أنهى رئيس الوزراء المصري، هشام قنديل، زيارة إلى بغداد استمرت يومين، وغادر عصر اليوم عائدًا الى بلاده بالإعلان عن تزويد العراق لها بأربعة ملايين برميل من النفط شهريًا، وتشكيل مجلس أعمال مشترك وتسوية الديون بينهما، وتوقيع مذكرة تفاهم حول المهن والسجناء وتأشيرات الدخول لمواطني البلدين ومد انبوب نفط عراقي إلى مصر عبر الأردن.

أعلن في بغداد اليوم أن العراق وافق على إمداد مصر بأربعة ملايين برميل من النفط شهريًا حيث تم الاتفاق على أن يقوم الجانب العراقي ببيع نفط خام إلى مصر بمقدار أربعة ملايين برميل شهريًا، ودراسة طلب بمد خط انابيب عراقي إلى الأردن فمصرعبر مضيق العقبة تبلغ كلفته 18 مليون دولار.
كما وقع وزيرالهجرة والمهجرين العراقي ديندار دوسكي مع وزير القوى العاملة والهجرة المصري خالد الأزهري على مذكرة تفاهم تتعلق بالعراقيين المهاجرين والمسجونين في مصر وتسهيل منح تأشيرات الدخول لمواطني البلدين وحل مشكلة أجور العمالة المصرية المترتبة على الحكومة العراقية والمعروفة باسم quot;الحوالات الصفراءquot; والمترتبة على العراق منذ زمن النظام السابق والتي لم يستطع دفعها انذاك بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليه إثر غزوه الكويت عام 1990.
وتقضي المذكرة بالسماح للأطباء والمهندسين وأصحاب المهن من العراقيين بممارسة مهنهم في مصر وفق الإجراءات المصرية ومعاملة طلبة المدارس من ابناء الجالية العراقية معاملة الطلاب المصريين والمرضى المصابين بأمراض مستعصية اسوةً بالمواطنين المصريين في المستشفيات الحكومية المصرية. ونصت على تسهيل وتبسيط إجراءات تجديد الإقامة لأبناء الجالية العراقية في مصر وتخفيض رسوم التجديد وتسهيل اجراءات منح سمات الدخول لمواطني البلدين ومعالجة المشاكل المترتبة على حالات الزيجات المشتركة. وبموجب المذكرة فان مصر ستزود العراق بأعداد المسجونين في مصر وامكانية تبادل السجناء في كلا البلدين.
تشكيل مجلس اعمال مصري عراقي مشترك
واتفق العراق ومصر على تشكيل مجلس أعمال مشترك في مجال الإعمار والبناء والصناعات المختلفة. واعلن قنديل خلال اجتماع اليوم مع صالح المطلك نائب رئيس الوزراء العراقي عن اتفاق لتشكيل مجلس أعمال مصري عراقي سعياً لتحديد منطقة صناعية مشتركة في مجال الإعمار والبناء والصناعات المختلفة وتوفير العمالة المدربة. وقال quot;كانت لنا عدة اجتماعات اليوم مع الجالية المصرية في العراق ومع رجال الأعمال العراقيين والمصريين إضافة الى لقائنا مع نائب رئيس الوزراء صالح المطلك والوزراء واتفقنا على جملة من القضايا المتعلقة بتعزيز العلاقات الاستثمارية بين البلدينquot;.
جاء ذلك اثر اجتماع مشترك لوفدين مصري وعراقي تم خلاله بحث تعزيز العلاقات بين القاهرة وبغداد في مجالات الاستثمار والخدمات والكهرباء وإمكانية إسهام الشركات المصرية في مشروع بناء ميناء الفاو الكبير. كما تناول البحث تسهيل حركة النقل والطيران بين البلدين وإنشاء عدد من المجمعات السكنية والطرق بخبرات مصرية إضافة الى تفعيل مذكرة التفاهم في مجال الدراسات البيئية وتجنب الأضرار التي يمكن أن تخلفها شركات البناء العملاقة.
قنديل التقى الحكيم والجعفري
وقد بحث قنديل قبيل انتهاء زيارته للعراق اليوم مع رئيس المجلس الأعلى الاسلامي العراقي، عمار الحكيم، ورئيس التحالف الوطني، إبراهيم الجعفري، العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها.
وشدد الحكيم على ضرورة إزالة الاحتقانات المذهبية والطائفية التي تشهدها المنطقة ودعا شيخ الأزهر إلى زيارة العراق ولقاء المرجعيات الدينية في النجف واصفا العلاقات بين العراق ومصر وبين الشعبين المصري والعراقي بالتاريخية.
ودعا إلى تذليل العقبات الإدارية أمام العراقيين لدخول مصر، مؤكدا ضرورة إيجاد التسهيلات الإدارية التي تديم التواصل في المجال الاقتصادي لافتا إلى أن مصر والعراق لكل منهما فرصه وموارده ما يتطلب تبادل الأدوار وتكاملها وصولا إلى خدمة استقرار المنطقة. وقال ان الاحتقان المذهبي والديني الذي تشهده المنطقة يتبع لأجندات سياسية والشعوب العربية عاشت متحابة ومتراصة في ما بينها على اختلاف مذاهبها وأديانها، مشددا على ضرورة إرواء النفوس وإزالة هذه الاحتقانات، عادا العراق ومصر مؤهلين إلى رسم مسار صحيح لإشاعة المحبة والسلام في المنطقة. واضاف أن العراق عانى كثيرا همومه الداخلية وآن الأوان إلى أن يستعيد العراق دوره الريادي، مشيرا إلى أن مصر في طليعة الدول التي يمكن التعامل معهاquot;.
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء المصري إن quot; شعبي العراق ومصر يمثلان أقدم الحضارات في العالم وتربطهما اللغة والدين والعلاقات الطيبة التي ستوصل الشعوب في البلدين إلى ما تستحقهquot; مؤكدا أن quot;ما يحدث اليوم في مصر والمنطقة مخاض عسير لشيء عظيم وما تمر به مصر اليوم شيء غير مسبوقquot;.
وأشار إلى أن quot;تطور العلاقات الاقتصادية يساعد على ديمومة العلاقات بين البلدينquot; مشددا على ان تطوير العلاقات مع العراق ليس موجها ضد أحد وإنما مصر تطور علاقاتها مع الآخرين بما يضمن مصالح الجميع، موضحا أن التعاون بين العراق ومصر يعطي وزنا للعمل العربي ويصب في مصلحة الدول العربية.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك في بغداد امس مع هشام قنديل عقب مباحثات مستفيضة بينهما، أعلن المالكي انه تم الاتفاق على تفعيل الارادة السياسية بين البلدين من اجل تطوير علاقاتهما الثنائية وتنفيذ الاتفاقات الموقعة في مجالات الطاقة والاعمار والكهرباء والنفط ومساهمة الشركات المصرية في اعمار العراق مؤكدا ان السوق العراقية مفتوحة امام الشركات ورجال الاعمال في مصر. وقال ان اتفاقا تم على مد أنبوب نفط من العراق الى مصر عبر الاردن وميناء العقبة من أجل تكرير النفط العراقي. واضاف انه تم الاتفاق ايضا على عودة العمالة المصرية الى العراق وقال quot;ننتظر الشركات المصرية للمساهمة في بناء ملايين الوحدات السكنية وعشرات الآلاف من المدارس والجسور والشوارعquot;.
ومن جهته، أشار قنديل إلى أن العراق ومصر مصممان على بناء علاقات اقتصادية متينة مدعومة برغبة سياسية مشتركة تنسق في جميع المجالات. وشدد على ان بلاده عازمة على العودة بقوة الى محيطها العربي سياسيا واقتصاديا مبتدئة بالتعاون مع العراق في مجالات النفط والاعمار والكهرباء والتجارة والسياحة والموانئ والصرف الصحي.
وقال ان المالكي اكد له أن السوق العراقية مفتوحة امام الشركات ورجال الاعمال والقطاع الخاص المصري وهناك تسهيلات عراقية في هذا المجال تتضمن منح تأشيرات مسهلة لدول العمالة ورجال الأعمال المصريين إلى العراق.
وتركزت مباحثات قنديل مع محاوريه العراقيين على الجانب الاقتصادي ودراسة مشاركة مصر في عدد من مشروعات الإعمار الكبرى في العراق وعودة العمالة المصرية خاصة وان الاقتصاد المصري يواجه صعوبات كبيرة بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد.
وكان العراق يستضيف خلال عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حوالى المليوني مصري يعملون في مختلف القطاعات العراقية لكنهم رحلوا عن البلاد اثر غزو الرئيس السابق صدام حسين للكويت صيف عام 1990 وما نتج منه من عقوبات دولية صارمة ضد العراق اصابت اقتصاده بأضرار فادحة وهبطت بقيمة عملته المحلية بشكل كبير.