يرى عمار الحكيم أن تركيز التفجيرات في المناطق الشيعية هدفه اشعال حرب طائفية، محذّرًا البعثيين الصداميين من ركوب موجة الاحتجاجات، متعهدًا أن لا عودة للبعث إلى حكم العراق ما دامت العروق تنبض.

لندن: أكد عمار الحكيم، رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي أن استهداف المناطق ذات الكثافة السكانية من الشيعة غايته جر البلاد الى حرب طائفية. واشار إلى التأثير المباشر للأزمات والتصعيد السياسي والطائفي على امن المواطن رغم أن الشعب واجهها بمزيد من الحس الوطني والتعايش السلمي.
ودعا خطباء الجمعة في كل مساجد العراق الى الوقوف وقفة واحدة من اجل ادانة الارهاب والانتصار لدماء العراقيين الأبرياء. واضاف في كلمة خلال الملتقى الثقافي الاسبوعي للمجلس الاعلى في بغداد الليلة الماضية بحضور جمع غفير من مواطني العاصمة أن التفجيرات الاخيرة كانت اعتداءات عشوائية استهدفت الابرياء وحدهم.

وحذّر الحكيم من quot;الكلمات والمواقف المتشنجةquot; التي يطلقها السياسيون داعيًا معتلي المنابر الى تدقيق كلماتهم وتأثيرها ومضاعفاتها، والتي قد تكون سببًا في اشعال الفتنة الطائفية وإزهاق ارواح الابرياء وتخاطر بمصالح البلاد. واشار الى أن quot;الكلمات يجب أن تحسب في الوضع المتأزم كي لا تهدد السلم الاجتماعي حاثًا القيادات السياسية على أن quot;يكونوا خيمة الامل لا أن يكونوا خيبة الامل، وأن يطيبوا خواطر الناس وأن يقدموا صورة رائعة عن العراق وشعبهquot;.

وقال إن quot;التفجيرات الاخيرة التي راح ضحيتها المئات بين شهيد وجريح كشفت عن قدرة ومرونة يتميز بها الارهابيون وعن مبالغة في التصريحات التي تصدر من القادة الامنيين بأن الارهاب يلفظ انفاسه الاخيرةquot; عادًا الارهاب quot;معضلة تواجه العراق وتحتاج مواجهته الى جهود الجميعquot;.
وبيّن أن هذه التفجيرات برهنت ضعف الخطط الامنية والاستراتيجيات المعتمدة على مستوى وضع الخطط وتنفيذها، مشيرًا الى أن التفجيرات والخروقات الامنية يدفع ثمنها المواطن فيما تعجز الاجهزة الامنية عن تقديم اسباب شافية تبرر الاخفاقات المتكررة quot;. وشدد على ضرورة مراجعة الخطط الامنية محذرًا من أن عدم الجدية في مراجعة الخطط الامنية يثير الكثير من علامات الاستفهام لأن المتوقع من القادة والجنود أداء يوازي حجم التحديات.

وكان تنظيم quot;دولة العراق الاسلاميةquot; المرتبط بالقاعدة قد اعلن الاثنين الماضي مسؤوليته عن سلسلة اعتداءات استهدفت احياء ذات غالبية شيعية في بغداد واسفرت عن 28 قتيلاً على الاقل واكثر من 120 جريحًا الاحد حين انفجرت ثماني سيارات مفخخة قرب متاجر ومطاعم في شوارع تجارية مزدحمة في العاصمة. وفي تبنيه لموجة الاعتداءات زعم التنظيم أن هدفه الثأر مما اسماه الجرائم المرتكبة من الحكومة التي يترأسها الشيعة في الاحياء الشيعية من العاصمة.
وأضاف التنظيم: quot;نقول لأهل السنة في بغداد وغيرها quot;أن الوضع الذي تعيشونه اليوم هو عين ما حذّركم منه المجاهدون منذ سنين وأنتم تسيرون في النفق المظلم الذي زينه لكم الوطنيون الخونة ممن باع الدين والعرض والأرض وشارك في العملية السياسية ولعبتها الديمقراطية القذرةquot;.

وبعد أن كانت القاعدة تشن تمردًا ضد القوات الأميركية في العراق فإنها تستهدف الآن الشيعة وقوات الأمن بالدرجة الاولى في مسعى لإثارة موجة واسعة من العنف الطائفي على غرار تلك التي دفعت البلاد إلى شفا حرب أهلية في عامي 2006 و2007.

الاحتجاجات ومطالب التظاهرات
وتطرق الحكيم الى تظاهرات الاحتجاج التي تشهدها محافظات عراقية غربية وشمالية دخلت شهرها الثالث اليوم الخميس محذرًا من اندساس البعثيين وسط المتظاهرين. واشاد الحكيم بالمواقف السلمية والمسؤولة لأهالي محافظة الانبار وتبرعهم بالدم لأبناء المناطق التي تعرضت للتفجيرات قبل ايام، وحذر من التصريحات المتشنجة ومن الفتنة الطائفية التي لو حصلت quot;ستحرق الاخضر واليابس وسيخسر العراقيون جميعًا بخسارة أي قطرة من دماء العراقيين بمختلف مكوناتهمquot;.

وخاطب الحكيم المحتجين قائلاً إن quot;حصر مطالبكم بما هي حقوق دستورية واضحة دون التوسع ورفع سقف المطالب لتكون تعجيزية سيعطي ذريعة لوصف المطالب بأنها تتبع اجندات اجنبية quot;. واشار الى أن الانقسام الذي تشهده الساحة العراقية هو من يوفر البيئة الخصبة لكل من تسول له نفسه التدخل في الشأن العراقي.. مشيرًا الى أن معالجة اسباب التدخل اولى من التشكي من تدخلات الآخرين، مؤكدًا أن التوحد والتلاحم يعززان الوئام الوطني.

واوضح الحكيم أن quot;اللجنة الحكومية المختصة في النظر بمطالب المتظاهرين ما زالت تقوم بجهد كبير وتواصل السعي لتلبية مطالب المتظاهرين واتخذت اكثر من 60 قرارًا لصالح مطالبهم، ونشرت اسماء المطلق سراحهم مما يزيل التشكيك بالعدد الذي بينته اللجنة التي دعاها الى توسيع عملها ونشر اسماء المشمولين بقراراتها من رجال الصحوات والشهداء والمشمولين بالمساءلة والعدالة وأن تعزز الارقام بالوثائق.

وشدد على أن العراق الجديد يجب أن يكون خاليًا من المظلومين أو من اصحاب الحقوق العاجزين عن استيفاء حقوقهم، مشيرًا الى ضرورة التعرف على اسباب عدم تلبية بعض المطالب، وفيما اذا كان السبب قانونيًا أم دستوريًا.
ودعا المحتجين quot;للمطالبة بخطوة جديدة تلي الخطوة التي نفذتquot; مذكراً بأن المطالبة بالحقوق حق كفله الدستور يستوجب في الوقت نفسه الالتزام بالواجباتquot;. وطالب المتظاهرين بأن quot;يكون احتجاجهم سلميًا لا يخاطر بأرواح المواطنين ولا يرفع التوتر ولا يساعد الارهابيين على افعالهم ولا يقف حاجزاً امام الساعين لخدمة الوطنquot;.

يذكر أن محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديإلى وكركوك تشهد تظاهرات دخلت اليوم الخميس شهرها الثالث يشارك فيها عشرات الآلاف جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.

تحذير من مشروع quot;البعث الخبيثquot;
وحذر الحكيم مما اسماه quot;مشروع البعث الخبيث في ركوب موجة التظاهرات من خلال حضور اعلامي لبعض مجرميهquot;. وأشار إلى أن الانتماء لحزب البعث لا يشرف ايًا من العراقيين.
وقال إن الموقف من البعثيين هو موقف العراقيين جميعًا وليس موقف طائفة أو قومية. وأكد أن الاحتجاجات التي يشهدها العراق حالياً quot;هي احتجاجات البيت الواحد ومبنية على حقوق دستورية، والعراقيون متفقون على عداء حزب البعثquot;.. داعياً العراقيين الىquot;البقاء اوفياء لدماء الشهداء في المقابر الجماعية وحلبجة والأنفال والشهداء العلماء من رجال الدين والكفاءات والذين هجروا ودفنوا احياءquot;.. وشدد على ضرورة حل مشاكل ذويهم.
وكان عزة الدوري نائب الرئيس السابق صدام حسين قد دعا في الرابع عشر من الشهر الحالي الى quot;الزحف إلى بغداد quot;.. وخاطب الدوري الذي يقود حزب البعث العراقي المحظور وquot;جيش رجال الطريقة النقشبنديةquot; المحتجين قائلاً quot;أيها المعتصمون الأحرار في ساحات العزة والكرامة والشرف إن العاصمة الحبيبة بغداد هي قلب العراق النابض، وفيها تدير الحكومة الطائفية العميلة حكمها وظلمها ضد أبناء الشعب العراقي، وإن قيام التظاهرات والاعتصامات في عموم محافظات العراق وإن كان له أثر كبير في الضغط على هذه الحكومة المقيتة إلا أن التأثير الأكبر والأعظم والأسرع يكون في بغداد لأنها مركز القرار، وإن الزحف إلى بغداد أمر لا بد منه لحسم الانتفاضة المباركة لصالح الشعب العراقيquot;.
ومن جهتها، اعتبرت مصادر سياسية تتابع الحراك الشعبي للمحتجين أن نداء عزة الدوري هذا سيشكل ورقة رابحة بيد خصومهم ممن يتهمونهم بالانتماء الى حزب البعث تارة والى تنظيم القاعدة تارة أخرى، مشيرة الى أن بيانات الدوري السابقة في هذا المجال قد اثرت سلبًا على المطالب التي ينادون بها منذ حوالي الشهرين. وكان ممثلون للمحتجين قد أكدوا اكثر من مرة رفضهم لبيانات الدوري مؤكدين أن حراكهم لا يمت بأي صلة للبعثيين.