المجتمع الدولي والولايات المتحدة تحديدًا تترقب بحذر خطوة رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون المقبلة، خوفًا من أن يحوّل مناسبة الاحتفال بعيد ميلاد جدّه ومؤسس النظام الذي يحكمه، كيم إيل سونغ، الموافق يوم الاثنين، إلى حرب تهزّ الأمن والاستقرار الدوليين.


بيروت: محاولة رسم ملامح زعيم كوريا الشمالية وتفاصيل شخصيته الغامضة والمثيرة للجدل قد تساعد المحللين على قراءة ما بين السطور والكشف عن بعض من جوانب أسلوبه في الحكم.

عندما انتشر خبر تدهور الحالة الصحية لزعيم كوريا الشمالية السابق كيم جونغ إيل قبل ثلاث سنوات، اتجهت الأنظار إلى أكثر المرشحين المحتملين لخلافته: ابنه quot;السمينquot; وثالث أبنائه الذكور كيم جونغ أون.

عندها كان السؤال الرئيس ما إن كانت ستؤثر السنوات التي قضاها الزعيم الشاب في سويسرا على سياسته أم إن العوامل الوراثية ستطغى على سلوكه وتحوّله إلى نسخة ثالثة من الاستبداد، الذي ألفته بلاده على مدى أكثر من 60 عاماً؟.

مفهوم جديد للاستفزاز
لم تكد تمضي نحو سنتين على توليه الحكم، حتى اتخذ كيم جونغ أون خطوات أبعد في إشاعة التوتر في المنطقة. على الرغم من أن الاستفزاز اقتصر خلال العقود الستة السابقة على تعكير صفو الاستقرار بإجراء تجربة عسكرية أو نووية، إلا أن هذه الخطوة دخلت في عهده منعطفًا جديدًا من التصعيد، بدأ بإجراء تجربة نووية ثالثة في مطلع العام الجاري، والتهديد بضرب القواعد العسكرية الأميركية في المحيط الهادئ.

تهديدات زعيم كوريا الشمالية، الذي لم يتجاوز الثلاثين عامًا، أربكت صنَّاع القرار السياسي في واشنطن، فبحسب قائد القوات الأميركية في المحيط الهادئ سامويل لوكلير، تكمن quot;خطورة كيم جونغ أون في ردود أفعاله غير المتوقعة من جهة، ونقص الخبرة الدولية في التعامل معه من جهة أخرىquot;.

عقدة نقص وتشبّه بالأسلاف
من جانبه، يعتبر الخبير في شؤون كوريا الشمالية كوغدان أوه هاسيغ أن سلوكيات كيم جونغ أون العدائية تعود إلى quot;شعوره بعقدة نقصquot;، موضحًا أنه فور اختياره خلفاً لأبيه quot;عمد إلى إجراء عمليات جراحية لجعل ملامحه أقرب إلى أبيه وأكثر إلى جده، إضافة إلى اعتماده قصة الشعر نفسها، وإصراره على ارتداء زيّ مشابه لمؤسس الشيوعية في الصين ماوتسي تونغquot;.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن هاسيغ قوله: quot;لقد أراد إعطاء انطباع بأنه نسخة أكثر صرامة عن أبيه وجده أيضًا. أما تهديداته العسكرية، فيهدف من خلالها إلى إثبات نفسه كزعيم يملك عقلية استراتيجية، وأن الجيش يقف إلى جانبه، وليس ضده كما يشاعquot;.

طفل متهور
يذكر كبير الطباخين السابق لدى آل سونغ، كينغي فوجيموتو، في مذكراته أن كيم جونغ أون كان طفلًا متهورًا وصعب المراس، كما كان يتمتع بشخصية قيادية، جعلته يسيطر على أخويه الأكبر سنًا، ولذلك اختاره الأب وريثاً لزعامة كوريا الشمالية.

ويقول فوجيموتو إن هذه الصفات القيادية دفعت باتجاه إرساله إلى مدرسة داخلية في سويسرا لتلقي تعليمه تحت اسم مستعار.

بيل ريتشاردسون، حاكم نيومكسكو السابق، الذي زار كوريا الشمالية، يقول إن كيم جونغ أون يختلف في سلوكه عن أسلافه، وهذا يدل على تأثير نمط الحياة الأوروبية على سلوكه، quot;فهو يبدي شيئًا من الودّ في الأماكن العامة، ويصطحب زوجته في زياراته وجولاته الرسمية، إضافة إلى استخدامه اليوتيوب لنشر صور ومقاطع فيديو، تعطي صورة مختلفة عن بلاده الغارقة في الفقر والمجاعةquot;.

أما على الصعيد السياسي، فيعتبر ريتشاردسون أن زعيم كوريا الشمالية الشاب أكد على أهمية النهضة الاقتصادية، خاصة في المجال الزراعي، مخالفًا بذلك نهج أبيه وجده، القائم على الجيش أولًاquot;، وهذه التصريحات أحدثت نوعًا من البلبلة في الكواليس السياسية، ما دفعه إلى العودة عن خطابه المستحدث، وإعادة الأولوية إلى التصريحات والخطابات القديمة التي تبجّل القوة العسكرية والجيش والتجارب النووية.