لم تبرز أي مؤشرات سياسية بأن التعاون الإستراتيجي المقبل بين الأردن والعراق في المجال الإقتصادي والسياسي، يمكن أن يفرض تحولاً في الموقف السياسي الأردني من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، إذ يقول مراقبون أردنيون إن ملف العلاقة مع العراق لا يحتمل المقايضات السياسية هنا أو هناك.


عاد رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور من العاصمة العراقية بغداد، وهو على يقين سياسي بأن نظيره العراقي نوري المالكي يشاطره القناعة السياسية ذاتها بأن علاقات عمّان وبغداد المُهتزّة بعنف منذ العام 2003، الذي شهد سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الحليف السياسي الأبرز للأردن في عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الفائت، تحتاج الى إغلاق كل الملفات التي تتسرب منها مُعكّرات صفو العلاقة، وإنهاء كل أسباب الخلاف، إذ أن إعتماد عمّان وبغداد لسياسة التلاقي في منتصف الطريق، وبناء تفاهمات إستراتيجية طويلة الأمد من شأنها أن تكرس الأردن والعراق كقوة سياسية وإقتصادية هائلة في الإقليم.

محاصرة الخلافات

وبحسب أوساط حكومية أردنية لـquot;إيلافquot; فإن الرئيس عاد من بغداد مسرورًا، بعد أن تمكن من تضييق هوامش الخلافات أكثر فأكثر، بعد نحو عام من لقاء جمعه بالمالكي في العاصمة الأردنية عمّان، إذ تقول الأوساط الحكومية الأردنية إن عمّان سوف تمارس تأنيًا سياسيًا في الإعلان عن الثمار السياسية والإقتصادية التي أمكن قطفها من بغداد، ربما تمكينًا للجان فنية أردنية وعراقية صوغ شكل التفاهمات الإستراتيجية التي يمكن لها أن تؤسس لعلاقات مريحة جدًا بين البلدين.

إقتراب من محور جديد

من جهته، يقول الناشط السياسي الأردني معاذ الخوالدة لـquot;إيلافquot; إن زيارة النسور تأتي في وقت حساس جداً في الإقليم الذي تتسارع فيه الصفقات والتسويات السياسية، وأن الأردن ليس تفصيلاً عابرًا في زمن التسويات، وأنه ربما قد قرر بشكل غير معلن الإقتراب بشكل أكبر الى محور سياسي إقليمي يضم إيران والعراق وسوريا.

لا تغيير من نظام الأسد

أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية يوسف المومني يقول لـquot;إيلافquot; إن لقاءاته بمسؤولين أردنيين بارزين حضروا قمة النسور المالكي في بغداد وفرت لديه معلومات مهمة عن الزيارة التي خلت من طلب عراقي من الأردن بإحداث أي تغيير في الموقف الأردني من نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يقتل شعبه منذ 33 شهراً، بل ركزت المباحثات على ضرورة التكامل الإقتصادي، وأن يُصدّر العراق نفطه بكل أمان عبر خط صحراوي يمتد من من مدينة البصرة العراقية الى ميناء العقبة الأردني، وهو مشروع إقتصادي ضخم من شأن الأردن الإستفادة منه، وخصم الكلفة المالية الهائلة لنقله بطريقة الصهاريج، التي تسلك جغرافيًا مناطق عراقية غير آمنة قبل أن تبلغ الحدود الأردنية.

تعاون أمني إستخباري

ويؤكد المومني أن عمّان لم تشترك مطلقًا بالعمليات العسكرية العراقية المفاجئة قرب الحدود الأردنية العراقية ضد تنظيم القاعدة - فرع العراق، إذ أن تزامن العمليات مع زيارة النسور كان محض مصادفة، لكن المومني يكشف أن النسور عرض على العراقيين أن يُقدم الأردن خبرته العسكرية والأمنية في التعاطي مع إرهاب تنظيم القاعدة للحكومة العراقية.

ويمكن لعمّان أن ترسل مدربين أمنيين وعسكريين أردنيين لتدريب قوات عراقية خاصة على التصدي لخطر القاعدة، كما يشير المومني الى تعاون أردني عراقي أكثر فعالية على الحدود البرية الطويلة بين البلدين للجم القاعدة، وتشكيل غرفة عمليات حدودية مشتركة للتصدي لأي عمليات إرهابية، إذ كان النسور حازماً بالقول إن بلاده لا تُصدّر الإرهابيين الى دول الجوار، وهي إشارة قد تكون حاسمة على طريق التعاون الأمني والإستخباري المقبل بين الأردن والعراق.