أثارت تصريحات السفيرة الأميركية في القاهرة، التي قالت خلالها إن عودة الجيش ليست حلاً، ردود فعل غاضبة في صفوف المعارضة المصرية، ففي وقت رأى البعض أن ذلك يعتبر تدخلاً في الشؤون الداخلية، أكد آخرون أن التصريحات تهدف إلى خلقفوضىفي مصر.

تصريحات السفيرة الأميركية بالقاهرة، آن باترسون، حول الجيش المصري، اشعلت غضب السياسيين من أطياف المعارضة، والعسكريين المصريين، وقالت باترسون، إن عودة الجيش للحكم في مصر، تمثل خطراً على إستراتيجية أميركا في المنطقة، ما اعتبره البعض بمثابة تدخل في الشؤون المصرية.
وقالت باترسون، التي دائماً ما تثير تصريحات منسوبة لها الجدل في مصر، إن quot;عودة الجيش إلى الحكم ستكون كارثة غير مقبولة لواشنطن وحلفاء مصر الآخرينquot;.
وأضافت خلال ندوة نظمها نادي الروتاري، أن quot;التحولات السلمية من الحكم العسكري إلى الحكم المدني نادرة، والنادر أن تحدث بهذه السرعة، ما يمثل بداية مبشرة للصعود إلى الديمقراطية في مصرquot;.
وتابعت قائلة: quot;نؤكد أن الجيش المصري يستحق الكثير من الاحترام والمصداقية، بعد أن سلم الحكومة للمدنيين وعاد لمهمته الأساسية في حماية البلاد، وليست هناك عودة إلى الحكم العسكري؛ لأن الجيش المصري يرفض الأمر بدرجة عاليةquot;.
ووفقاً للخبراء العسكريين، فإن حديث باترسون يعتبر تدخلاً في الشؤون المصرية، وتأكيداً على الدعم اللامحدود للإخوان، وقال اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكري، إن أميركا لديها مخطط لإغراق منطقة الشرق الأوسط في ما يمكن وصفه بـquot;الفوضى الخلاقةquot;، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن أميركا تحاول تدمير جيوش الدول العربية، وبدأت بالجيش العراقي، وها هي تدمر الجيش السوري.
مشيراً إلى أنها تحاول جر الجيش المصري إلى مناطق خطرة، والدخول في صدامات مع الشعب، من أجل استنزافه. ولفت إلى أن الجيش المصري يقف حجرة عثرة أمام أميركا ومحاولاتها إقامة قطبين دينيين في إيران الشيعية ودول الهلال الشيعي في العراق وسوريا، في مواجهة دول السنة في مصر والسعودية، وزرع الفتنة بين الجانبين من أجل إغراق المنطقة في الفوضى، وإنهاك أو القضاء على الجيوش العربية التي تمثل تهديداً لإسرائيل، أو تلك التي تتصدى لأطماعها في المنطقة.
ولفت إلى أن الجيش المصري بالفعل لن يعود إلى الحياة السياسية، إلا إذا وجد مصر على حافة الهاوية، مشيراً إلى أنه إلتزم بقواعد الديمقراطية، وسلم الحكم إلى الرئيس المدني المنتخب، مما يؤكد مصداقيته وعدم طمعه في السلطة، وأن يعلم دوره جيداً في حماية الدولة المصرية. ونبّه إلى أن الجيش المصري ليس في حاجة إلى أن تعلمه السفيرة الأميركية دوره المفترض القيام به.
فيما قال اللواء محمد الشريف، الخبير الإستراتيجي، إن تصريحات باترسون، جاءت تعقيباً على الدعوات المتزايدة من أجل عودة الجيش لإدارة شؤون البلاد، في ظل زيادة درجات السخط ضد حكم الإخوان، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن باترسون تحاول منذ مجيئها إلى القاهرة التدخل في الشؤون المصرية، والتعامل على أنها المندوب السامي الأميركي، وليست سفيرة لدولتها. ونوّه بأن تلك التصريحات تشير إلى انسجام واضح بين الإدارتين الأميركية والإخوانية، في ما يخص القضايا المهمة أو الإستراتيجية الأميركية في المنطقة.
وأوضح أن أميركا لا يهمها من الحكومة في مصر سوى أربع قضايا مهمة، الأولى ضمان أمن إسرائيل، والحفاظ على اتفاقية السلام، إضافة إلى الحفاظ على أن يظل تسليح الجيش المصري أميركياً في أغلبه، والاستمرار في الوساطة في القضية الفلسطينية، لضمان وجود طرف عربي مؤثر أو يمتلك تأثيرات على حماس، وضمان استمرار الملاحة في قناة السويس، ونبّه إلى أن الإخوان ليس لديهم أي خلاف حول هذه الملفات مع أميركا.
وأشار إلى أن تصريحات السفيرة الأميركية، تحمل في طياتها تحذيرات للجيش المصري من مغبة الانصياع للدعوات التي تطالبه بالعودة إلى الحياة السياسية، لاسيما أن ذلك السيناريو قد يتسبب في اندلاع أعمال عنف واسعة من جانب الإسلاميين، الذين يتشبثون بالحكم، ولن يتنازلوا عنه، إلا بعد إراقة بحور من الدماء.
أوضحت السفارة الأميركية أن تصريحات باترسون التي نسبت لها محرفة، ونشرت السفارة نص تلك التصريحات التي جاء فيها: quot;قال وزير الخارجية (الأميركي) جون كيري أمام الكونغرس الأسبوع الماضي: يحسب للجيش المصري تسليمه الحكم للمدنيين والعودة لمهمته الرئيسية في حماية البلادquot;.
وأضافت أن كيري شدد أمام الكونغرس على أنه quot;لا عودة للحكم العسكري في مصر نظرًا لرفض القيادات العسكرية المحترفة أصلاً لذلك، كما أنه لا عودة للحكم السلطوي مرة أخرىquot;. وتابعت تعليقاً على دعوات بعض قوى المعارضة للجيش بالتدخل لإزالة حكم الإخوان، بالقول: quot;التدخل العسكري ليس الحل، كما يدّعي البعض. الجيش المصري والشعب المصري لن يقبلا بذلكquot;.