تدخلت بعثة الأمم المتحدة في العراق لمنع القوات العراقية من مهاجمة المعتصمين في مدينة الحويجة في محافظة كركوك الشمالية، فيما حذّرت الحكومة المحافظات المحتجّة من تنفيذ إضراب عام اليوم.
أسامة مهدي: في الوقت الذي تتأهّب القوات العراقية لمهاجمة المعتصمين في قضاء الحويجة في محافظة كركوك الشمالية لاعتقال قاتلي جندي عراقي، فقد طالب رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بعثة الأمم المتحدة في العراق بإرسال وفد خاص إلى القضاء للإطلاع بصورة مباشرة على ما يجري هناك من أحداث، ولمعرفة ما يتعرّض له المتظاهرون في ساحة اﻻعتصام.
حملة تهدئة
كما أجرى اتصاﻻت مكثفة مع القادة الأمنيين وقيادة العمليات في كركوك سعيًا إلى احتواء الأزمة، والحيلولة دون تفاقم الوضع، كما قال بيان صحافي صادر من مكتبه الإعلامي تلقته quot;إيلافquot;. ثم أرسل النجيفي وفدًا برلمانيًا، ضمّ نوابًا عن محافظة كركوك لمتابعة الموضوع بشكل ميداني، والوصول إلى نتائج، من خلال فتح تحقيق سريع وعادل، أملًا في نزع فتيل الأزمة وتحقيق العدالة والإنصاف.
ويبلغ عدد سكان قضاء الحويجة حوالي نصف مليون نسمة، غالبيتهم الساحقة عرب، مع أقليات كردية وتركمانية. وكانت ساحة اعتصام الحويجة شهدت عقب صلاة الجمعة الماضية اشتباكات قرب نقطة تفتيش مشتركة لقوات الجيش والشرطة قرب الساحة، اتهمت فيها قيادة الجيش المتظاهرين بالهجوم على النقطة، والتسبب في معركة، قتل فيها جندي، وأصيب فيها اثنان آخران، فيما يقول المتظاهرون إن الجيش هو المسؤول عن الحادث، ويؤكدون مقتل واحد منهم، وإصابة اثنين آخرين أيضًا.
السعدي يحذر من مهاجمة المحتجين
من جهته، اعتبر المرجع السنّي رجل الدين البارز الشيخ عبد الملك السعدي حصار المتظاهرين في الحويجة جريمة إنسانية، محذرًا القوات الأمنية من مهاجمتهم.
وقال الشيخ السعدي في بيان تلقته quot;إيلافquot; مخاطبًا القوات الأمنية quot;أيها المنتسبون إلى القوات المسلحة العراقية، من الجيش والشرطة وكلِّ قوى الأمن الداخلي، لاأزال كما في خطاباتي السابقة أُقَدِّم إليكم النصيحة بأن تحافظوا على شرف المهنة، وتوفوا بالقسم الذي أدَّيتم وعاهدتم الله عليه، لحماية أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم، والدفاع عن الوطن والمواطن، وقد وجَّهْتُ المتظاهرين مرارًا وتكرارًا إلى احترامكم والتعاون معكم ما دمتم في حمايتهم، وقد التزموا بهذا التوجيه الشرعيّ الإنسانيquot;.
وأضاف quot;لقد خرجتم أيها العسكريون عن الهدف الأساس، الذي ينبغي أن لا تحيدوا عنه، فضايقتم المتظاهرين، ووجَّهتم سلاحكم نحو صدورالأبرياء العُزَّل، وأوقعتم فيهم الشهداء، وحاصرتم أهل الحويجة حصارًا يُسَجِّلُه التاريخ عليكم بالمهانة والجريمة، وتصرفتم معهم تصرفًا غير إنسانيٍّ، فمنعتم عنهم الماء والطعام والدواء، فسقط منهم المرضى والعجزة والأطفال والحوامل جوعًا وعطشًا، في كارثة لا يتسبب فيها إلا المجرمون، الذين لا يقيمون للإنسانية وزنًا ولا للدين احترامًا، فأين شرفُ العسكرية؟!، وأين عهدُ الله الذي عاهدتم؟، وأين واجبكم المقدس؟، الذي ينبغي أن توجِّهوا فيه سلاحَكم نحو المحتل، الذي احتل العراق فأفسده، وأن تتوجَّهوا نحو الصهاينة المحتلين للأقصى الشريف أُولى القبلتين وثالث الحرمين، وتُعِدُّوا العدة لذلكquot;.
وحذر الشيخ السعدي القوات المسلحة مضيفًا quot;أُحَذِّرُكم كلَّ التحذير من هذا الذي ترتكبونه مع المتظاهرين عامة، ومع أهلنا في الحويجة خاصة، وأُحَذِّرُكم بطشَ الله بكم، فإنَّ بأسه لا يُردُّ عن القوم المجرمين الظالمين، وأُحَذِّرُكم من غضبِ المتظاهرين المجاهدين، الذين طال صبرهم على ما يواجهونه من الحكومة العراقية، من ظلم وقهر واعتقال وإعدام واغتصاب وتهديد، وأنتم أيها العسكريون تزيدون النار وَقودًا بفعلكم هذا مع أهل الحويجة، في وقوفكم مع الجلاد ضد الأبرياء، فقد طفح الكيلُ، ولم يبقَ في قوسِ الصبر مَنْزَعquot;.
وشدد بالقول quot;وأقول لكم أيها العسكريون: لن ينفعكم رئيسٌ ولا وزيرٌ إذا ما وقعت الواقعةُ، وإنَّ الذين تسمعون كلامهم وتُنَفِّذون أوامرهم سوف يفِرُّون أمام زحف المجاهدين، ويتركونكم لقمة سائغة أمام المجاهدين، وعندئذٍ تخسرون الدنيا والآخرة.. فعودوا إلى رشدكم، واتقوا الله في شعبكم، فإنهم إخوانكم وأبناؤكم، وهم بنو جلدتكم ودماؤهم دماؤكم، فلا تغرنَّكم الحياة الدنيا، ولا يغوينَّكم منصب زائل ولا مال زهيد تحصلون عليه مقابل ظلم العباد وتخريب البلاد، فالظلم لن يدوم، ولا يشفع لكم إلا صالح الأعمال.. فارفعوا حصاركم عن المتظاهرين في الحويجة وغيرها، واتركوا أهل الحقوق يطالبون بحقوقهم المشروعة، وأنا بذلك لكم ناصح أمين، وقد أَعذَر من أَنذَرَquot;.
ودعا السعدي سكان الحويجة وسائر ساحات الاعتصام إلى quot;أن تصبروا، فإن طريقكم طريقُ المجاهدين من آل بيت النبوة الأطهار والصحابة الأخيار، وفي الوقت نفسه أدعوكم إلى أخذ الحيطة والحذر من مكر الماكرين وظلم الظالمين وخداع الماكرين والله معكم والمؤمنون في نصرتكمquot;.
المالكي وجّه بتخفيف الحصار عن الحويجة
إزاء هذه المساعي والتحذيرات، قال قائد عمليات دجلة الفريق علي غيدان، إن القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي طلب منه عبر اتصال هاتفي تخفيف الحصار عن المعتصمين في قضاء الحويجة، والسماح لهم بإدخال الطعام والماء والدواء. وأشار إلى أن قواته لا تحاصر القضاء، وإنما تحميه من دخول الإرهابيين، وقال: quot;إن مهمّة قواته تنحصر في القبض على منفذي الاعتداء على عناصر الجيش العراقي واستعادة الأسلحةquot; .
وأضاف أنquot; قوات الجيش متمركزة بعيدًا عن مناطق تواجد المعتصمين بمسافة 50م، ولم تبادر بأي عمل استفزازي إزاء المدنيين أو المعتصمينquot;. واشتكى من أن quot;مناطق الاعتصام أصبحت ملاذًا آمنًا للعناصر الإرهابية، داعيًا المدنيين إلى ضرورة مغادرتها فورًا حفاظًا على سلامتهمquot;.
وأوضح أن quot;القوات الأمنية وقوات الجيش إنما وجدت لحماية المتظاهرين وأبناء الشعب العراقي، لا لضربهم أو إلحاق الأذى بهمquot;، مؤكدًا أن القائد العام للقوات المسلحة أمر بالتهدئة وعدم الاحتكاك المباشر مع المعتصمينquot;.
وكانت قيادة القوات البرية أعلنت السبت أنها أمهلت معتصمي الحويجة حتى عصر الأحد لتسليم quot;قتلة الجيشquot;، وأكدت أن هناك أمرًا صارمًا بتفتيش الخيم وإزالتها، للقبض على المهاجمين، واستعادة الأسلحة والقاذفات، التي استولوا عليها من الجيش، مشددة على أن quot;لا حلّ من دون استعادة هيبة الدولةquot;.
الحكومة تحذر من شن إضراب
وفيما تستعد محافظات شمالية وغربية، تشهد تظاهرات منذ ثلاثة أشهر، لتنفيذ إضراب عام اليوم الاثنين احتجاجًا على رفض الحكومة تنفيذ مطالبها، فقد حذرت رئاسة مجلس الوزراء موظفي الدولة من المشاركة في الإضراب. وقال مصدر في رئاسة مجلس الوزراء إن المجلس حذر موظفي الدوائر والمؤسسات التابعة للدولة في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وبغداد وكركوك من المشاركة في الإضراب، المزمعانطلاقه اليوم.
وأضاف أن هذا التحذير جاء على خلفية الدعوات التي أطلقها أئمة الصلاة الموحدة الجمعة الماضيللبدء بإضراب عام الاثنين للضغط من أجل تنفيذ مطالب المتظاهرين. وكان خطباء الصلاة الموحدة في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى وبغداد، التي تشهد تظاهرات للتعبير عن احتجاجهم ضد سياسات الحكومة المركزية والضغط لتنفيذ مطالبهم، قد دعوا إلى إضراب عام اليوم. لكن اللجان التنسيقية في محافظات نينوى وكركوك وديالى سيكتفون اليوم بالصيام والدعاء لنصرة المتظاهرين.
النتائج الأولية اليوم
فيما تباشر المفوضية العليا للانتخابات بدءًا من اليوم الاثنين إعلان نتائج جزئية أولية للانتخابات المحلية، التي جرت السبت الماضي، فإن المؤشرات الأولية توضح تقدم ائتلاف المالكي في المحافظات الجنوبية، وائتلاف النجيفي في الوسط والغرب.
كما تشير المعلومات الأولية لنتائج الانتخابات إلى تقدم ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي في المحافظات الجنوبية الشيعية، يليه ائتلاف الأحرار بقيادة مقتدى الصدر، ثم ائتلاف المواطن بزعامة رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمّار الحكيم. أما في محافظتي ديالى في الوسط، والتي هيخليط من السنة والشيعة، وصلاح الدين السنية في الغرب، فإن هذه النتائج تشير إلى تقدم ائتلاف quot;متحدونquot; بزعامة رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي.
وقالت مفوضية الانتخابات إنها ستبدأ اليوم بإعلان نتائج جزئية للانتخابات، فيما ستعلن 90 في المئة من النتائج الأولية الخاصة بانتخابات مجالس المحافظات في نهاية الأسبوع الحالي.
وقال صفاء الموسوي الناطق الرسمي للمفوضية، في تصريح صحافي وزّع على الصحافيين، إن quot;إعلان النتائج الأولية على مستوى الكيانات بنسبة 90 في المئة سيكون في نهاية الأسبوع الحاليquot;، مشيرًا إلى أن المفوضية ستبدأ اليوم الاثنين بإعلان النتائج الأولية للانتخابات على مستوى الكيانات، مؤكدًا أنها ستستمر بإعلان النتائج تباعًا حتى يوم الخميس.
شكاوى معظمها من كربلاء
وأوضحت المفوضية أنها تلقت 88 شكوى بخصوص الاقتراع العام، وغالبيتها كانت من محافظة كربلاء، مشيرة إلى أنه quot;لغاية الآن لا توجد شكوى حمراء، وجميعها صفراء وخضراءquot;. وقالت عضو المفوضية كلشان كمال إن quot;8 شكاوى وصلتنا من المهجرين في محافظة كركوك، ومن بغداد خمس شكاوى، اثنتان من الرصافة، وثلاث من الكرخ، ومن محافظة بابل 19، وكربلاء 25، والبصرة 5، والأنبار 14، ومن نينوى واحدة، وميسان واحدةquot;.
وقالت: quot;نحن نتقبل الشكاوى من قبل جميع الكيانات السياسية، وسيكون هناك نظر فيها من قبل لجنة الشكاوى المشكلة من عضوية مجلس المفوضين، التي تضم عددًا من الحقوقيين والقانونيين، وسيتم الرد عليها خلال أيام قليلةquot;.
وشهد السبت إجراء انتخابات مجالس المحافظات لعام 2013، شملت 12 محافظة، من ضمنها بغداد، وأعلنت مفوضية الانتخابات أن نسبة المشاركة في الاقتراع بلغت 51 في المئة، بما فيها التصويت الخاص.
وتتواصل حاليًا عمليات إحصاء الأصوات بعد يومين من تصويت العراقيين لانتخاب ممثليهم في مجالس المحافظات، البالغ عدد مقاعدها 450 مقعدًا. وتعتبر هذه الانتخابات مقياسًا رئيسًا للقوة السياسية قبل انتخابات برلمانية ستجري في مطلع عام 2014 لاختيار حكومة جديدة في بلد يشهد انقسامات طائفية شديدة.
التعليقات