد هجماتهما المعلوماتية ضد بلاده.
ولم يفصح مسؤولو المركز أو رؤساء شركة الكهرباء عن الاماكن التي تأتي الهجمات الالكترونية منها.
واكد جليكمان أنها تأتي quot;من كافة انحاء العالمquot; دون الإدلاء بمزيد من المعلومات.
ولم يفصح وزير الطاقة سيلفان شالوم الذي حضر الافتتاح ايضًا عن مصادر الهجمات،قائلاً quot;لا يمكن ان نعطي أي تفاصيل محددةquot;.
واوضح quot;اعتقد بأن المعركة القادمة ستكون في الفضاء الالكترونيquot;.
وفي الوقت الحالي، يهدف المركز الى الوصول الى الشركات الاسرائيلية ولكنه يأمل الى الوصول الى ابعد من ذلك.
وقال نائب شركة الكهرباء الاسرائيلية ياكوف حاييم لوكالة فرانس برس: quot;هنالك احتمال أن يتم فتحه امام الشركات الاميركية والشركات في اوروبا الغربية وآسياquot;.
قطاع التكنولوجيا المتطورة الاسرائيلي يشهد ثورة غير مسبوقة
ويشهد قطاع التكنولوجيا المتطورة في اسرائيل موجة تهافت من المستثمرين الاجانب خاصة الاميركيين لشراء الشركات الصغيرة المبتكرة بشكل غير مسبوق منذ ثورة الانترنت في عام 2000.
وبحسب ارقام صادرة عن مركز اي في سي للابحاث وهو المركز الرئيسي المخصص لهذا القطاع في اسرائيل فإن الشركات الصغيرة المبتكرة حققت 660 مليون دولار في الربع الثالث في عام 2013، بزيادة قدرها 34% مقارنة بعام 2012.
وبينما تم بيع تسع شركات صغيرة مبتكرة الى مستثمرين اجانب بأكثر من 400 مليون دولار ما بين عامي 2003 و2011، بيعت ست شركات مبتكرة هذا العام. وتهتم شركات التكنولوجيا العملاقة وخاصة الاميركية بالشركات الاسرائيلية الصغيرة بشكل كبير، حيث اشترت شركة ابل في اواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي شركة quot;برايم سنسquot; الاسرائيلية التي تصمم لواقط ثلاثية الابعاد تستخدم في رصد التحركات بحوالي 360 مليون دولار.
وقبلها بأسابيع، قامت شركة فيسبوك بشراء شركة اونافو التي تطور تطبيقات لخدمات الهواتف النقالة باكثر من 150 مليون دولار. وانهت شركة اي بي ام في اواخر ايلول/سبتمبر الماضي استحواذها على مزود خدمات الحماية الالكترونية تراستير مقابل مليار دولار وفي اب/اغسطس قامت شركة جوجل بشراء تطبيق وايز.
وهناك 60 شركة من اصل اسرائيلي مدرجة في بورصة ناسداك بنيويورك التي تعتبر مركز التكنولوجيا العالية في العالم. ويقول يوسي فاردي وهو من اقطاب التكنولوجيا العالية في اسرائيل إن quot;القطاع باكمله اخذ بالتوسع لا سيما في الولايات المتحدة، حيث يتم استثمار اموال طائلة في التكنولوجيا العاليةquot;.
ويضيف quot;هنالك منافسة شرسة بين اللاعبين الكبار في السوق. ويبحثون جميعهم عن شركات جديدة مبتكرة ويأتون الى اسرائيل لايجادها وشرائهاquot;. ومن جهته، يشير كوبي سيمانا مدير مركز اي في سي للابحاث الى أن غالبية الاستثمارات تأتي من الولايات المتحدة.
ويضيف quot;غالبية الاموال المستثمرة اليوم في قطاع التكنولوجيا العالية الاسرائيلي تأتي من مستثمرين اجانب وخاصة صناديق استثمارية اميركيةquot;. ويبدو التعاون الوثيق بين الشركات المبتكرة والجامعات الاسرائيلية مثل التخنيون (المعهد الاسرائيلي للتكنولوجيا) في حيفا احد اهم الاسباب للنجاح الاسرائيلي في المجال.
ويقول سيمانا إنه تم اطلاق اسم quot;وادي السيليكون الثانيquot; على منطقة واقعة بين حيفا وشمال تل ابيب تمتد على مسافة مئة كيلومتر لأنها مركز تجمع للشركات المبتكرة ومراكز الابحاث والتطوير، والتي يصل عددها الى 285 شركة في الموقع. ولدى الشركات الكبرى مثل اي بي ام وانتل وميكروسوفت وياهو مقرات بالقرب من التخنيون وتقوم بتوظيف الطلاب عند تخرجهم أو حتى خلال دراساتهم.
ويشير فاردي وهو احد اعضاء مجلس ادارة التخنيون: quot;هؤلاء الشبان طموحون وليسوا خائفين من اتخاذ المخاطر ويريدون الابتكار دون توقفquot;، مؤكدًا quot;هذه العقلية- التي تسبق العناصر التي يتم ذكرها في العادة كالتقدم التكنولوجي والجيش وتدفق رؤوس الاموال العامة والخارجية- تشرح الى حد كبير نجاح النموذج الاسرائيليquot;.
ولكن على الرغم من ذلك، فإن بعض المحللين يعتقدون بأن قيام الشركات الضخمة العالمية بشراء الشركات الاسرائيلية المبتكرة يحد من امكانية امتداد الآثار الايجابية لنشاط هذا القطاع الى الاقتصاد الاسرائيلي بأكمله.
ويقول كوبي سيمانا quot;صحيح أن هنالك بعض عمليات الشراء المذهلة، ولكن غالبية حالات رجال الاعمال الذين نجحوا في انجاح شركاتهم الناشئة يقومون بتأسيس شركات أخرى، ويبدأون الدورة مرة أخرى، مما يترك آثارًا ايجابية على الاقتصاد الاسرائيليquot;. ويضيف: quot;لا اعرف اية قطاعات اقتصادية أخرى في اسرائيل تجذب مستثمرين اجانب من اسواق اميركية وأوروبية وآسيويةquot;.