غزة: على مقاعد المعابر الأوروبية لم تعد حقائب السفر الفلسطينية تكتفي بالجلوس ولم تعد تأشيراتها تخجل من الكشف عن هويتها أمام ساحةٍ بدأت برودة جليدها في الذوبان تحت شمس الاختراق، وجهود الأهداف المتراكمة يوما بعد يوم في المرمى الأوروبي الذي لطالما تغنت إسرائيل بأنه quot;حارسها الأمينquot;.

وأحدث انتصار لهذا الحراك، تمثل مؤخراً في دعوة البرلمان الأوروبي لتشكيل لجنة تقصي حقائق لتقييم ظروف واعتقال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال في مقدمتهم النساء والأطفال.

وفي ترجمته لهذه اللغة الأوروبية الجديدة، قال المدير الإقليمي لمجلس العلاقات الأوروبية الفلسطينية رامي عبدو إن حالة التعاطف الشعبي الأوروبي مع إسرائيل شهدت انخفاضًا ملموسًا أتاح لمثل هذه الخطوات الكبيرة أن ترى النور.

وفي مقابلة مع مراسلة الأناضول، وصف عبدو هذا الحراك بـquot;الحقيقي، فإسرائيل الحليف الاستراتيجي لدول الغرب لم تكن تتلقى في السنوات القليلة الماضية سوى النقد الخجول وبيانات الشجب على عجل، أما الآن فثمة من لا ينام في أوروبا ليحمل الهمّ الفلسطيني في وقت ترتفع فيه أصوات المتضامنين إلى أعلى درجاتهاquot;.

ويريد مجلس العلاقات الأوربية الفلسطينية من هذا الحراك أن quot;يمضي بعيدًا نحو تشكيل لوبي مناصر للقضية الفلسطينيةquot;، وفقا لتأكيد عبدو الذي مضى قائلاً: quot;نحن في بداية الطريق لتشكيل هذا اللوبي فالمنظمات والمؤسسات العاملة لصالح الشعب الفلسطيني تنمو بشكل كبير وتعمل بمهنية عالية.. كما أننا اليوم أمام انفتاح وتفهم غير مسبوق لدّى الساسة الأوروبيينquot;.

ويعد مجلس العلاقات الأوروبية الفلسطينية مؤسسة مستقلة غير حكومية أنشأت قبل نحو عامين داخل القارة الأوروبية ويقع مقرها الرئيسي في بروكسل إضافة إلى مقرات أخرى في لندن وغزة، ويعمل المجلس في مجال الضغط السياسي في الساحة الأوروبية.

ومع إيمانه بأن الخطوات التضامنية الأوروبية quot;تنزل بردًا وسلامًا على قلوب الفلسطينيينquot; إلا أن عبدو رأى أن quot;الوجع الفلسطيني وحكايات الألم بمختلف فصولها هي من فرضت نفسها على الساحة الأوروبية، فالقرار الأخير ما كان ليكون لولا صمود ومعاناة الأسرى داخل السجون، هم بمعركة الأمعاء الخاوية يفاوضون على حقوقهم يضربون عن الطعام لنيل كرامتهمquot;.

وكان البرلمان الأوروبي قد أقرّ مؤخرًا إرسال بعثة تقصي حقائق لتقييم ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين، وفتح تحقيق فوري مستقل في ظروف وفاة الأسير عرفات جرادات والذي مات أواخر شهر فبراير/ شباط الماضي في سجن مجدو الإسرائيلي، ويتهم الفلسطينيون سلطات الاحتلال بقتله تحت التعذيب، فيما تقول الأخيرة إنه مات جراء أزمة قلبية.

ويرفض عبدو التقليل من الحراك الأوروبي ووصف البعض لما يجري بأنه :quot;زوبعة في فنجانquot; وبثقة يرد: quot;التدفق الأوروبي السياسي والدبلوماسي والشعبي لتلمس معاناة الشعب الفلسطيني بكل ألوانها نجح بترجمة التعاطف إلى العمل وطرح قرارات غير مسبوقة تدين الاحتلال وتكشف وجهه الحقيقي عندما نتحدث عن مقاطعة منتجات المستوطنات ومنع عدد من غلاة المستوطنين من دخول أوروبا.. كل هذا يدين إسرائيل ويحاصرهاquot;.

ويوم الجمعة الماضي توّج النشاط الأوروبي باعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف في دورته العادية الـ22 خمسة مشاريع قرارات لصالح دولة فلسطين، قدمتها بعثة المراقبة الدائمة لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف.

ووافق المجلس على مشروع القرار المتعلق بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بغالبية 46 صوتًا مقابل رفض الولايات المتحدة.

وعن قراءته للاعتذار الإسرائيلي الأخير لتركيا عن قتل نشطاء quot;أسطول الحريةquot;، رأى عبدو أن هذا الاعتذار يأتي في خانة الانتصار للسياسة الخارجية التركية فما قامت به إسرائيل معادلة سياسية جديدة لم تجرؤ سابقا على القيام بها.

واستدرك بالقول: quot;الدماء لا تكفيها الاعتذارات لكن يجب أن نكون واقعيين في تصنيف ما جرى، وأن نطالب الدبلوماسية التركية بمزيد من الخطوات لتتويج هذا الانتصار كتفعيل الجانب القضائي في جريمة قتل نشطاء quot;أسطول الحريةquot; وضمان رفع الحصار عن غزةquot;.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد قدّم اعتذاره لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن مقتل تسعة أتراك في الهجوم على أسطول الحرية الذي كان متجهًا إلى قطاع غزة في عام 2010 فيما أعلن عن إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.