لم تمر زيارة بيل غيتس لكوريا الجنوبية مرور الكرام، لكون الأخير اخترق البروتوكولات المتعارف عليها لدى لقائه برئيسة البلاد، إذ سلّم عليها بيد واحدة واضعًا الأخرى في جيبه، كما إنه لم يغلق سترة بدلته كما ينص quot;الإيتكيتquot;، ما أثار انتقادات الإعلام.


صلاح أحمد: ما تعتبره شعوب أمرًا عاديًا لا يلفت النظر، ليس كذلك بالضرورة عند شعوب أخرى، قد تجد فيه إساءة لا تغتفر. ولا شك في أن مؤسس laquo;مايكروسوفتraquo;، بيل غيتس، استوعب هذا الدرس جيدًا خلال زيارة له إلى كوريا الجنوبية.

فمن حيث لا يدري، وجد إمبراطور laquo;مايكروسوفraquo;، بيل غيتس، أنه في عين عاصفة هوجاء، هبّت مع امتعاض الكوريين الجنوبيين الجامح إزاء ما اعتبروه laquo;تجاوزًا لا يُغتقر لحدود التأدبraquo; من جانبه.

وبسترة مفتوحة أيضًا
وكانت الحادثة، التي أثارت هذه العاصفة، هي أن الملياردير الأميركي صافح رئيستهم، بارك غيون ndash; هاي، بينما كانت يده اليسرى محشورة بكاملها في جيب بنطاله. ولو كان هذا لا يكفي، فقد التقى غيتس الرئيسة بجاكيت مفتوح.

فأمسكت وسائل الإعلام الكورية الجنوبية بخناق غيتس، قائلة إنه أبدى بهذا التصرّف لامبالاة، تفتقر إلى أبسط قواعد احترام الآخرين العاديين، دعك من رئيسة البلاد.

كان الملياردير الأميركي يزور سيول من أجل خطاب ألقاه في برلمان البلاد عن جمعيته الخيرية laquo;بيل آند ميليندا غيتس فاونديشنraquo;. والتقى بعد ذلك بمدراء تنفيذيين من عملاق الإلكترونيات laquo;سامسونغraquo;، ثم طلاب الجامعات، قبل لقائه ndash; العاصفة مع الرئيسة بارك غيون ndash; هاي.

خدش للحياء والبروتوكول
بينما نشرت صحف صورة غيتس وهو يصافح الرئيسة، وlaquo;أضاءتraquo; على يده اليسرى في جيبه بشكل خاص، وجدت أخرى أن في نشرها كما هي laquo;خدشًا للحياء العامraquo;، فقصّت الجزء السفلي منها، والذي يظهر هذا التجاوز السافر. لكن الصحف التي نشرتها كما هي، والتي طالها مقص الرقابة، سلطت الضوء أولًا بأول على اللقاء في صفحاتها الأولى.

ونقلت الصحف البريطانية، التي تداولت النبأ عن إحدى أكبر تلك الصادرة في سيول، وهي laquo;جونغ آنغraquo;، عنوانها الرئيس على صفحتها الأولى، والذي جاء فيه: laquo;تباين ثقافي أم ازدراء؟raquo;. ومصدر الغضب هذا هو أن العرف في كوريا الجنوبية وفي العديد من دول المنطقة يعتبر المصافحة بيد واحدة حكرًا على الأقارب والأصدقاء أو من هم أصغر سنًا ومقامًا، لأنه يخلو تمامًا من الرسميات.

هذه ليست أميركا
وكما نقلت شبكة laquo;ايه بي سيraquo; التلفزيونية الأميركية عن رئيس البرلمان الكوري، تشونغ جين ndash; سوك، فقد قال للصحافيين في بلاده: laquo;جاكيت مفتوح، ثم مصافحة بيد تغوص في الجيب الأيسر!... ومع رئيسة البلاد؟!، ربما كان هذا شيئًا لا يلفت أنظار الأميركيين، لكننا هنا في كوريا الجنوبية نعتبره، على الأقل، لامبالاة في غير محلهاraquo;.

وسارعت وسائل الإعلام الكورية أيضًا إلى إضاءة laquo;سوابقraquo; لبيل غيتس، وصبغتها بتأويلات سياسية معيّنة. فقالت إنه عندما زار البلاد في 2002، صافح الرئيس كيم داي ndash; جونغ بيديه كلتيهما.

لكنه لما عاد في 2008 اكتفى بيد واحدة، وهو يصافح الرئيس لي ميونغ ndash; باك. وفسّرت هذا باعتباره موقفًا يتحدث عن نفسه من سياسة الرئيس لي. وقالت صحف ndash; بصراحة - إنه استصغر شأن الرئيس عمدًا.

تباين ثقافي
كوريا الجنوبية ليست الوحيدة بالطبع في ذلك النوع من الغضب عندما تمسّ الأمور أصول الاحترام. فلكلّ أمة تقاليدها، التي قد يتجاوزها الأجنبي بدون علم منه، لكن ذلك لا يمنع الامتعاض لدى أصحاب الشأن. ومن هذه:
* من العيب في اليابان ألا يرد الشخص تحية الانحناء بأخرى أعمق منها.
* مثلما أن نزع الحذاء واجب لدى المسلمين قبل الدخول إلى دور العبادة، فإن الأمر نفسه ينطبق في فنلندا عندما يتعلق الأمر بدخول المنازل.

* الفرنسي يغضب إذا اكتفى الشخص بالمصافحة حين تكون القبلة على الخد هي ما يتوقع.
* يتعيّن على الجالس داخل معبد بوذي أن يحشر قدميه تحت جسده قدر ما استطاع، لأن توجيههما إلى تمثال بوذا يرقى إلى مرتبة الخطيئة. وهذا لأن البوذية تعتبر الرأس هو الأطهر بين أعضاء الجسد، ويقلّ هذا الطهر كلما انخفض مستوى العضو، فتصبح القدمان الأقل شأنًا وفقًا لهذا الترتيب.

* وبينما يعتبر مسح شخص على رأس آخر من علائم الاستحسان في العديد من البلاد، فهو إساءة في تايلاند.
* تشكيل دائرة من الإبهام والسبابة يعني في معظم الدول الموافقة والاستحسان، لكنه يعتبر إساءة في تركيا واليونان.
* الإشارة بالأصبع الأوسط علامة بذيئة في الشرق الأوسط، والأرجح أن يفوت معناها على الزائر الغربي.

* الأكل باليد اليسرى عيب في الدول العربية والهند، لكن الغربي يحمل الشوكة بيده اليسري لوضع طعامه في فمه.
* إهداء ساعة إلى صيني أو تايواني يعني له أنك لا تطيق صبرًا على وقت مماته، وتحسب الثواني والدقائق تلهفًا على ذلك الموعد.