ترتفع وتيرة المناوشات في الجولان خلال الآونة الأخيرة، بما يشير إلى أن إسرائيل قد تُجبَر على القيام بإجراءات دفاعية حتى لا تنجر إلى الحرب الأهلية بسوريا، وهنا منبع المخاوف بالنسبة إلى الكثيرين.


بعد هدوء استمر على مدار 4 عقود، جاءت تلك القذائف السورية التي ضلت طريقها ووصلت الحدود الإسرائيلية السورية خلال فصل الخريف الماضي لتثير بعض المخاوف.
وبدأت تتطور الأمور خلال الأيام القليلة الماضية في مرتفعات الجولان بما يشير إلى أن إسرائيل قد تُجبَر على القيام بإجراءات دفاعية حتى لا تنجر إلى الحرب الأهلية بسوريا.
وبينما انضمت إسرائيل للقوى الإقليمية التي تطالب الرئيس الأسد بالرحيل، فإن القادة الأمنيين الإسرائيليين يؤكدون أن أكثر ما يقلقهم هو هؤلاء الثوار الجهاديون الذين يتجمّعون حالياً على الجانب السوري من حدود عام 1974 في ظل غياب القوات السورية.
وقد وقع هجومان منفصلان يومي السبت والأحد الماضيين من الجانب السوري للحدود، واستهدفا دوريات إسرائيلية في الجولان المحتلة. وأكد مسؤولون إسرائيليون أن الهجومين كانا متعمدين على ما يبدو، على عكس الحوادث السابقة التي وقعت منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وقد حظي الهجومان كذلك بتحذير قوي من جانب القائد الإسرائيلي المنوط بتولي الجانب الدفاعي عن الحدود الشمالية.
وأوردت في هذا الإطار صحيفة ذا جلوب آند ميل الكندية عن اللواء يائير جولان قوله إن هناك quot;نشاطاً مكثفاًquot; لمئات الجهاديين على الجانب السوري من الحدود، وأن القوات الإسرائيلية تعتقد أن هؤلاء المسلحين سيقومون بشن هجمات على إسرائيل من المنطقة.
ولمنع ذلك، تقوم القوات الإسرائيلية الآن ببناء سياج أمني جديد بطول الحدود وتُزيِد عدد قواتها في المنطقة. كما يفكرون في تطبيق فكرة قديمة للتكيف مع تلك الأوضاع الجديدة.
وأضاف اللواء جولان: quot;من التدابير التي لا يمكننا استبعادها بالتأكيد هو إنشاء منطقة عازلة دفاعية على الجانب الآخر من خط وقف إطلاق النار. وأتصور أنه سيتم إنشاء تلك المنطقة مع محاورين سوريين لديهم مصلحة في التعاون معنا في مواجهة باقي العناصر التي تهددهم أيضاًquot;.
وقارن جولان بين هذا التدبير الأمني وبين المنطقة العازلة التي تحافظ إسرائيل عليها منذ 15 عاماً في جنوب لبنان بمساعدة أنصار في الجيش الذي يطلق عليه جيش جنوب لبنان، الذي يتكون من أغلبية مسيحية ويشارك إسرائيل معارضتها لحزب الله.
ومضى يقول إنه يتعين على إسرائيل الإقدام على الخطوة نفسها في سوريا اليوم، وقتما تسنح الفرصة، بغية إنشاء منطقة عازلة مماثلة، وأنها لا يجب أن تكون مترددة بهذا الخصوص.
وأشارت الصحيفة في الإطار عينه كذلك إلى أن كثيرًا من الوحدات الإسرائيلية المتواجدة في الجولان قامت مؤخراً بتغيير طبيعة عملياتها التدريبية، بتقليل تركيزها على التحضر لمعارك الدبابات، مثلما كانوا يفعلون على مدار سنوات، وباتوا يركزون بشكل أكبر على مقاتلة القوات غير النظامية المزوّدة بأسلحة مضادة للدبابات.
وفي مؤتمر أقيم في هرتسليا الأسبوع الماضي، قال رئيس المخابرات العسكرية اللواء افيف كوتشافي إن القوات تتحضر لاحتمالية الدخول في مواجهة مع حزب الله في لبنان. وأن تلك التدريبات قد تنطبق على الوحدات الإسرائيلية التي تواجه جهاديين مسلحين من سوريا.
وعاود اللواء جولان ليقول quot;وعلينا أن نتحضر للسيناريو الذي قد تتسلل فيه القوات إلى داخل منطقة مرتفعات الجولان. وهناك منطق في هذا الأمر. فنحن نتقاتل فوق قطعة من الأرض لا يوجد توافق دولي بشأنها بخصوص تبعيتها لإسرائيلquot;.
وليس من قبيل الصدفة أن تأتي تلك المخاوف الإسرائيلية الجديدة في الوقت الذي بدأ يصل فيه الصراع السوري إلى الحدود مع لبنان والأردن. وقد سيطر يوم أمس ثوار سوريون على معبرين حدوديين مؤديين إلى الأردن على الجانب الآخر من الجولان، فيما تحدثت تقارير من إسرائيل عن أن إحدى الجماعات التابعة للقاعدة قد نجحت في فرض سيطرتها على المنطقة التي تقع غرب تلك المعابر الحدودية، حيث تلتقي الحدود الخاصة بكل من سوريا والأردن وإسرائيل، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية.
وختم اللواء جولان بقوله quot;رغم قوة هيئة القيادة الخاصة ببشار الأسد، إلا أن الرئيس السوري فقد حدوده بالفعل. والمقلق في الأمر الآن هو أن كل شيء مفتوح على مصراعيه. وهو ما يُصَعِّب عليه عزل الثوار الذين يتلقون بدورهم مساعدات خارجية ضخمة على صعيد القوات والذخائر. وهو ما يشكل خطراً بطبيعة الحال على إسرائيلquot;.