لم تستهدف الغارة الإسرائيلية على سوريا مركز بحوث كيميائي، بل أصيب عرضًا لدى استهداف قافلة تقول تل أبيب إنها كانت تنقل بطاريات صواريخ مضادة للطائرات إلى مخازن حزب الله في لبنان.


استهدفت الغارة الإسرائيلية على الأراضي السورية في الأسبوع الماضي شحنة أسلحة متسببة في وقوع أضرار طفيفة في مركز بحوث قريب ترتبط أنشطته بالأسلحة الكيماوية، كما أفاد مسؤولون أميركيون.

عرض التلفزيون السوري الرسمي صور زجاج مهشم وأضرار أخرى في مركز الدراسات والبحوث العلمية الذي يُشتبه في ضلوعه في تطوير صواريخ قادرة على حمل اسلحة كيماوية. لكن شريط الفيديو لم يعرض، ما يدل على وجود حفرة أو أضرار من النوع الذي يحدثه قصف مباشر.

لم تعلن اسرائيل مسؤوليتها عن الهجوم، ولكن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك لمَّح في مؤتمر ميونيخ الأمني يوم الأحد الى أن حكومته تقف وراء الغارة. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول عسكري اميركي رفيع طلب عدم ذكر اسمه quot;أن الهدف الرئيس كان شحنة اسلحة في قافلة، ربما كانت متوجهة الى الأيدي الخطأquot;.

مركز البحوث ضحية وليس هدفًا
واشار المسؤول، ومعه مسؤول اميركي آخر، الى أن مركز البحوث في شمال دمشق تضرر بانفجارات ثانوية من الذخيرة المحمولة في القافلة التي كانت هدف غارة الأربعاء الماضي على النقيض من قول النظام السوري إن الغارة استهدفت مركز البحوث.

وقال مسؤولون غربيون آخرون ومسؤول لبناني رفيع إن القافلة كانت تحمل بطاريات مضادة للجو وجهتها قوات حزب الله في لبنان. واظهر الشريط الذي بثه التلفزيون الرسمي السوري حطام ما بدا أنه راجمة متنقلة من النوع الذي يستخدم لإطلاق صواريخ ارض ـ جو من طراز أس أي ـ 17 التي يملكها جيش النظام في ترسانته.

سبقت غارة الأربعاء تحذيرات اطلقها مسؤولون اسرائيليون من أنهم لن يسمحوا بوقوع اسلحة كيماوية في أيدي حزب الله المدعوم من ايران أو مقاتلين اسلاميين في سوريا نفسها.

وقال باراك في ميونيخ: quot;هذا دليل على أننا كنا نعني ما نقول. ونحن نقول إننا لا نعتقد بأنه ينبغي السماح بنقل منظومات اسلحة متطورة الى لبنانquot;. ولكن باراك اضاف أن ليس بمقدوره اضافة معلومات الى ما اوردته التقارير، عما حدث في سوريا قبل ايامquot;.

وكانت الاستخبارات الاميركية وخبراء آخرون ربطوا مركز البحوث السوري منذ سنوات ببرامج النظام السوري لتطوير صواريخ واسلحة كيماوية. كما رُبطت انشطة المركز بهيئة الطاقة الذرية، التي يعتقد مسؤولون اميركيون أنها كانت ضالعة في محاولات النظام السرية لبناء مفاعل نووي على نهر الفرات. ودمرت الطائرات الاسرائيلية المفاعل قبل انجازه في ايلول/سبتمبر 2007.

وأكدت غارة الأربعاء مجددًا المخاوف القديمة من أن الحرب الأهلية السورية التي أوقعت أكثر من 60 الف قتيل حتى الآن يمكن أن تمتد الى دول المنطقة الأخرى.

وقال التلفزيون السوري الرسمي يوم الأحد إن الرئيس بشار الأسد ابلغ امين عام مجلس الأمن القومي الايراني سعيد جليلي أن الجيش السوري quot;قادر على التصدي لأي عدوانquot; يستهدف سوريا.

واعلن قائد الحرس الثوري الايراني الجنرال محمد علي جعفري يوم الأحد أن ايران تأمل بأن ترد سوريا على الهجوم الاسرائيلي، كما اوردت وكالة الأنباء الايرانية الرسمية.

لكن كلام ايران في مؤتمر ميونيخ الأمني كان بعيدًا عن لغة الحرب. وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي يوم الأحد إنه يرحّب بمقترح رئيس ائتلاف المعارضة السورية معاذ الخطيب اجراء محادثات مباشرة مع ممثلين عن نظام الأسد بشروط معينة.

إيران تبدي ليونة
وقال صالحي الذي تحدث في مؤتمر ميونيخ الأمني بعد باراك: quot;سعدتُ كثيرًا عندما سمعتُ تصريحه بأنه مستعد للدخول في مفاوضات مع ممثلي الحكومةquot; السورية، مردداً الثناء الذي جاء قبل يوم على لسان نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وكان الخطيب التقى على انفراد مع كل من المسؤولين الثلاثة، وكذلك مع مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الابراهيمي.

لكنّ مراقبين لاحظوا أن قادة المعارضة الآخرين لم يقفوا كلهم وراء مقترح الخطيب في موقف موحد، ولم تكن هناك بوادر يُعتد بها على تحقيق اختراق في جولة اللقاءات التي عقدها الخطيب. وكان رئيس الائتلاف الوطني للمعارضة السورية تعرّض الى انتقادات على مقترحه الذي أطلقه في البداية على حسابه على فايسبوك، ثم كرره في ميونيخ، معلنًا استعداد المعارضة للقاء ممثلين عن النظام، شريطة اطلاق سراح آلاف المعتقلين وتجديد جوازات سفر السوريين في الخارج.

في غضون ذلك، قال عضو مجلس الشيوخ الاميركي جون ماكين في ميونيخ يوم الأحد إن الغارة الاسرائيلية داخل الأراضي السورية يوم الأربعاء الماضي quot;مؤشر الى السرعة التي يمكن أن يتصاعد بها الوضع الى نزاع اقليميquot;.