يبدو أنعائلة الرئيس المصري السابق حسني مبارك تملك أرصدة مالية ومصالح في المملكة المتحدة غير مجمدة حتى الآن، وتلتزم حكومةلندنالصمت بهذا الشأن، في حين يؤكد ناشطون أن لبريطانيا صيتًا سيئًا في تجميد أموال الحكام الاستبداديين.


لندن: كشف أكبر بنك استثماري في مصر أن أسرة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ما زالت تملك أرصدة، ولديها مصالح في الأراضي البريطانية بعد نحو عامين على دعوة السلطات البريطانية إلى تجميدها.

قال بنك إي اف جي هرمس الاستثماري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن جمال نجل حسني مبارك ما زال، quot;في حدود علمناquot;، يملك 17.5 في المئة من أسهم صندوق استثماري مسجل في جزر فيرجن البريطانية. ومرّ 20 شهرًا منذ أن أصدرت سلطات هذه الجزر البريطانية أمرًا بتجميد أرصدة جمال مبارك وحصته في الصندوق المذكور.

ونقلت صحيفة الغارديان عن مصدر في بنك quot;إي اف جي هرمسquot; أن جمال مبارك كان يتلقى 880 ألف دولار سنويًا من الصندوق الاستثماري منذ دمجه بالبنك في تموز/يوليو 2002، رغم أن الصندوق لا يملك في الوقت الحاضر أية أرصدة quot;ذات معنىquot;.

لكن هذه المعلومات، التي أكدها البنك لصحيفة الغارديان، تثير تساؤلات عن استعداد الحكومة البريطانية للضغط على الأقاليم التابعة لها في ما وراء البحار، للتحقيق في أي أرصدة ما زالت أسرة مبارك تملكها في بريطانيا وتوابعها وتجميدها.

أموال غير مجمدة في بريطانيا
تأتي هذه الأنباء بعد ستة أشهر على الكشف، في تحقيق أجرته البي بي سي، عن وجود أرصدة بملايين الجنيهات الإسترلينية، ما زال أفراد من أسرة مبارك يملكونها في بريطانيا، ولم تُجمد حتى الآن.

وقال أسامة دياب الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية التابعة للمبادرة المصرية من أجل الحقوق الشخصية quot;إن الحكومة البريطانية تلتزم جانب الصمت بهذا الشأن، ونحن ما زلنا نسمع عن وجود أرصدة أخرى غير مجمدة تعود إلى النظام السابق. وليس هناك إيضاح وافٍ يبيّن لماذا لم تُجمّد هذه الأرصدةquot;.

والمعروف أن إعادة أرصدة الحكام الاستبداديين إلى شعوب بلدانهم عملية مديدة ومعقدة قانونيًا، ولكن تجميد هذه الأرصدة لا يتسم بمثل هذا التعقيد، ولا يحتاج وقتًا طويلًا، لأنه يُخضع هذه الأرصدة للتحقيق، ولا يعيدها إلى أصحابها الشرعيين.

صيت بريطاني سيئ
وكثيرًا ما يكون من الصعب تعقب واكتشاف الأرصدة والحسابات المصرفية ذات الأموال المغسولة بسبب طبيعتها السرية، وليس من السهل على أجهزة الرقابة المالية في جزر فيرجن البريطانية أن ترصد الحسابات المريبة. لكن ناشطين بريطانيين قالوا إن لبريطانيا وتوابعها في ما وراء البحار، ومنها جزر فيرجن، صيتًا سيئا بتقاعسها عن مراقبة أرصدة الحكام الاستبداديين وتجميدها.

وقال روبرت بالمر المحلل المتخصص في الفساد المالي في منظمة غلوبال ويتنس إن لدى مناطق تابعة لبريطانيا، مثل جزر فيرجن، قواعد وضوابط شديدة الفاعلية، ولكن الشيء نفسه لا يمكن أن يُقال عن تنفيذ هذه القواعد والضوابط.

ونقلت صحيفة الغارديان عن بالمر قوله quot;إن بريطانيا كثيرًا ما كانت ترضى بترك الوضع كما هوquot;. وأضاف بالمر quot;إن بريطانيا كانت دائمًا تمارس هذه اللعبة حين تقول إن توابعها تتمتع بإدارة ذاتية، وفي الحقيقةإن لدى بريطانيا، إذا شاءت، سلطة لفرض إرادتها على أقاليم، مثل جزر فيرجن البريطانية... وهناك علاقة شائكة بين الحكومة وتوابعها في ما وراء البحار، وبريطانيا هي المسؤولة عن إدارة هذه المناطق على الوجه المطلوبquot;.

شفافية في مجال الضرائب
وكانت الحكومة البريطانية أبدت في السابق استعدادًا للتأثير في قرارات هذه التوابع. وفي وقت سابق من العام الحالي، فرضت لندن على جزر، مثل جزيرة جيرسي، أن تبدي قدرًا أكبر من الشفافية في مجال الضريبة.

ولم يرد أحد من وزارة الخارجية أو الداخلية أو الخزانة على طلب التعليق حول الموضوع والمعلومات ذات العلاقة التي كشفها الناشط البريطاني نك هيلديارد.

وقالت متحدثة باسم السفارة البريطانية في القاهرة quot;لا أحد في السفارة قرأ تقرير هيلديارد، رغم أن مسؤولًا من السفارة كان حاضرًا عندما قدم هيلديارد تقريره مساء الأربعاءquot;.

وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية الستير برت قال في العام الماضي إن بريطانيا لا تفعل ما فيه الكفاية لتعقب الملايين المسروقة من الشعب المصري. وقال برت في حينه إن بريطانيا تعمل بصورة وثيقة مع السلطات المصرية للوصول إلى الأرصدة التي قرر القضاء المصري أنها مسروقة ووضع اليد عليها.