أكدت المعارضة الإيرانية أن طهران تحوّلت إلى بؤرة للإرهاب والتطرف في العالم، ما يستوجب على المجتمع الدولي مواجهة نظامها واعتماد سياسة حازمة ضده والاعتراف بالمقاومة الإيرانية، مشددة على أن 2013 سيكون عام التغيير في إيران.


أسامة مهدي: جاء ذلك خلال مؤتمر دولي في باريس عشية الذكرى الرابعة والثلاثين للثورة المضادة للملكية في إيران عقد بدعوة من اللجنة الفرنسية لإيران ديموقراطية تحت شعار (2013 عام التغيير في إيران)، شارك وتحدث فيه عدد كبير من الشخصيات الفرنسية والأوروبية والأميركية البارزة ووفود من مصر وإسبانيا وتشيكيا وأستونيا.

مؤتمر دولي عشية الذكرى 34 للثورة الإيرانية
ألقى كلمات خلال المؤتمر، الذي ترأسه جان بيير أسبيتزر الحقوقي الفرنسي البارز، كل من: مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، ونيوت غينغريج الرئيس السابق لمجلس النواب الأميركي ومرشح الرئاسة الأميركية لعام 2012، والحاكم هاوارد دين رئيس الحزب الديمقراطي الأميركي (2005-2009) مرشح الرئاسة الأميركية (2004)، وبيل ريتشاردسون سفير أميركا لدى الأمم المتحدة وحاكم نيومكسيكو (2003-2011) مرشح الرئاسة ووزير الطاقة في حكومة كلينتون ودومينك لوفور عضو الجمعية الوطنية الفرنسية والسفير فيليب كراولي مساعد وزيرة الخارجية الأميركية (2009-2011) وطاهر بومدرا مسؤول كبير في الأمم المتحدة لملف أشرف.

وكذلك وفد برلماني إسباني ضم كارمن كوينتانيا مسؤول لجنة المرأة وخوزه ماريا تشيكيو عضو لجنة الخارجية وجوردي شوكلا عضو البرلمان ووفد أستوني وريد يوكوكاله عضو البرلمان ورائيت ماروسته رئيس لجنة الدستور في البرلمان وقاض سابق في محكمة حقوق الإنسان الأوروبي.. وكذلك من تشيكيا أستانيسلاو بولشاك رئيس لجنة القضاء في البرلمان وعاطف مخاليف نيابة عن الوفد المصري واوود دوتوئن مؤسس ورئيس الاتحاد الاقتصادي والاجتماعي للنساء وجان سانو رئيس القسم السري عضو إدارة الاستخبارات المركزية الأميركية والعقيد وسلي مارتن القائد السابق لمكافحة الإرهاب في قوات الائتلاف في العراق وقائد قوات الحماية الأميركية في مخيم أشرف لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في شمال شرق بغداد.

إدانة التشريد القسري لسكان أشرف
وقد دان المتحدثون quot;التشريد القسري الذي طال سكان أشرف، ونقلهم إلى quot;سجنquot; ليبرتي، وطالبوا بالنظر في عدم اهتمام الحكومة العراقية بمطالبة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالتنقل الحر للسكان في المخيمين، وإعادة السكان إلى أشرف المدينة الحديثة التي شيّدوها على طول 26 عاماً على نفقتهم وجهدهمquot;.

كما رفضوا quot;مارسات مارتن كوبلر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق من نقض مستمر للتعهدات التي وعد بها وإجراءاته المنحازة للحكومة العراقية في التستر على المؤامرات وممارسة الضغوط والحصار الظالم على مخيم ليبرتي والتجاوز على حقوق السكان، مطالبين الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين ممثل محايد بدلًا من كوبلرquot;.

بدورها أشارت رجوي في كلمتها إلى الأزمات المستعصية التي تحيط بحكام إيران، وأكدت quot;أن نظام الملالي فقد ركائزه ورصيده للاستمرار في الحكم، ودخل مرحلته النهائية، وأن مهزلة الانتخابات الرئاسية ستفاقم الصراع على السلطة داخل النظام، وستسرع في عملية سقوطهquot;.

وقالت إن هذه الانتخابات، التي يعتبر مرشحوها quot;مجرمين متورطين في أعمال التعذيب والقتل والنهب ضد أبناء الشعب على طول 34 عاماً، هي انتخابات لا شرعية من وجهة نظر أبناء الشعب الإيراني الذين سيقاطعونها في عموم البلادquot;.

وأضافت رجوي أن البعض في الغرب يرى أن تصدير الإرهاب والتطرف دليل على قوة الملالي، وأنهم يخطأون خطأ كبيراً لكون هؤلاء الحكام، ومن أجل احتواء المجتمع الناقم للغاية، يلجأون إلى التدخل في شؤون الدول الأخرى، وهذه هي آلية للحفاظ على السلطة، ولو لم يكن تصدير التطرف.. لما بقي شيء من السبب الوجودي لقوات الحرس (الثوري)، التي هي تشكل نقطة ارتكاز ولاية الفقيه، وسوف ينهار هذا النظام بسرعة فائقةquot;.

حكام إيران رعاة التطرف والإرهاب
وتطرقت رجوي إلى دور النظام الإيراني في تنمية التطرف والإرهاب في العالم الإسلامي. وقالت إن من جملة ذلك في أفريقيا ومالي. وتابعت إن الإرهاب هو تكتيك منبثق اليوم من أيديولوجية التطرف الإسلامي في إيران، ومثل أي أيديولوجية أخرى لا يمكن له أن يكون مؤثراً على صعيد العالم، ما لم تكن له بؤرة مركزية، وهذه البؤرة هي طهران، ولذلك فإن التصدي العسكري والأمني لتداعيات هذه الظاهرة في مختلف النقاط ليس كافياً، بل إن التصدي الفاعل بحاجة إلى عملين: الأول إبداء الحزم تجاه عراب التطرف في طهران، وهو النظام، إذ لا يجوز اعتماد المساومة تجاه البؤرة المركزية للتطرف، والاكتفاء بتشذيب فروعها فقط..

أما الثاني فهو البديل الفكري والثقافي المتمثل في إسلام متسامح وديمقراطي، مثل الإسلام الذي يدافع عنه مجاهدو خلق، وبدون مثل هذا المثال، فالمتطرفون سيعيدون نفوذهم من جديد بين الجماهير المسلمة التي يعاني معظمها الفقر والتعسف.

وأكدت رجوي في جانب آخر من كلمتها قائلة quot;إن الحكومة العراقية وبأمر من النظام الإيراني وبتواطؤ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة قد قامت بتشريد سكان مخيم وحشرهم في سجن ليبرتي، ومنعت نقل أموالهم إلى هذا المخيم، وبالفعل قد انتهكت حقهم في ملكية أموالهم، والذريعة لذلك كانت أن المقابلات مع السكان من أجل اللجوء يجب أن يتم إجراؤها خارج أشرف، والآن حيث تم إجراء المقابلة مع أكثر من ألفي شخص، وتم إرسال 5 أشخاص فقط إلى خارج العراق، فيجب وضع حد لهذه العملية لتشريد السكان، وإعادة سكان ليبرتي إلى أشرف فورًا، خاصة أولئك الافراد الذين أجرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين المقابلات معهم ليتم من هناك نقلهم إلى بلدان ثالثةquot;.

وتابعت بالقول quot;الأشرفيون هم أفراد محميون تحت اتفاقية جنيف الرابعة، وقد وقعت الحكومة الأميركية مع كل فرد منهم اتفاقاً لحمايتهم، حتى حسم ملفهم النهائي إزاء جمع أسلحتهم، ولا يجوز لأميركا أن تتنصل من واجباتها، التي تتحملها تجاه الأشرفيين بإلقاء المسؤولية على عاتق الأمم المتحدة، التي ممثلها هو في خدمة الديكتاتورية في العراق الجديد، حيث إن عدم تنفيذ هذه الواجبات قد خلف حتى الآن وقوع مجزرتين مع 50 شهيداً و1130 جريحاً وحصار جائر وتشريد جماعي للسكانquot;.

وشددت رجوي في الختام على أن quot;رد الشعب الإيراني ومقاومته على 34 عاماً من الاستبداد والانحطاط والتخلف يتلخص في ثلاث كلمات: الحرية والديمقراطية والمساواةquot;.

وكان قد أسدل الستار في 16 أيلول (سبتمبر) الماضي على عملية سياسية ولوجستية شاقة، استمرت تسعة أشهر، تم خلالها نقل سكان مخيم quot;أشرفquot;، البالغ عددهم 3280 شخصًا، إلى مخيم الحرية quot;ليبرتيquot; الجديد قرب مطار بغداد الدولي. وتم نقل المجموعة السابعة الأخيرة من عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة من مخيم أشرف (80 كم شمال شرق بغداد) إلى مخيم الحرية quot;ليبرتيquot; قرب مطار بغداد الدولي، وهو قاعد عسكرية أميركية سابقة.

وبانتقال سكان أشرف إلى مخيم الحرية، يسدل الستار على عملية سياسية ولوجستية مثيرة للجدل، انتهت بإغلاق quot;أشرفquot;، الذي كان تقيم فيه عناصر المنظمة منذ 26 عامًا، تمهيدًا لقبولهم لاجئين سياسيين في دول ثالثة في أوروبا وأميركا وأستراليا سينقلون إليها لاحقًا، الأمر الذي مهد لرفع المنظمة من قائمة الإرهاب الأميركية الموضوعة عليها منذ عام 1977.

وكان الرئيس العراقي السابق صدام حسين قد سمح للمنظمة بالإقامة في مخيم أشرف خلال حربه ضد إيران، التي استمرت بين عامي 1980 و1988. وقد جرّد المخيم من أسلحته بعد اجتياح الولايات المتحدة وحلفائها العراق في عام 2003، وتولى الأميركيون آنذاك أمن المعسكر قبل أن يتسلم العراقيون هذه المهمة في عام 2009.

وقد أنشئت مدينة (مخيم) أشرف في عام 1986 على قطعة من الأرض الجرداء، وسكانها أعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة الرئيسة لنظام طهران، ويبلغ عدد سكانها 3400 نسمة، منهم حوالى 1000 من النساء والاطفال، وأكثر من 1000 من السجناء السياسيين السابقين.

وخلال غزو العراق عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة، وقف سكان أشرف على الحياد، وفي وقت لاحق، تم نزع أسلحتهم طوعًا ومنحها إلى القوات الأميركية. في المقابل، وبعدما قامت الولايات المتحدة ووكالاتها المختلفة بتفتيش أشرف للتأكد من خلوه من الأسلحة، وقعت اتفاقية تنص على حماية كل المقيمين في المخيم حتى إيجاد حل لهم، وتم إعلان السكان أشخاصًا محميين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

وفي عام 2009 وعندما نقلت الولايات المتحدة مسؤولية حماية سكان أشرف إلى الحكومة العراقية قامت هذه، وبطلب من النظام الإيراني، بوضع أشرف تحت الحصار الكامل، وحرمان سكانه من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحصول على العلاج الطبي المناسب، كما تقول منظمة مجاهدي خلق.