للمرة الثالثة، الإخوان المسلمون في مرمى رئيس نادي الهلال السعودي الأمير عبدالرحمن بن مساعد، بدأ الأمر بسخرية quot;منقولةquot; تناول من خلالها الرئيس المصري محمد مرسي، وانتهت ليلة السبت بسلسلة تغريدات عن quot;الإخوان وربيعهمquot; في البلاد العربية.
الرياض: الأمير المتهم أحيانا من بعض جماهير ناديه بأنه مفرط ولا يعكس هيبة أكبر وأكثر الأندية السعودية شعبية، قدم بين يدي quot;خطابهquot; إعلان استقلال، وقال إن آراءه لا تمثل إلا نفسه، يريد كما يبدو أن ينأى بأسرته الحاكمة وناديه الشهير عن تجاذبات الخطاب واسقاطاته.
ورغم أن الأمير عبدالرحمن أراد جداً بمقدمة الاستقلال أن يفصل بين مكانته الاجتماعية والرياضية وبين رأيه الشخصي، إلا أن ذلك لم يكن ممكناً في مجتمعات لازال جزء مهم من حكمها على الأشخاص من خلال قبيلته أو أسرته أو منطقته أو طائفته، ويزداد الأمر بصورة كبيرة في المجال الرياضي و تجاذباته، ومعروف عن الوسط الكروي في المملكة أن الحق مع لون فريق الكاتب لا مع فكرته والعكس صحيح.
من يعرف الأمير عبدالرحمن quot;رياضياquot; سيستغرب حتماً هذا الخطاب، خصوصاً وأن شخصيته ومسيرته في النادي الأزرق تقول بأنه يسعى دائماً لأن يكون بعيداً عن التحزب والصدام، ومن يعرفه شاعراً يستشف من قصائده الكثيرة بأنه مفوه يعتمد كثيراً على الحجة والإقناع، أكثر من الصورة والخيال والرسم الفني، ولكنه بعيد عن السياسة وصراع التيارات، أما من يعرفه كله فلن يستغرب هذا الخطاب باعتباره رجلاً يتابع باهتمام الحراك الفكري في المملكة والمنطقة، وينعكس ذلك على طريقة تعاطيه مع الجماهير بمختلف ميولها والهلالية خصوصا.
الخطاب تسبب بردود فعل هائلة، تعكس شعبيته أولاً وهو الشاعر الشهير، ومن ثم شعبية ناديه الطاغية، وعلى الجانب الآخر هناك تياران يتربصان، أولهما هم المعنيون بالخطاب quot;الإخوانquot;، وثانيهما مناوئي ناديه من مختلف مشارب الرياضة السعودية.
وفي الجهة المقابلة، وقف حشد من مؤيديه على خطه بين اثنين، أحدهما يتفق معه في فكرة الخطاب جملة وتفصيلا، وثانيهما يتفق مع شخص رئيس الهلال قلبا وقالبا.
رئيس الهلال قال إن quot;فكرة الفوضى الخلاقة والتي بدأ تنفيذها منذ فترة وانتهت ب (الربيع العربي ) أدّت إلى وصول(الإخوان المسلمين ) إلى الحكم في عدد من دول الربيع، وأن أمريكا تضع لما يحقق مصالحها عناوين أخلاقية، والعنوان حالياً هو الديمقراطية وحقوق الإنسان و الأقليات ،وهذه العناوين بالصدفة ! أوصلت الإخوان للحكمquot;.
وتابع quot;الصفقة واضحة ومستمرة ولم تتوقف و سياسة سقوط أحجار الدومينو تباعاً تسير على قدمٍ وساق و من لا يرى ذلك فلديه مشكلة في الرؤية...والقائمة تطول، الإخوان في ثورات الربيع لم يبدؤوا التحرك بل ركبوا الموجة حين اشتدت، وانتهى الأمر إلى أنهم خطفوا الثورة من أصحابها وأقصوهم حين وصلوا للحكمquot;.
ثم يحاول الأمير عبدالرحمن أن يعيد ذاكرة من يقرأ خطابه quot;أين من بدأ الثورات وتحمل ثمنها، أين من تقدم الصفوف ؟ أين هم من المشهد وكيف انتهى الأمر بإقصائهم ووصول فصيل وحيد للحكم وهو (الإخوان)؟، وأردف quot;كتالوج الربيع الإخواني:- فساد ومشاكل متراكمة، فيس بوك وتويتر بلا سقف، استغلال مشاكل ملحة وفئات معينة، دعم مالي وإعلامي بلا حد من دول في المنطقةquot;.
ثم يواصل عرض الفكرة quot;الإخوان على مدى تاريخهم طلاب سلطة ويسعون للحكم، وليس في هذا مشكلة، المشكلة هي التشدق بالديمقراطية وهي عندهم وسيلة للوصول إلى حكمٍ سرمديquot;.
ويتساءل quot;هل أصبح الوضع أفضل بعد وصول الإخوان للحكم ؟وإذا كان هذا ربيعاً فما هو الخريف؟هل هناك مؤامرة لتقسيم الدول وإعادة رسم خريطتها؟quot; ثم يكشف شيئاً من توجهه السياسي قائلا quot;أنا مع الحكم الإسلامي ، ولكني لا أرى في وصول الإخوان المسلمين (تحديداً) للحكم أي خير، حكم المرشد لا يروقني في الإخوان وكذلك في إيران!quot;.
ويواصل الأمير quot;أي دولة عربية ترى نفسها بمنأى عن هذا المخطط البغيض والمتكرر بسذاجة ولا تحرك ساكناً عليها أن تقف في (الطابور)منتظرة مصيرها المرسوم من الآخرينquot;، ثم يختم مرحّبا quot;بردود فعل ميليشيات الإخوان المتغلغلة في كل مكان، ومن التقت أجندته معهم وأرحّب بشتائمهم فهذا ديدنهم مع كل من يختلف معهمquot;.
هذا الخطاب ربما أخذ قيمته كاملة من خلال قائله، لا من خلال فكرته، فالفكرة هي نفسها المعروفة عند متابعي الشأن السياسي من غير الإخوان، ويتفق معها أغلب المحللين السياسيين في المنطقة والعالم.
على المستوى السياسي، لا يعتبر خطاب الأمير منسجماً تماماً مع الموقف الرسمي السعودي من الإخوان وخصوصاً في مصر وتونس، فالمملكة ظلت تؤكد أنها تتعامل مع دول أيا كان من يمثلها، وحافظت على مستوى متقدم من العلاقة مع مصر مقارنة بدول كثيرة أخرى.
ولكن عيني الرضا والسخط التي تكاد تسيطر على تكوين الأفكار في المجتمع السعودي مارست هوايتها في تصنيف الفكرة بحسب قائلها، فهو أمير أولا، ويرأس الهلال ثانيا، وبالتالي فإن مواجهة الفكرة بمثلها غابت إلا قليلا، إذ قال بعضهم وماذا عن علاقات المملكة بأميركا، وكيف تحل للسعودية ماتعير الإخوان به؟، فكان جوابه الذي يبدو أن الأمير كان يهدف لجر مخالفيه إليه، فقال ببساطة، إن علاقة بلاده و أميركا معلنة منذ عقود، في وقت صار quot;العدو الأكبرquot; و quot;أحفاد القردة والخنازيرquot; مجرد عبارات مجتزأة ولا تعكس حقيقة موقفهم، في إشارات لتصريحات سابقة ولاحقة للرئيس المصري محمد مرسي وهجومه قبل الثورة على أميركا واليهود.
التعليقات