تاريخ كوريا الشمالية في إطلاق الصواريخ بشكل غير دقيق يشير إلى خلل يؤكد صعوبة ضرب أي مكان على الأرض وإصابته بالدقة المطلوبة، كما أن أنه من المؤكد تقريباً عدم وجود رؤوس حربية نووية صغيرة بما يكفي لتناسب عملية مدمرة ضد الولايات المتحدة.

يرى مراقبون أن نشر الولايات المتحدة الأميركية صواريخ اعتراضية في غوام الأسبوع الماضي، جنباً إلى جنب مع تلك الموجودة بالفعل في فورت غريلي في ألاسكا، يعبر عن رؤية استراتيجية ضعيفة.
كما أن التهديد الواضح الذي تشكله كوريا الشمالية، والذي يتلخص بأن الرئيس الشاب كيم يونغ أون قد يطلق صواريخه بعيدة المدى إلى الولايات المتحدة، قد يكون مبالغ فيه وحتى وهمي بالنسبة للكثير من المراقبين.
ترسانة بيونغ يانغ الصاروخية لا تحتوي على هذا النوع من الصواريخ، كما أنه من المؤكد تقريباً عدم وجود رؤوس حربية نووية صغيرة بما يكفي لتناسب مثل هذه العملية.
وترى صحيفة فورين بوليسي ان تاريخ كوريا الشمالية في إطلاق الصواريخ غير الدقيق يشير إلى خلل لديهم يؤكد صعوبة ضرب أي مكان على الأرض، ناهيك عن أي هدف على وجه التحديد. وعلى الرغم من ذلك، قد يؤدي أي عمل هجومي ndash; وإن كان غير دقيق ndash; إلى رد فعل مدمر لن تتمكن كوريا الشمالية من الوقوف في وجهه لأنها لا تملك الدفاع المناسب.
بدلاً من التصرف بطريقة انتحارية من هذا القبيل، باستطاعة كيم يونغ أون أن يعتمد نهجا أسلم باتباع أسلوب خلاق لاستثمار ترسانته النووية الصغيرة، وهو التهديد والوعيد مع الامتناع عن أي نوع من الاستفزاز العسكري الخطير.
عندما تنحسر الضجة الحالية، يمكنه إعلان النصر في المواجهة الأخيرة، أو ربما رفع مستوى الاستفزاز قليلاً، بعملية شبيهة بالقصف المدفعي عام 2010 لجزيرة يونغ بيونغ على حدود كوريا الشمالية، الذي قتل خلاله بعض الجنود الكوريين الجنوبيين.
التهديدات وقصف هدف صغير محدد سيكون أكثر من كاف لدعم القدرات النووية لكوريا الشمالية. لا احد سيشن حرباً على بيونغ يانغ على خلفية الخطاب الحاد أو بعض المناوشات الخفيفة، لذلك من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الفظاظة، وربما حتى القليل من العنف.
لكن هناك أيضا احتمال أن تؤخذ التهديدات على محمل الجد تماماً، إذ أن كوريا الشمالية قد تشن عملاً عسكرياً أكبر، وإن بقي محدوداً، ضد الجنوب كالتوغل عدة عشرات من الكيلومترات إلى سيول أر ربما مركز القوات الأميركية في شوروون فالي.
الهجوم على أرض الواقع قد يكون معوماً من خلال الضربات محددة تستهدف تعطيل القيادة العسكرية لكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والسيطرة عليها. كما الهجمات الإلكترونية الأخيرة على كوريا الجنوبية، التي يعتقد انها قادمة من الشمال، تشير إلى أن بيونغ يانغ قد تكون قادرة على تنفيذ هكذا سيناريو.
وقد تنتهي المسألة بأن تقوم كوريا الشمالية بشن هجوم محدود، ثم تتوقف وتسعى للحصول على الامتيازات الاقتصادية مثل وضع حد للعقوبات، وربما المزيد من المساعدات، من خلال التوصل إلى تسوية سلمية عن طريق التفاوض.
في ذروة المخاطر، يمكن أن يقرر كيم يونغ أون في أحد الأيام، شن غزو كامل النطاق مع جيشه الذي يبلغ تعداده نحو مليون رجل في كوريا الشمالية. وفي حال رمى الرئيس الشاب quot;النرد الحديديquot; (العبارة التي استخدمها المستشار الألماني تيوبالت فون بتمان هولفيغ لوصف الذهاب الى الحرب عام 1914)، يمكن أن تلعب القدرات النووية لكوريا الشمالية وفقاً لخطين.
الطريقة الأولى ستكون محدودة من خلال محاولة ردع ضربة مضادة من قبل القوات التي تقودها الولايات المتحدة، وهو أمر أقرب إلى العملية البرمائية التي شنها دوغلاس ماك آرثر في انشون في أيلول/سبتمبر 1950. في الواقع، ان الامر سيستغرق عزيمة فولاذية جداً في واشنطن لإرسال أعداد كبيرة من القوات للقتال في ما قد يصبح منطقة لمعركة شرسة - حيث الملايين من المدنيين سيكونوا من بين أكثر الفئات ضعفاً.
الطريقة الثانية، والأكثر خطورة بكثير، هي أن يختار كيم تفجير السلاح النووي في بداية غزو الجنوب ndash; ليس على الأرض بل على علو شاهق. لا أحد سيقتل، لكن من شأن ذلك أن يولد انفجاراً كهرومغناطيسياً يمنع تقريباً جميع الاتصالات الكورية الجنوبية والأميركية، ويعطل العديد من أنظمة الكمبيوتر الأخرى، مما يقلل إلى حد كبير القدرات الدفاعية لعدة أيام أو أسابيع على الأرجح.
الرئيس الأميركي باراك أوباما قد يمتنع عن القيام برد فعل هائل، نظراً إلى أن التفجير تم على ارتفاع شاهق ولم يسفر عن ضحايا، وقد يقتصر الرد الأميركي على هجوم تقليدي مضاد.
بعد أن تصبح كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية أقل اعتماداً على أنواع الاتصالات التي من شأنها أن تتعطل، فإن هذا قد يعطي الشمال فرصة ليسود، لا سيما إذا حاول المجتمع الدولي التوسط لوقف إطلاق النار.