بيكاسي: يقول عشرون من اتباع الطائفة الاحمدية الاسلامية المتحصنون منذ اسبوعين في اندونيسيا في مسجد تحاصره السلطات، quot;لن نتنكر لدينناquot;. ففي الرابع من نيسان/ابريل، كانوا يؤدون الصلاة بالعشرات في مسجد بيكاسي الصغير في ضاحية جاكرتا، عندما اقتحمته اعداد كبيرة من الشرطة، واقفلت البوابة المؤدية اليه.

وكانت السلطات بذلك تريد فرض احترام مرسوم صادر في 2008 يحظر على الطائفة الاحمدية الدعوة الى اعتناق تعاليمها.
ويعتنق الاحمديون تعاليم ميرزا غلام احمد، الذي اعلن نفسه المهدي المنتظر في اواخر القرن التاسع عشر، فاتهمه بالخروج عن الصراط المستقيم المسلمون الآخرون، الذين يعتبرون ان محمد هو خاتمة الانبياء.

وقد تمكنت هذه الجماعة الصغيرة حتى الآن من ان تعيش ما تؤمن به من دون ان تتعرّض لمضايقات كثيرة، مستفيدة من حماية الدستور الاندونيسي، الذي يضمن الحرية الدينية.

لكن هذا البلد المسلم، الذي يعتنق الاسلام 90 بالمئة من سكانه، البالغ عددهم 240 مليون نسمة، يشهد مزيدا من التطرف، بما في ذلك لدى الطوائف المسيحية، كما تقول منظمات الدفاع عن حقوق الانسان. وفي مدينة بيكاسي نفسها، دمّرت كنيسة بروتستانتية في الفترة الاخيرة، على مرأى من مرتاديها الذين اسقط في يدهم.

في الطرف الاخر من جزيرة جاوا، يعيش حوالى 200 شيعي منذ حوالى عشرة اشهر في مدرسة يغزوها الذباب، بعدما طردتهم من قريتهم مجموعة من السنة، الاكثرية في اندونيسيا، والتي قتلت واحدا منهم بالسيوف.

واحصت منظمة quot;سيتارا من اجل الديموقراطية والسلامquot; غير الحكومية، التي تناضل للدفاع عن الاقليات الدينية، 308 quot;حوادثquot; استهدفت اقليات دينية (من اعتداءات او غلق اماكن عبادة على سبيل المثال) خلال الفصل الاول وحده من العام الماضي (الارقام الاخيرة في متناول المعنيين). ويشكل هذا الرقم زيادة واضحة مقارنة بـ2011 (543 حالة على امتداد الستة)، و2010 (502) و2009 (491).

ويقول الاحمديون ان المسؤولية تقع على كاهل الاسلاميين المتطرفين، الذين يملون تعنتهم على السلطات. ويوجه الاحمديون خصوصًا اصابع الاتهام الى جبهة المدافعين عن الاسلام المتشدد، المعروفة بحملاتها على الحانات وبرمي اكياس البول على المسيحيين المضطرين للصلاة في الهواء الطلق بعد تدمير او غلق كنائسهم.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، اعتبر النائب المحلي مورهالي باردا ان الاحمديين quot;دنسوا كلام اللهquot;. لذلك تتولى الشرطة منذ الرابع من نيسان/ابريل تأمين الحراسة للمسجد وتمنع ايا كان من دخوله. اما الاحمديون الموجودون في داخله فيستطيعون مغادرته. لكنهم يرفضون ذلك، ويعيشون ليل نهار في ظروف بدائية جدا، ويعوّلون على المواد الغذائية، التي يسلمهم اياها اصدقاء من فوق الجدران.

ويقول رحمة رحمديجايا (33 عاما) أحد مسؤولي المسجد quot;لماذا يعاملوننا كأننا مجرمون، فيما لا نفعل شيئا غير الصلاة؟quot;. ويضيف لوكالة فرانس برس عبر فتحة في البوابة السوداء للمسجد quot;يمكن ان يهددوننا، لكننا لسنا خائفين. لن نتنكر لايماننا ابدا. سنبقى في المسجد حتى يعيدوا فتحهquot;.

وتقول منظمات الدفاع عن حقوق الانسان ان الحكومة لا تجرؤ على مواجهة المتطرفين السنة ودعم الاقليات خوفا من فقدان شعبيتها، اذ انه من المقرر اجراء انتخابات في العام المقبل.

واعتبر بانور تيغور نايبوسبوس نائب رئيس مؤسسة quot;سيتاراquot; ان quot;الحكومة تبدي ضعفًا عندما يتعلق الامر بفرض احترام القانون. والاسلاميون المتطرفون يتطاولون عليها ويطبقون القانون احياناquot;. وتنفي السلطات. واكد المتحدث باسم الرئاسة الاندونيسية تيكو فايزاسيا ان quot;اندونيسيا تتعامل برأفة مع الاحمديينquot;.

واضاف quot;اننا نؤمن لهم اماكن للصلاة، فيما هم محظورون تمامًا في بلدان اخرىquot;. وقال ان غلق مسجد بيكاسي quot;لا يعكس العلاقات المنسجمة مع مختلف الاديان في اندونيسياquot;.

والاحمديون، الذين يناهز عددهم نصف مليون شخص في اندونيسيا، غالبا ما يتعرّضون للقمع، وبالتالي لاعتداءات. وفي 2011، قتل ثلاثة منهم لدى تعرّضهم للضرب في غرب جاوا. ومنذ 2006، يعيش 115 احمديا في ملجأ بجزيرة لومبوك (شرق) بعد طردهم من قريتهم.