قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بتحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى الرئيس الأفغاني حميد كرزاي على مدى 12 عاماً بهدف تعزيز سلطة واشنطن في البلاد، إضافة إلى إيران التي أرسلت حقائب أموالها، ثم توقفت اعتراضًا على توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة.


قال مسؤولون حاليون وسابقون في الحكومة الأفغانية إن مكتب الـ quot;سي آي إيهquot; حوّل عشرات الملايين من الدولارات منذ العام 2001 إلى كرزاي. وأكد خليل رومان الذي تولى منصب رئاسة طاقم موظفي كرزاي الرئاسي بين العامين 2002 و2005 هذه الأنباء، واصفاً المال بـ quot;الشبحquot;، لأنه كان يدخل المكتب ويغادره سراً في حقائب سفر وحقائب ظهر وأكياس بلاستيكية.

دعم أقرباء الرئيس
من المعروف عن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية دعمها لبعض أقرباء الرئيس وأعوانه المقربين، غير أن المصادر الأفغانية والأميركية قالت إن الحسابات الجديدة كانت قيمتها أكبر بكثير، وكانت تؤثّر بشكل أكبرفي نهج الحكم.

في المقابل، اعتبر مسؤولون أميركيون أن هذه الأموال لم تؤتِ بالثمار، التي كانت تنشدها الوكالة، بل أدت إلى زيادة الفساد وتقوية أرباب الحرب وقادة الميليشيات، ما أضعف استراتيجية الخروج الأميركية من أفغانستان. وقال مسؤول أميركي لصحيفة quot;نيويورك تايمزquot; إن quot;الولايات المتحدة كانت أكبر مصدر للفساد في أفغانستان.

فطوال أكثر من عشر سنوات، ظلت الأموال تسلم كل شهر إلى مكتب الرئيس الأفغاني، كجزء من الإجراءات المعتادة التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية الأميركية منذ بدء الحرب الأفغانية.

ويبدو أن المدفوعات النقدية لمكتب كرزاي لا تخضع لأي مراقبة أو قيود، مثل تلك التي تفرض على المساعدات الأميركية الرسمية لأفغانستان أو برامج المساعدات الرسمية لوكالة الاستخبارات مثل تمويل وكالات المخابرات الأفغانية.

يشار إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية رفضت التعليق على التقرير، كما إن الخارجية الأميركية لم تقدم تفسيراً حتى الساعة.

إيران مصدر تمويل آخر
لكن الأموال التي تتدفق على كرزاي لم تأت من الولايات المتحدة فقط، إذ أقرّ أحد مساعدي كرزاي باستلام حقائب من المال من إيران بشكل دوري، ما أثار غضب الولايات المتحدة، التي وصفت الأموال بـquot;الحملة الإيرانية العدائية لشراء السلطة في أفغانستان، وتسميم العلاقات الأفغانية-الأميركيةquot;.

واعتبر مسؤول أفغاني أن quot;هذه الأموال لم تنجح على ما يبدو، في شراء ولاء كرزاي، فقد وقّع الرئيس الأفغاني - رغم اعتراضات إيرانndash; على اتفاقية شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة، ما دفع طهران إلى وقف الأموال المحوّلة إليهquot;.

وأشار المسؤول إلى أن كرزاي يسعى في الوقت الحالي إلى استلام سلطة الميليشيات، التي دعمتها وكالة الاستخبارات الأميركية، من أجل استهداف مسلحي تنظيم القاعدة وقيادييه. واضاف: quot;هذه الخطوة ستؤدي إلى تخريب جزء مهم من خطط إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، القاضية بمقاتلة المسلحين، في الوقت الذي من المقرر أن تنسحب فيه القوات الأجنبية في العام المقبلquot;.

اجتثاث طالبان الهدف
من جهته، أوضح مسؤول أميركي أن وكالة الاستخبارات دفعت مبالغ طائلة لكرزاي quot;في عملية روتينية بدأت منذ الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001quot;، مضيفاً: quot;دفعنا للأفغان للإطاحة بطالبانquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن محمد ضيا صالحي المسؤول في مجلس الأمن القومي في أفغانستان يتلقى quot;راتباً شهرياًquot; من الوكالة منذ سنوات عدة، ولم يتضح ما إذا كان صالحي يزوّد وكالة الاستخبارات بالمعلومات مقابل المال أو يروّج لوجهات النظر الأميركية داخل القصر الرئاسي الأفغاني، أو ربما الاثنين معاً.

علاقة صالحي مع وكالة الاستخبارات تلقي الضوء على التضارب العميق في قلب سياسة إدارة أوباما في أفغانستان، ففي الوقت الذي يطالب فيه الاميركيون كرزاي بالقضاء على الفساد الذي يسود حكومته، يتضح أنهم يدعمون مالياً الأشخاص المتورطين في هذا الفساد.

وكان صالحي قد اعتقل في يوليو/تموز الماضي، وافرج عنه بعدما تدخل كرزاي، فيما يقول مسؤولون اميركيون إن إطلاق سراحه تم بسبب معرفته الكثير عن الصفقات والفساد داخل حكومة كرزاي.

يشار إلى أن شقيق الرئيس الافغاني أحمد ولي كرزاي يحصل على راتب من الـquot;سي أي أيهquot; أيضاً. كما أكدت التحقيقات أنه متورّط في الفساد، ويلعب دوراً في تجارة المخدرات، غير أن المسؤولين الاميركيين لم يضغطوا على الرئيس كرزاي لإقالة أخيه من منصبه كحاكم لولاية قندهار.