إنها حرب جهادية بالفعل، لكن أسلحتها غير تقليدية، إذ تدور معاركها على المساحات الإعلانية على جانبي الباصات لتفسير المعنى الحقيقي quot;للجهادquot; فيما تتنازع أطراف عدة لإثبات كل منها صحة تفسيره.

بيروت: ظهرت لوحات إعلانية على جانبي الحافلات في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة، صممها الفرع المحلي لجماعة الدعوة الإسلامية الوطنية، ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، تهدف إلى تعزيز معنى غير عنيف لكلمة quot;الجهادquot; وكيف تطبق في الحياة اليومية من دون أن تعني التسبب بالأذى للنفس والآخرين.
ويقول أنصار هذه الحملة إن الجهاد هو مفهوم روحي تتم إساءة استخدامه من قبل المتطرفين الذين يقومون بربطه بالإرهاب، ولذلك هم مصممون على استعادة هذا التعريف من خلال الحملة الإعلانية التي تحمل عنوان quot;جهاديquot; My Jihad.
وبدأت الحملة بشراء إعلانات على باصات عامة في مدينة شيكاغو تعرض نضالات شخصية لأناس مسلمين وغير مسلمين. وتقول إحدى هذه الإعلانات quot;جهادي هو أن أبني صداقات مع جميع الأطراف، فما هو جهادك؟quot; بينما تظهر امراة محجبة في إعلان آخر وهي ترفع الأثقال وتقول: quot;جهادي هو أن أحافظ على لياقتي البدنية على الرغم من التزاماتي المهنية الكثيرةquot;.
لكن في الشهر الماضي، ظهرت مجموعة أخرى من الإعلانات، إنما برسالة مختلفة وبعيدة. وعلى الرغم من انها اتعمدت الأسلوب ذاته لحملة quot;جهاديquot; إلا أنها اقتسبت أقوال من شخصيات مثل اسامة بن لادن وفيصل شاه زاد الذي حاول تفجير سيارة ملغومة في ساحة التايمز في عام 2010.
وتقول إحدى الإعلانات: quot;قتل اليهود هو العبادة التي تجعلنا أقرب إلى اللهquot;، في اقتباس لمحطة تلفزيون حماس، ثم تختم: quot;هذا هو جهاده. ما هو جهادك؟quot;
المسؤولة عن هذه quot;الحملة للمضادةquot; هي باميلا غيلر، المديرة التنفيذية لمؤسسة quot;مبادرة الدفاع عن الحرية الأميركيةquot; المؤيدة لإسرائيل، التي اشترت مساحات للإعلانات في وسائل المواصلات في سان فرانسيسكو وشيكاغو وواشنطن العاصمة وفورت لودرديل في فلوريدا لمحاربة حملة quot;جهاديquot; التي تعتبرها محاولة لتبييض صفحة الجهاد وتبرير الهجمات العنيفة في جميع أنحاء العالم.
وقالت غيلر: quot;حقيقة أن بعض المسلمين لا يربطون الجهاد بالعنف لا يلغي أن كثيرين غيرهم يفعلون ذلك. سوف أحارب هذه الحملة حتى الرمق الأخير لأنها تحاول أن تخدع الشعب الأميركيquot;.
بدأ هذا الجدال في العام الماضي عندما نشرت منظمة غيلر إعلاناً مؤيداً لإسرائيل في مترو الأنفاق بنيويورك يستخدم كلمة quot;وحوشquot; لوصف خصوم إسرائيل مما أثار موجة من الغضب في المجتمعات المسلمة.
وعلى الرغم من أن شركة quot;متروبوليتانquot; للنقل رفضت نشر هذه الإعلانات في محطة المترو انطلاقاً من سياستها ضد استخدام اللغة quot;المهينةquot;، نفض قاض اتحادي قرار الشركة وتم نشر الإعلانات.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، عُرضت في محطات المترو في مدينة نيويورك إعلانات تقول :في أي حرب بين الإنسان المتحضر والهمجي، ادعم الإنسان المتحضر. ادعم إسرائيل. اهزم الجهادquot;.
وتعتبر غيلر إن حملتها هي محاولة لاظهار quot;حقيقة الجهاد والأسباب الجذرية للإرهاب من كلام الجهاديين أنفسهمquot;. وتعبّر عن شكوكها تجاه مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، الذي كان هدفاً للتدقيق من قبل الجمهوريين في الكونغرس.
وعلى الرغم من هذه الشكوك، يصر المجلس بأن حملة quot;جهاديquot; غير ربحية وتعتمد على جمع الأموال والمتطوعين وليست لديها أية أهداف سياسية بل تدعو إلى نهج غير عنيف من خلال ممارسة الجهاد في الحياة اليومية.
والمثير في هذه المعركة هو ان حملة غيلر تلقى انتقاداَ شديداً من عدة جهات، فيقول لوني ناساتير، المدير الإقليمي لرابطة مكافحة التشهير إن هذه الحملة المضادة تحمل quot;رسالة متعصبة، وتسعى لتأجيج الصراع القائم حالياً بين جميع المجتمعات المختلفةquot;.
من جهتها، قالت هايدي بيريش التي تتابع حملات الكراهية، إن دوافع غيلر quot;مسيئة وتحمل دوافع كراهية لجميع المسلمينquot; منذ أن أسست مدونتها في العام 2009، مشيرة إلى أن غيلرquot;ترفض فكرة أن المسلمين الأميركيين يمكن أن يكون لهم تفسيرات مختلفة لمبادئ دينهمquot;
لكن غيلر، التي عملت على زيادة عدد الإعلانات في واشنطن هذا الأسبوع، ومن المقرر أن تنشرها ايضاً على الحافلات في سان فرانسيسكو يوم الاثنين، قالت انها على استعداد لشراء المزيد من مساحات الإعلان في مختلف أنحاء البلاد إذا شعرت بضرورة هذه الخطوة، مشددة على أنه ليس لديها نية للتراجع في أي وقت قريب.
وقالت غيلر: quot;طالما أن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية مستمر في حملته، أنا سأستمر في حملتي لفترة أطولquot;.