بيروت: في سوريا يحمل المقاتلون المعارضون والاسلاميون المتطرفون السلاح جنبا الى جنبا ضد قوات نظام الرئيس بشار الاسد، لكن المعارضة السورية في الخارج تخشى كما الولايات المتحدة، القوة المتنامية للجهاديين الذين باتوا حاضرين على كل الجبهات تقريبا.

وقد تبنت quot;جبهة النصرةquot; الاسلامية المتطرفة التي لم تكن معروفة قبل انطلاق الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظام الاسد منتصف آذار/مارس 2011، غالبية الهجمات التي تركزت على مقار عسكرية وحكومية. وبات الجهاديون القوة الاولى بين المقاتلين المعارضين في شمال البلاد بفضل تمويل من دول الخليج، بحسب ما يقول الناشطون.

ويقول العقيد عبد الجبار العكيدي، رئيس المجلس العسكري للجيش السوري الحر في حلب التي تشهد معارك يومية منذ ثلاثة اشهر، لوكالة فرانس برس quot;نقاتل معا على الجبهة، حضورهم لا يمثل بالنسبة لنا اي مشكلةquot;. ويقر بأن مقاتلي هذه الجبهة quot;هم اكثر ميلا الى الاستشهاد من المقاتلين الآخرينquot;.

ويؤكد مقاتل من حلب عرف عن نفسه باسم quot;عدنانquot; لفرانس برس، ان المقاتلين المعارضين يتركون عناصر جبهة النصرة يقاتلون على الخطوط الامامية، فهم quot;يريدون الموت شهداء، ونتركهم يعبرون امامنا. يساعدوننا كثيراquot;. وقال عدد من قادة المقاتلين المعارضين إنهم سيطلبون من الجهاديين الاجانب مغادرة سوريا ما ان تنتهي الثورة.

من جهته، اعاد رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا زيادة التطرف الاسلامي في سوريا الى نقص في الدعم الدولي، ردا على دعوة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون المعارضة الى ان quot;تقاوم بشكل اقوى محاولات المتطرفين لتحويل مسار الثورةquot;.

وبحسب ناشط في حماة (وسط) قدم نفسه باسم quot;أبو غازيquot;، تبدو التصريحات الاميركية quot;منافقةquot; لان quot;مجموعات مماثلة ثبتت وجودها بسبب هيلاري كلينتونquot;. واعتبر ان تزايد التطرف الاسلامي quot;هو انعكاس لغباء السياسة الاميركية ونفاقهاquot;.

ويقول هذا الشاب الذي يقول انه ينشط من اجل اقامة دولة عادلة في سوريا quot;حتى لو انني لا اتشارك الافكار نفسها مع المقاتلين المتطرفين، لا يمكنني سوى ان اقبل بوجودهم. السوريون يطالبون بالمساعدة منذ اشهر ولم يتجاوب معهم احد، سوى هؤلاءquot; المقاتلين.

واكد عدد من الناشطين لفرانس برس انهم حذروا مرارا منذ اشهر من وصول الجهاديين quot;اليوم، كل هذا يتحقق ويشرعن خطاب النظامquot;.

وقد اوردت صحيفة quot;الوطنquot; السورية القريبة من النظام في عددها الصادر الخميس ان quot;في حلب تتزايد البراهين إلى تنامي نفوذ مقاتلي القاعدة بين صفوف المسلحين لدرجة أن بعض أذرعها مثل +جبهة النصرة+ بات يقود ألوية الكتائب المنضوية تحت ما يسمى المجلس العسكري الثوري في حلبquot;.

واشارت الصحيفة الى ان quot;جبهة النصرةquot; تؤدي quot;دورا محوريا في إدارة غرفة العمليات ودفة الغارات العسكرية وفرض أجندتها وشروطها على بقية المقاتلين إضافة إلى محاسبتها عناصر الألوية وتصفية كل من يريد إلقاء السلاح أو الانشقاق عنهمquot;.

وفي شرق حلب، اندلعت مواجهات بين هؤلاء المتطرفين والمقاتلين المعارضين الذين بات عدد منهم يخشى أولئك الجهاديين الذين، وعلى عكس الآخرين، لا ينقطعون من الذخيرة ولا يهابون الموت، واكتسبوا خبرتهم في ميادين قتال اخرى.

لكن العديد من السوريين انتقدوا الجبهة لشنها هجمات على اهداف مدنية. ويقول ناشط فضل عدم الكشف عن اسمه quot;في بعض الاشرطة المصورة، يكيلون المديح للملا عمر (زعيم حركة طالبان الاسلامية الافغانية) واسامة بن لادن، داعين الى ذبح العلويينquot; وهي الاقلية الدينية التي ينتمي اليها الرئيس الاسد.

ويرى المحللون ان الكثير من الظلال يحوم حول استراتيجية quot;جبهة النصرةquot; التي تؤدي اعمالها الى اضعاف المعارضة المسلحة وانقسامها.

وينقل فرنسوا بورغا، مدير المعهد الفرنسي للشرق الادنى والخبير في شؤون الحركات الاسلامية، عن ابو بصير الطرطوسي، احد قادة الحركة الجهادية الذي انضم الى الجيش السوري الحر، اتهامه الجبهة بانها quot;تعتمد، وفي شكل دوري، خطابا طائفيا وغير منتج بالنسبة لكل حلفاء المعارضة السورية (ومن بينهم تركيا)quot;.

كذلك يتهم عدد من المراقبين اجهزة المخابرات السورية بالوقوف خلف اطلاق الجبهة التي لا يمكن التعرف الى اي من قادتها حتى تاريخه، وذلك بغرض شرعنة خطاب النظام القائل انه يخوض مواجهة ضد quot;الارهابيينquot;. ويعتبر بورغا ان quot;احدى النظريات ذات الصدقية في الوقت الراهن هي ان الدمية التي اخترعها النظام، خرجت عن سيطرته نتيجة خلاف داخليquot;.

لكن ثمة فارق بسيط يتحدث عنه ابو عدي، الناشط في منطقة دمشق، اذ يشير الى ان الجهاديين لا يحتفظون بالمراكز، بل يهاجمون ثم ينسحبون، على ان يتولى المقاتلون المعارضون في وقت لاحق اقامة الحواجز والحفاظ على الارض. يضيف ابو عدي quot;ليس الجهاديون من يسرقون الثورة، بل السياسيون الذين يتحدثون باسمنا من دون ان يكونوا قد قدموا تضحية واحدة من اجل سورياquot;.