اختار البابا المستقيل بنديكتوس السادس عشر، البقاء ضمن اسوار الفاتيكان حتى بعد تسليم المهام لخلفه، في دير أعد خصيصا له، إلا أن هذا الخيار طرح التساؤلات حول تفاصيل حياته مع خلفه.
الفاتيكان: أعلن بنديكتوس السادس عشر الذي كان اول بابا يقدم استقالته في تاريخ الكنيسة الحديث، أنه سينسحب من العالم ليستقر في قلب الفاتيكان، على مرأى من خلفه، ليشكل بذلك تعايشاً غير مسبوق يثير كثيرا من التساؤلات.
وابتداء من 28 شباط (فبراير) يوم استقالته، سيتوجه بنديكتوس السادس عشر على متن مروحية الى المقر البابوي الصيفي في كاستل غوندولفو القريب من روما، ليقيم فيه شهرين، ثم يستقر في دير أعد خصيصا له ضمن أسوار دولة الفاتيكان.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس اشترط التكتم على هويته، قال مسؤول في روما quot;هذا لا يعجب الجميع، كما أعرب عن أسفه احد الكرادلةquot;.
وتساءل quot;عندما سيتنزه في الحدائق، هل سيكون من السهل الوصول اليه، او هل سيكون محاطا بجهاز أمني كما في السابق؟ إنه أمر محفوف بالمخاطر ومكلف للفاتيكانquot;.
البابا سيعيش حياة ناسك
وقال المتحدث باسم الفاتيكان، الاب فيديريكو لومباردي إن البابا ينوي الانصراف الى الصلاة والكتابة ولن يتدخل في عمل خلفه. واعلن بنديكتوس السادس عشر انه quot;سيحتجب عن العالمquot;.
ويعرب الخبير في الشؤون الفاتيكانية ماركو بوليتي عن اقتناعه بأن البابا السابق سيعيش حياة quot;نسكيةquot;. وأضاف quot;انه في أي حال شخص منطو جدا على نفسه وينأى عن اي اتصال بالعالم. والحياة الديرية وبالتالي حياة ناسك، تلائمه. وحتى قبل ان يصبح بابا، وطوال السنوات العشرين التي امضاها في الفاتيكان، لم يبد اهتماما على الاطلاق بالشبكات في داخل الفاتيكانquot;.
فرصة لخلفه لاختيار معاونيه
واضاف هذا الخبير في الشؤون الفاتيكانية في صحيفة quot;فاتو كوتيديانوquot; (اليسارية) ان quot;مجرد اقامة بنديكتوس السادس عشر طوال شهرين في كاستل غوندولفو يثبت أنه يحرص على الابتعاد اثناء انعقاد المجمع والأسابيع الاولى لحبرية خلفه حتى يفسح له في المجال لاختيار معاونيه بهدوءquot;.
ويعرب عن الاعتقاد نفسه، المتخصص في الشؤون الفاتيكانية برونو بارتولوني الذي يقول إن البابا السابق سيبتعد عن الدوائر الفاتيكانية العليا.
ويضيف ان بولس السادس الذي تربع في السدة البطرسية من 1963 الى 1978، ناقش في تلك الفترة مع ثلاثة من اللاهوتيين إمكانية استقالة البابا. ولم ير هؤلاء أي عائق في الحق القانوني، لكنهم شددوا على quot;الارباك الذي يمكن أن تتسبب به الاستقالة للبابا الجديدquot;.
واعتبر برونو بارتولوني quot;كل شيء رهن بشخصية خلف بنديكتوس السادس عشر، quot;اذا ما اراد تغيير بعض الامور المتعلقة على سبيل المثال بالمناولة الممكنة للزوجين المطلقينquot;.
عزلة موقتة
ولتبرير المكان الذي اختاره بنديكتوس السادس عشر لتقاعده، لم يطرح اي منهم أسبابا صحية، إذ أعلن البابا شخصيا استقالته بسبب ضعفه الجسدي. لكنهم طرحوا بالتالي أسبابا لوجستية.
ويقول بوليتي مازحا quot;اذا ما استقر في بافاريا (مسقط رأسه)، ستسارع وسائل الاعلام الى اجتياح الدير وإجراء مقابلات مع الراهبات وحتى مع القصابquot;.
وعلى غرار خبراء آخرين وكرادلة، لا يستبعد المونسنيور رينو فيسيشيلا، رئيس المجلس الحبري للتبشير الجديد، ان تكون عزلة البابا داخل أسوار اصغر دولة في العالم الا موقتة.
ومع ذلك، سينجم عن هذا الاختلاط الجغرافي مع خلفه تأثير نفسي. وقال الاب لومباردي quot;من خلال إقامته هنا، سيقيم البابا شراكة روحية مع خلفهquot;، لكنه استبعد ان يستمر البابا السابق في إدارة الامور من وراء الستار.
إلا أن الدور الذي سيضطلع به السكرتير الشخصي لبنديكتوس السادس عشر، يورغ غانسفين، سيتسم بأهمية استثنائية. فهو سيقيم معه في الدير داخل الفاتيكان وسيستمر في القيام بمهمته مديرا للمنزل الحبري حيث اختير منذ كانون الاول (ديسمبر).
ويقول ماريو بوليتي ان في الامر quot;تضارب وظائفquot;، لأن quot;رئيس البروتوكول يعرف كل المحادثات السريةquot; التي يجريها البابا.
لذلك quot;من الغريب ان يكون ايضا سكرتير البابا السابقquot;، كما يقول هذا الخبير في الشؤون الفاتيكانية الذي يعتبر ان هذا الوضع quot;يجب الا يستمر سوى فترة وجيزةquot;. وبعد ذلك، يتعين على quot;جورجيو الجميلquot; (كما يسميه الايطاليون بسبب وسامته)، ان يختار بين البابا السابق او البابا الجديد.
التعليقات