فيما يستحوذ تشكيل حكومة غالبية في العراق على نقاشات القوى السياسية فقد رأى رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ان هذه الحكومة يجب ان تتشكل من غالبية سياسية، وليس من غالبية طائفية، لتستطيع إخراج البلاد سريعًا من النفق المظلم الذي تمر به.
أسامة مهدي: شدد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي على رفض تحويل سوريا الى ساحة للصراعات الايديولوجية وتقاطع المصالح، مؤكدا تأييد المطالب المشروعة لشعبها.. فيما هاجم معتمد للمرجع الشيعي الأعلى السيستاني أداء النواب العراقيين، مؤكدا انهم تخلوا عن مطالب وتطلعات الشعب، الذي انتخبهم، وانشغلوا بمكاسب شخصية لهم ولأقاربهم.
واشار عمار الحكيم خلال خطبة الجمعة في بغداد اليوم بحضور جمع غفير من مواطني العاصمة إلى ان دعوته الى حكومة الغالبية السياسية لم تكن تغييرًا في مفاهيمه، وانما جاءت من منطلق ضرورة الخروج السريع من النفق المظلم الذي يمر به العراق.
واوضح ان حكومة الغالبية يجب ان تكون سياسية ذات شراكة بين المكونات العراقية quot;لان الشراكة اساس النجاح والتقدم والحكومة الجامعة أفضل من الحكومة المقتصرة على البعضquot;.
واكد الحكيم الذي يتزعم فصيلاً ضمن الائتلاف الشيعي الحاكم ان العقول التي لا تستطيع ان تستوعب الافكار الجديدة لاتتمكن من بناء دولة او تحمي وطنًا، والواقعية اساس النجاح في العمل السياسي. وقال quot;اننا مازلنا في مشروع بناء دولة، ولن نضحّي بهذا المشروع من اجل رغبات متناقضة، لا تقدر على التواصل والعمل المشترك، فلنخرج من هذه الازمات المتواصلة، ومن النفق المظلم، حتى وان كانت وسائل الخروج مؤلمة وقاسية على الجميع، فهي أفضل بكثير من التوقف وسط الظلام والموت البطيءquot;.
واوضح الحكيم ان الغالبية لا تعني مطلقا الغالبية الطائفية، وانما هي غالبية سياسية مكونة للشعب العراقي، ويجب ان تكون منسجمة ومتفقة على نهج معين لادارة شؤون البلاد، وتكون مسؤولة عن قراراتها وخططها وادارتها.
وخاطب القوى السياسية قائلا quot;اذا لم تستطيعوا ان تدفعوا ثمن الشراكة فعليكم الذهاب الى الغالبية، واذا لم تقبلوا بالغالبية عليكم القبول بالشراكة، فكل شيء مقبول الا تفكك الدولةquot;.
واضاف ان مشروع الدولة ما زال يصارع لحظات الولادة، وانها بلا شك ولادة عسيرة، واحد اهم اسبابها هو عدم فهم البعض لمشروع العراق الجديد.. وتساءل قائلا quot;كيف نكمل بناء الدولة ونحن لم نكمل بناء الوطن؟quot;.
وحول التطورات الجارية في المنطقة فقد حذر الحكيم من خطورة محاولات تجري حاليا لدفع الربيع العربي ليكون زلزالاً يصادر حقوق العرب. وقال إن quot;الشعوب العربية بدأت رحلتها نحو الحرية، وهي رحلة شاقة، وقد تكون طويلة، لكنها تستحق المعاناة، لان نهايتها العدالة والتقدم، ونتمنى ان لا تحاول القوى التي وصلت الى السلطة في هذه البلدان مصادرة تضحيات شعوبها وشبابها، وان تستوعب الدرس التأريخي، الذي اوصلها الى السلطة، اذ ان مغريات الحكم كبيرة وشهوة السلطة اكبرquot;.
دعوة إلى منع انفجار الأوضاع في المنطقة
وأشار الى ان المنطقة تعيش حاليًا على فوهة بركان، ولذلك فإن الجميع quot;مطالبون بمنع هذا الانفجار، والبحث عن حلول وبدائل لكي لا تكون لغة الحرب هي الطاغية، لان اشعال الحروب امر سهل، لكن اطفاءها والتحكم في نتائجها صعب جداquot;.
واضاف ان شعوب المنطقة تبحث عن السلام والاستقرار، غير ان البعض لديه مشاريع لا تأخذ مصالح هذه الشعوب وإرادتها في الاعتبار، وهذه المشاريع ستفشل، ولكن بعد ان تدفع الدول وشعوبها الاثمان الغالية، موضحا انه ما زالت هناك فرصة للعودة الى لغة العقل .
وقال quot;اننا نسمع اليوم انين سوريا بوضوح لكن هذا البلد لن يرضخ للاهتزاز والشعب السوري يستحق ان يعيش حياة كريمة وان لا يبقى يدور في دائرة مغلقة لا تمنحه سوى نزيف الدم المستمر.
واكد انه ليس من العدل ان تسرق مطالب الشعوب في العدالة وتتحول الى أداة بيد أصحاب الافكار المتطرفة، ولذلك على السلطة ان تكون اقرب الى شعبها، وان تتفهم مطالبه واحتياجاته، وان لا تبقى في خطأ المكابرة والانكار، فهناك حقوق يحتاجها الشعب السوري، وهي كثيرة وعادلة، واصبحت من بديهيات الشعوب المتحضرةquot;.
وشدد الحكيم على رفض تحويل سوريا الى ساحة للصراعات الايديولوجية وتقاطع المصالح، وقال quot;يكفي العرب ان تكون لديهم فلسطين محتلة، وما زلنا عاجزين عن نصرتها، ولسنا بحاجة الى عاصمة عربية اخرى، تسقط مهما كانت العناوين مختلفة والمصطلحات منمقةquot;.
ودعا الحكيم العرب الى التصالح مع انفسهم، وطالب القادة العرب بأن يدركوا أن زمن الرأي الواحد والحزب الواحد والشعوب المكبوتة قد ذهب الى غير رجعة، وان لا يسمحوا للافكار المتطرفة والمنحرفة ان تجد طريقا تتسلل منه الى الشعوب في حاضرها وتضيع مستقبل الاجيال المقبلة.
وقال إن quot;دمشق عروس العرب، فلا تدعوها تنزف، واننا نرحّب وندعم بقوة مبادرة المندوب الاممي الأخضر الإبراهيمي بوقف القتال في ايام العيد، ونتمنى ان تستمر إلى ما بعد العيد عسى ان تكون مخرجا للصراع القائم في سوريا، والذي كان وما زال الشعب السوري ضحيته الاولىquot;.
واضاف ان دور العراق الجديد هو ان يكون جسرا بين دول المنطقة، وليس نقطة للتقاطع. quot;وهذا هو موقفنا المعلن والذي يعبّر عن عمق رؤيتنا الاستراتيجية في العراق الذي نسعى إلى بنائه رغم كل الصعوباتquot;.
وحول اتهام صحيفة عكاظ السعودية له بإدخال اسلحة ومتفجرات الى المملكة، أكد رئيس المجلس الاعلى الاسلامي قائلا quot;لن نرتضي لاية دولة ان تسمح لبعض الجهلة ان ينشروا الاكاذيب ويسوّقوا للفتن ويتلاعبوا بمستقبل شعوب المنطقة. ونقول لبعض الصحف السعودية وصلتنا رسالتكم البائسة، ونقول لاخوتنا في القيادة السعودية ان هذه الوسائل الاعلامية لم تكن تتجرأ لولا وجود فكر متطرف يسعى الى اشعال الفتنة وخلق الازمات واتهام الاخرين بالباطل وتغيظه كل خطوة نحو التقارب وكل مسعى الى التكاملquot;.
وكان زعيم التحالف الوطني العراقي quot;الشيعيquot; ابراهيم الجعفري قد عارض الأربعاء الماضي دعوات تشكيل حكومة غالبية في البلاد، مؤكدا أن الكثير من الأطراف السياسية العراقية لا يجيد فن المعارضة السلمية، ولذلك فإن بعضها قد يلجأ الى المعارضة المسلحة، مشددا على عدم الخشية على السنة من الشيعة او الشيعة من السنة، وانما من الاختراقات الإرهابية التي لا تنتمي إلى مذهب، وتعادي كل المذاهب والديانات والقوميات.
تأتي هذه المواقف من الدعوات لحكومة الغالبية في وقت أعلن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيسِ الوزراءِ نوري المالكي أن المرحلةَ المقبلةَ تحتاج حكومة غالبية سياسية، لأن حكومةَ الشراكةِ الوطنية ساهمت في إعاقة عملِ الحكومة كما قال.
واكد المالكي في مطلع الشهر الحالي عزمه تشكيل حكومة غالبية سياسية في المرحلة المقبلة، وقال إنه يبذل جهداً في سبيل عدم تكرار تجربة حكومة الشراكة الوطنية، معتبراً أنها أصبحت محاولة لعرقلة العمل.
من جانبها، اعتبرت بعض الاطراف المنضوية تحت لواء التحالف الوطني تشكيل حكومة الغالبية خطوة انقاذ للعملية السياسية المهددة بالتفكك نتيجة التقاطعات المستمرة بين القوى السياسية. لكن التحالف الكردستاني والقائمة العراقية، عارضا ذلك مؤكدين ان العراق يجب أن تقودَه حكومة شراكة وطنية تمثل جميع الأطراف.
السيستاني: النواب تركوا الشعب وانشغلوا بمصالحهم
هاجم معتمد للمرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني اداء النواب العراقيين، مؤكدا انهم تخلوا عن مطالب وتطلعات الشعب، الذي انتخبهم، وانشغلوا بمكاسب شخصية لهم ولاقاربهم.
وقال السيد احمد الصافي معتمد مرجعية السيستاني خلال خطبة الجمعة في كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم ان بعض النواب انشغل عن العمل الرقابي بالسعي الى تعيين أقاربه في الوزارات والمؤسسات الحكومية ومنحهم المكاسب المادية.
واشار الى ان النائب العراقي قد تم انتخابه بزخم كبير من الاصوات، بحيث يمثل كل واحد منهم 100 الف مواطن، لكن تمثيله لدوره الرقابي والتشريعي قد تراجع لتطغى مصالحه ومكاسبه الشخصية هو واقاربه.
وأضاف أن بعض النواب بدأ يقلل من قيمة نفسه من خلال تعيين اقاربه او البحث عن ايفادات لهم، وقال إن الوزارة أو الجهة التنفيذية لم تعد تحترم نائبا كهذا يستفيد من عضويته في مجلس النواب لاغراض شخصية، فهو يتحول الى نائب ضعيف، وبالنتيجة سيضعف اداء البرلمان بسبب هذه الممارسات.
واشار الى انه من الاحرى بالنائب السعي إلى تشريع قوانين تعين جميع الناس او توفر فرص عمل للعاطلين، وليس البحث عن مكاسب شخصية او فرص تعيين.
وحول الازمة السياسية في البلاد، فقد طالب الصافي السياسيين بتقديم تنازلات لبعضهم البعض من اجل مصلحة العراق. وقال quot;علينا ان نستفيد من فرصة العيد ليكون مدعاة للتنازل وتغيير بعض الافكار التي اثرت في البلد، والاصطفاف معا من اجل رفد البلد بكل الطاقاتquot;.
واكد ان الشعب ينتظر من السياسيين وقادة البلد الكثير من الانجازات، وهذا امر يحتاج ارادة قوية، والعراق يستحق ان تكون ارادة قادته قوية من اجل التمكن في بنائه.
يذكر ان مجلس النواب العراقي كان قد منح اعضاءه في الخامس عشر من الشهر الحالي عطلة تستمر حتى السادس من الشهر المقبل.
وقد غادر عدد كبير من النواب بلدهم لقضاء اجازة العيد خارجه او بين عائلاتهم التي تعيش هناك، فيما كانت تركيا وجهة الكثيرين منهم، بسبب تأزم الاوضاع في سوريا ولبنان، تاركين خلفهم العشرات من مشاريع القوانين التي تهم المواطنين من دون مناقشة او التصويت عليها من اجل تشريعها.
التعليقات