لم تسلم المؤسسات الأميركيّة الكبرى من الهجمات الإلكترونية المتهم بشنها الجيش الصيني. ويبدو أنّ المعلومات التي تعرضت للاختراق ستكون كفيلة بتوضيح الطريقة التي تُمارس من خلالها السلطة في واشنطن بهذا القدر الكبير من الدقة.

القاهرة: عقب الكشف عن مجموعة أدلة وقرائن تتحدث عن ضلوع الجيش الصيني في تنفيذ عمليات تجسس إلكتروني على نطاق واسع طوال السنوات الماضية ضد مجموعة من الأهداف في عدة بلدان حول العالم، منها أميركا وبريطانيا، أكد خبراء أمنيون أن الهجمات الإلكترونية الصينية لم تدع أي من المؤسسات القوية في واشنطن إلا وداهمتها.

وضمت قائمة المؤسسات التي تعرضت لاختراق خلال السنوات القليلة الماضية شركات قانونية ومؤسسات متخصصة في الفكر والرأي ووكالات أنباء ومنظمات حقوق إنسان وسفارات وشركات مقاولات ووكالات فيدرالية ومكاتب تابعة للكونغرس.

وقال الخبراء إن المعلومات التي تم تعريضها للخطر جراء تلك الهجمات ستكون كفيلة لتوضيح الطريقة التي تمارس من خلالها السلطة في واشنطن بهذا القدر الكبير من الدقة.

والأمر الوحيد الذي تحدث عنه الخبراء هو ما إن كان يمتلك الصينيون الموارد التحليلية التي تعينهم على فرز كنوز البيانات الهائلة التي كانوا يسرقونها كل يوم. وقال جيمس لويس وهو خبير متخصص في الأمن الإلكتروني لدى مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية quot;السر الغامض هو أنه لا يوجد شيء يسمى بالشبكة السرية الآمنة. ويجب افتراض أن شركات القانون ومراكز الأبحاث والصحف قد تعرضت للاختراقquot;.

ردود فعل دبلوماسية

وكانت موجة التجسس الإلكتروني المتصاعدة قد أدت إلى نشوب ردود فعل دبلوماسية وظهور أحاديث عن إمكانية اتخاذ إجراءات بحق الصينيين، الذين ينفون على الدوام تورطهم في أي حملات قرصنة. كما أصدرت إدارة أوباما يوم أمس ورقة إستراتيجية حددت من خلالها الجهود الجديدة التي تعني بالتصدي لسرقة الأسرار التجارية.

وأشارت في هذا السياق صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن التجسس الإلكتروني ضد ما قد يطلق عليها quot;صناعة المعلوماتquot; تختلف عن هجمات القرصنة ضد الأهداف الاقتصادية التقليدية مثل لوكهيد مارتن وكوكا كولا وأبل، التي تحتوي نظمها الحاسوبية على ملكية فكرية قيِّمة قد تساعد الصينيين صناعياً وعسكرياً.

وبدلاً من ذلك، غالباً ما يتواصل محامون وصحافيون وعاملون بمجال حقوق الإنسان مع أطراف سياسية يمكنها أن تقدم باتصالاتها رؤية لأجهزة الاستخبارات الصينية التواقة لمعرفة وفهم الطريقة التي تعمل وتدير من خلالها واشنطن شؤونها.

وقال الخبراء في السياق عينه إن القراصنة يبحثون غالباً عن القوى غير المرئية التي ربما توضح الطريقة التي تتعامل بها الإدارة مع قضية من القضايا، في وقت يفترض فيه كثير من المسؤولين الصينيين أن التقارير التي تقدمها مراكز الأبحاث ووكالات الأنباء هي في السر عمل مسؤولين حكوميين، مثلما يفعلون تماماً في بكين.

روسيا شريكة

وبينما تردد أن روسيا وبضعة دول أخرى شاركت كذلك في عمليات التجسس الإلكتروني ضد مؤسسات وشركات خاصة، فقد أكد خبراء أمنيون ومسؤولون أميركيون أن الجهد الذي بذلته الصين على هذا الصعيد كان الأكثر عدوانية وشمولاً.

وقد سارعت الأطقم المعنية بأمور تكنولوجيا المعلومات لدى الجهات الخاصة من أجل التصدي للهجمات الدخيلة، وكانت تتم الاستعانة في كثير من الأحيان بمختصين من الخارج من أجل المساعدة في طرد القراصنة وتثبيت نظم مراقبة من أجل إبعادهم.

مهارة القراصنة

ومع هذا، لم تكن تكلل تلك الجهود دوماً بالنجاح، وهو ما نوه إليه خبراء أمنيون، حيث أوضحوا أن القراصنة غالباً ما كانوا يطورون سبلاً تعينهم على الوصول quot;من الأبواب الخلفيةquot; إلى النظم الحاسوبية أو يضاعفون جهودهم لكي ينجحوا مجدداً في الاختراق.

وقال شون هنري الرئيس السابق لقسم تحقيقات الأمن الإلكتروني لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي quot;إف بي آيquot; إن عملائه اعتادوا على إخطار عشرات الشركات والمؤسسات الخاصة بالاختراقات كل أسبوع، وأن القراصنة الصينيين هم أبرز المشتبه بهم.

وفي المقابل، تحرص الحكومة الصينية على إنكار ما يتردد عن تورطها في شن هذا النوع العدواني من التجسس الإلكتروني الذي يتحدث عنه في كثير من الأحيان الخبراء الأمنيون والمسؤولون الغربيون، واصفةً تلك المزاعم بغير المسؤولة والفاقدة للأدلة.

وقال خبراء أمنيون إنه وبينما تزداد الجوانب الدفاعية تطوراً من الناحية التقنية في مواجهة التجسس الإلكتروني، فإن القراصنة يواصلون تحسين مهاراتهم في نفس الوقت.