لا يرى مقاتلو المعارضة السورية في دير الزور أن امامهم الكثير من الخيارات للتعامل معها، فهم مصممون على مواصلة ثورتهم حتى إسقاط نظام بشار الأسد أو الموت.


دير الزور: يبدو المقاتل المعارض محمد، المتمركز على سطح احد المباني وسط مدينة دير الزور في شرق سوريا، مصممًا على اسقاط الرئيس بشار الاسد، شأنه شأن الآلاف من رفاق السلاح الذين يواجهون خياري quot;الموت أو النصرquot;.
ويقول محمد لوكالة فرانس برس: quot;النهاية تنتظر بشار الاسد. قبل ذلك، لن يكون ثمة سلام أو هدنةquot;.
وبعد عامين على انطلاق نزاع اودى بحياة نحو 70 الف شخص، ما زال محمد quot;مندفعًا وعازمًا على متابعة النضالquot;.
يعتبرهذا الرجل الملتحي المنتمي الى quot;كتيبة المصطفىquot; الاسلامية أن السلاح quot;بات الحل الوحيد والقابل للتطبيق لوضع حد للحربquot;. يضيف quot;لن نحاور بشار الاسد، سنقاتل حتى النصر، حتى الرمق الاخيرquot;.
بعد عشرة اشهر من المعارك، تحولت دير الزور الى مدينة اشباح لا يقطنها سوى بضعة آلاف، من اصل نحو 750 الف نسمة كانوا يقيمون في هذه المدينة التي ما زالت غالبية احيائها تحت سيطرة القوات النظامية.
من جهتهم، يسيطر مقاتلو المعارضة على اجزاء واسعة من المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، وكانت مركزًا مهمًا لانتاج النفط قبل بدء النزاع السوري منتصف آذار/مارس 2011.
وتبدو آثار الخراب الناتج عن النزاع ماثلة للعيان وسط هذه المدينة، من المباني التي اخترقها الرصاص، الى الشقق المهجورة والشوارع المغطاة بالانقاض.
ويشرح محمد أن quot;الكثير من الدماء اريقت هنا. لا يمكننا أن نستسلم الآن ونحن قريبون من النصر النهائيquot;، الذي يطمح أن يجعل من سوريا دولة ذات طبيعة اسلامية quot;معتدلةquot; وفق النموذج التركي.
وشهد حي الحويقة في دير الزور على ضفة نهر الفرات، اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، ولا سيما منهم المنتمين الى quot;كتيبة صقور علي بن ابي طالبquot;.
ويقول ابو حسين وهو يجلس امام نار للتدفئة مع خمسة من رفاقه في الكتيبة quot;لم نتعب من القتال، نحن مدفوعون بالثأرquot;. ويضيف لدى وقوفه لتقديم الشاي quot;نحمل معنا قوة كل من استشهدوا خلال العامين الماضيينquot;.
ويؤكد هذا المقاتل أنه امام خيارين لا ثالث لهما quot;النصر أو الموتquot;، قبل أن يتابع quot;اذا كانت مقاتلة نظام يقتل النساء والاطفال تجعل منا ارهابيين، فنحن فخورون بأن نكون ارهابيينquot;.
ويستخدم النظام السوري عبارة quot;المجموعات الارهابية المسلحةquot; للاشارة الى المقاتلين المعارضين، متهمًا اياهم بتلقي دعم لوجستي ومالي من دول اقليمية وغربية.
ومن بين المجموعات المقاتلة المعارضة للنظام، ثمة العديد من الجماعات ذات التوجه الاسلامي التي باتت تكتسب دورًا اكبر على الارض، وابرزها quot;جبهة النصرةquot; الاسلامية التي ادرجتها الولايات المتحدة على لائحتها للمنظمات الارهابية.
وتستخدم الدول الغربية المؤيدة للمعارضة السورية ذريعة التخوف من وصول الاسلحة الى المجموعات الاسلامية، للاحجام عن ارسال السلاح الى مقاتلي المعارضة، وهو ما يطالبون به في شكل دائم لمواجهة القوة النارية الضخمة للقوات النظامية السورية.
ويعتبر ابو حسن المنتمي الى جبهة النصرة، أن quot;نهاية الاسد ستكون اسوأ من (معمر) القذافيquot;، في اشارة الى الزعيم الليبي الذي قتل في تشرين الاول/اكتوبر 2011 بعد quot;ثورةquot; بدأت بانتفاضة شعبية وتحولت مواجهة مسلحة.
ويقول إن quot;الاسد جبان، سينتهي به الامر بالهرب من سوريا قبل نهاية الحربquot;. يضيف: quot;لا يمكننا أن نكون متعبين لأننا نخوض الجهاد. الاستشهاد اثناء القتال فخر وشرفquot;.
في حي المطار القديم، وهو احدى النقاط الاكثر سخونة في دير الزور، يبدي ابو سلام الذي يقود كتيبة quot;احفاد محمدquot;، التصميم نفسه quot;طالما لم يسقط النظام، لن نتخلى عن السلاحquot;.
ويعتبر أن القوات النظامية باتت مستنزفة بعد عامين من قتال دامٍ. ويقول quot;كل يوم، ينشق العديد من الجنود لأنهم تعبوا من القتال. امضى بعضهم 17 شهرًا في ثكناتهم من دون أن يتمكنوا من التحدث الى عائلاتهمquot;.
لكن ابو سلام نفسه، وعلى الرغم من اصراره الظاهر، لا يخفي رغبته في العودة الى حياته الطبيعية. يقول: quot;ارغب بالعودة الى قيادة سيارة الاجرة ونسيان هذا الكابوسquot;.