ربما أتت المساعدات، التي قررت الولايات المتحدة تقديمها للثوار السوريين، متإخرة أو حتى بعد فوات الأوان، كما تخلو من أي دعم عسكري فعّال من شأنه قلب موازين القوى لصالح الثوار.


بيروت: قرار الولايات المتحدة منح المساعدات المباشرة للثوار في سوريا (من دون الأسلحة حتى الآن) أتى متأخراً قليلاً، وفقاً لبعض الخبراء الذين يعتقدون أنه من غير المرجح أن يسرع في إسقاط الرئيس بشار الأسد أو يعزز نفوذ الولايات المتحدة في التوصل إلى حلّ للصراع.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري قبل حضور مؤتمر يوم الخميس مع المعارضة السورية إن الولايات المتحدة ستعتمد أسلوباً جديداً وتغير استراتيجيتها تجاه الثورة السورية، بهدف الضغط على الأسد حتى quot;يغير حساباتهquot; والإسراع إلى تسوية سياسية للحرب الأهلية المدمرة.
لكن إعلان كيري عن أن الولايات المتحدة ستزود الثوار مباشرة بمساعدات quot;غير قاتلةquot; لم يقنع أحداً، فمساهمة الولايات المتحدة تبلغ نحو 60 مليون دولار لمساعدة الفصائل الموالية للغرب بين المعارضين للأسد وتقديم الخدمات للمدنيين الذين يعيشون في مناطق سوريا quot;المحررةquot;، ومبلغ غير محدد للأغذية والإمدادات الطبية للمقاتلين.
بعد الإعلان عن المساعدات quot;غير القاتلةquot;، خاب أمل المعارضة، التي اعتقدت أنها ستحصل أخيراً على الأسلحة الثقيلة لتي تمكنها من قلب موازين المعركة ضد القوات الحكومية، فلم يحصلوا سوى على نظارات للرؤية الليلية وغيرها من المعدات.
المساعدات لم تقدم الكثير
ويعتقد خبراء عسكريون ان هذه المساعدات لم تقدم الكثير للثوار، وأنها من غير المرجح أن تفعل الكثير لإسقاط الأسد أو عكس تأثير الغرب الذي تراجع بسبب الصراع أو ضمان موقعها في سوريا بعد الثورة.
quot;الولايات المتحدة تدخلت بعد فوات الأوان. ما تقدمه لن يفعل الكثير لوقف الحرب الأهلية التي ستدوم طويلاً في البلادquot;، يقول عبد السلام المغراوي، وهو متخصص في سياسة الشرق الأوسط، في جامعة ديوك في دورهام في ولاية نورث كارولاينا.
وأضاف: quot;لست متأكداً من أن هذا القرار سيغير موقف النظام الذي يعمل بطريقة أشبه بميليشيا كبيرة بين العديد من الميليشيات المتحاربة بدلاً من أن يعمل كحكومة وطنيةquot;.
هاجس الجماعات المتطرفة
لأكثر من عام، رفض الرئيس أوباما المطالب بتسليح الثوار، خوفاً من أن تصل الأسلحة إلى أيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة المرتبطة بالقاعدة . لكن الولايات المتحدة تواجه الآن مخاوف أكبر، فهذه الجماعات المتطرفة تملك اسلحة ثقيلة وهي الاقوى والأكثر قدرة على محاربة الأسد، تعمل على كسب التأييد الشعبي في سوريا من خلال توفير الأمن والخدمات.
هذا القلق هو ما دفع الولايات المتحدة لبدء العمل مباشرة لتمويل المعارضة السياسية، وفتحت باباً موارباً لمساعدة المعارضة المسلحة.
وقال كيري إن المسار الجديد من المساعدات الأميركية يعكس فهم أوباما لـ quot;المخاطر الكبيرةquot; في سوريا، والحاجة إلى تقديم المزيد من الدعم للقوات المقاتلة من أجل ضمان الديمقراطية والتعددية في البلاد.
سوريا الديمقراطية أفضل
ونقلت الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية، قوله إن التمويل الأميركي الجديد لتحالف المعارضة في سوريا quot;مشروع نموذجي من شأنه أن يظهر للمدنيين أن سوريا ستكون أفضل في إطار الحكم الديمقراطيquot;.
وأقر مسؤولون أميركيون إن هدف المساعدات الجديدة ليس فقط إضعاف الأسد، بل أيضاً الحد من تأثير الجماعات الإسلامية الراديكالية التي تحظى بالدعم الشعبي من خلال توفير الغذاء والخدمات.
وأشار كيري إلى أن جهود الولايات المتحدة هي جزء من الجهود الغربية الموسعة، quot;فما أعلن عنه الرئيس هو جزء من كل. أنا واثق جداً من أن هذه الخطوات ستؤثر في الأسد وتعمل على تحقيق بداية أفضل لمستقبل سوريا، وتقدم له خيارات أفضلquot;.
هذا quot;الكلquot; الذي يتحدث عنه وزير الخارجية الأميركي يشمل جهودا فرنسية وبريطانية، من أجل تخفيف قرار حظر الاتحاد الأوروبي للأسلحة على سوريا مع تقديم حزم خاصة من المساعدات العسكرية غير القاتلة للثوار التي يمكن أن تشمل لوازم كانت تأمل المعارضة في الحصول عليها من الولايات المتحدة، مثل السترات الواقية من الرصاص، ومركبات مدرعة ومعدات للرؤية الليلية.
لكن ما تعتبره الولايات المتحدة quot;خطوة كبيرة إلى القمةquot; من الدعم الدولي للديمقراطية في سوريا، من غير المرجح أن يساعد المعارضة بشكل ملحوظ، ولن يغير الكثير سواء من حيث احتمالات بقاء الأسد أو أي نظام حكم سيظهر في سوريا ما أن يسقط الأسد، وفقاً لما يقوله المحللون.
الولايات المتحدة والغرب فقدت فرصتها في بداية الانتفاضة ضد الاسد للمساعدة في تحقيق حكومة سورية علمانية، يقول الدكتور المغراوي من جامعة ديوك، مشيراً إلى أن quot;أفضل ما يمكن أن نأمل به في الوقت الراهن هو نموذج شبيه بمصر تحت حكم الإخوان المسلمينquot;.